رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ثورة الدبلوماسية الرقمية .. 3 تحديات تواجه الحكومات

بون: رشا عبدالوهاب
لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذى تلعبه حاليا الدبلوماسية الإليكترونية فى إعادة رسم العلاقات بين الدول، بل بين الدول وشعوبها.

إن الثورة الرقمية، التى تعلو أسهمها يوما بعد يوم، وضعت ملامح جديدة للسياسة، وجعلتها تسير على خط مواز لمواكبة تقدم وتطور هذه الثورة التقنية، وبالتالى لم تعد السياسة هى التى كانت تسود العالم خلال القرن الماضي، بل ثارت هى الأخرى على تقليديتها، وابتكرت طرقا جديدة للتواصل والحكم والعلاقات بين الدول.

وهنا، نطرح مجموعة من الأسئلة التى تفرضها معطيات الواقع الراهن، ومنها: هل يمكن أن يعلن الساسة نهاية الدبلوماسية التقليدية، التى تدور خلف الأبواب المغلقة، ولا يعرف كواليسها وخباياها سوى المفاوضون والدبلوماسيون، خاصة فى ظل صراعات وحروب تشعل العالم دائما؟ وهل يأتى يوم تحل فيه الدبلوماسية الرقمية/الإلكترونية/ الافتراضية/تويتر، أيا كان مسماها محل هذه الدبلوماسية فى العلاقات بين الدول، فى حل النزاعات والصراعات، وفى توقيع الاتفاقيات؟

والإجابة أنه بالتأكيد لن تعلن وسائل التواصل الاجتماعى نهاية أو موت الدبلوماسية بشكلها التقليدي، وهى الإجابة التى توصل إليها الحضور فى ورشات عمل «السياسة الخارجية فى 140 حرفا.. كيف تعيد التكنولوجيا تعريف الدبلوماسية؟» و»مواجهة ثقافات السلاح- التحديات أمام البحث والممارسة والإعلام والدبلوماسية»، والتى نظمتها مؤسسة «دويتش فيله» الألمانية خلال مؤتمرها الثامن الذى حمل عنوان «الإعلام والسياسة الخارجية فى العصر الرقمي».

وأكد البروفيسور جان ميلسين الباحث فى المعهد الهولندى للدراسات الدولية أنه «ليست نهاية الدبلوماسية كما كان يقال خلال فضيحة ويكيليكس، ولكنها نهاية الدبلوماسية التى نعرفها، الدبلوماسية تتغير، ويقوم الدبلوماسيون والساسة بل والمشاهير بتطويرها عبر استخدام «دبلوماسية تويتر»، وقياس زيادة عدد المتابعين على الإنترنت».

وعلى الرغم من وجود إيجابيات لهذه الثورة الرقمية إلا أن هناك سلبيات تفرض نفسها، وهو ما شدد عليه نيك جونيج المذيع الدولى بهيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سي»، والأستاذ الزائر بكلية كينج، بقوله إن «هناك فرصا ومخاطر يفرضها العصر الرقمى على السياسة، فكل شيء مرئي، وبالتالى خاضع للمساءلة»، مؤكدا أن «العالم يشهد نهاية التحكم الرسمى فى الفضاء الافتراضي، وحرب معلومات خاصة أن العامة يضغطون على الحكومات، وأن على هذه الحكومات اتخاذ قرارات خاصة فيما يتعلق بالحروب بناء على ضغط الشعوب، لكن القادة الأكثر وعيا لا يتسرعون فى اتخاذ مثل هذه القرارات».

ويضيف المذيع البريطانى أنها «علاقة جديدة بين من يحكمون ومن يحكمون. تأثير العامة على من يحكمون، والذين يمكنهم أن يروا كل شيء عبر الواقع الافتراضى على هواتفهم المحمولة، والأنظمة الحكومية لا يمكن أن تعمل بنفس السرعة. إن التحدى الرئيسى الذى يواجه السياسة الدخول إلى الفضاء المعلوماتى بثقة وإصرار، وتواجه الحكومات والإعلام 3 تحديات فى زمن الأزمات، الأول، كيف يمكن أن يكونوا أول من يدخلون إلى الفضاء الافتراضي، والثانى بأى سرعة يكون الرد، أما التحدى الثالث فيتمثل فى كيفية التحكم فى تدفق المعلومات بشكل يرضى توقعات وثقة العامة ويدعم الثقة فى المصداقية الحكومية فى الوقت نفسه.

إذن، الاعتراف الذى يجب أن يقدمه الساسة أن الثورة الرقمية غيرت قواعد عملية ممارسة السياسة الخارجية، وسمحت للاعبين جدد بدخول الساحة الدبلوماسية وبشرت بعصر جديد من الشفافية والمحاسبة للاعبين الحاليين، ليس للحكومة فقط بل للشركات وصناعة الإعلام.

لكن كيف يمكن أن تتم تنفيذ عملية الدبلوماسية الرقمية فى مناطق الصراعات والأزمات؟

تجيب ديبورا سيوارد مديرة شعبة الاتصالات الاستراتيجية فى إدارة الأمم المتحدة للمعلومات العامة بأن «الناس ينظرون إلى الأمم المتحدة من أجل حلول سريعة، وأن أحد التحديات التى تواجه ذلك أن هناك كمية هائلة من المعلومات تأتى من مصادر مختلفة، والتى تقود بشكل دائم إلى الحاجة الدائمة لمحاسبة المسئولين».

ويصف الدكتور تايلور أوين الأستاذ المساعد للإعلام الرقمى والشئون الدولية فى جامعة «بريتيش كولومبيا» بكندا هذه الثورة الرقمية فى مجال السياسة الخارجية بأنه «تحول فى بنى القوة يحدث نتيجة بنى متناسقة تسبب تغيرات كبرى فى السياسة الخارجية عبر تحدى المؤسسات الهرمية التقليدية، والتى فقدت الاحتكار الذى كانت تستغله من أجل موقف موحد، ودفع الناس من أجل فعل أشياء معينة، لكن هذا لم يعد يحدث، وهو ما يمثل تهديدا أساسيا لهذه المؤسسات».

وأشار إلى أن «هناك دورا مختلفا يقوم به الساسة والحكومات فى المجتمع، ونحن نعتمد عليهم لتوفير الخدمات الاجتماعية، والخطر أنه إذا لم تكن لديهم مرحلة انتقالية، فان هذا لا يعنى أن هذه الحكومات ستختفى بل ستصبح أقل كفاية وفعالية». والتحدى الثانى الذى تواجهه الدول أنه فى عصر الفضاء الرقمى للقوة، تدعم الوسائل التكنولوجية نفسها من تعتبرهم الدول كلاعبين سلبيين، مثل المنظمات الإرهابية وتجار السوق السوداء، والذين يحصلون على قوتهم بنفس المقدرات والتكنولوجيات التى تدعم الأشياء التى نعتقد أنها إيجابية على الإنترنت، التجارة الإلكترونية وحرية التعبير والنشاط السياسي، الذى تستخدم الأدوات نفسها.وبالتأكيد حصل مصطلح الدبلوماسية الرقمية أو الإلكترونية على صك اعتراف دولى من قبل الحكومات حيث اعتبرته وزارة الخارجية البريطانية بأنه حل لمشكلات السياسة الخارجية باستخدام الإنترنت، بينما أطلقت عليه الولايات المتحدة اسم «الكفاءة السياسية للقرن الحادى والعشرين»، وسمته وزارة الشئون الخارجية والتجارة والتطوير الكندية «السياسة المفتوحة».

وكانت الخارجية الأمريكية أول وزارة فى العالم تعتمد على هذا النوع من الدبلوماسية، وأسست قوة عمل معنية بالدبلوماسية الإلكترونية فى 2002، ثم أطلقت على هذه القوة مكتب الدبلوماسية الإلكترونية، وتضم فريقا من 80 شخصا. وتعتبر السويد من أكثر الدول نشاطا فى الترويج للدبلوماسية الرقمية خصوصا من خلال استراتيجية اتصالات رقمية لوزير الخارجية كارل بيلدت الذى يعتبر الأكثر استخداما لموقع التواصل الاجتماعى «تويتر».

لكن التغير الأكبر كان فى 2011، مع انطلاق شرارات الثورات العربية، حيث كان الإنترنت المحرك لأخبار الميادين حول العالم، وهو ما دفع الدبلوماسيين إلى استخدام وسائل التواصل من أجل توصيل رسائلهم. العشرات من وزراء خارجية الدول لديهم حسابات رسمية على تويتر إلى جانب الحسابات الشخصية.

وعلى الرغم من استخدام التقدم التكنولوجى فى مجال الدبلوماسية، فإنه لم يسهم فى تحسين صور الدول أمام الرأى العام العالمي، ودليل ذلك الاستطلاع الذى أجرته هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى فى 2013 حيث انخفضت شعبية الولايات المتحدة 7 درجات مئوية منذ 2009 وحتى 2012، على الرغم من نشاطها القوى على وسائل التواصل الاجتماعي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق