ويكفى أن نراجع تصريحات نقيب الدعاة السيد محمد البسطويسى منذ أيام، التى قال فيها إن وزارة الأوقاف لاتملك من يضاهى محمد جبريل! وليس عندها إمام واحد يصلى خلفه عشر من يصلون خلف جبريل! كما وجه اللوم إلى وزير الأوقاف على قراره بوقف جبريل عن الإمامة فى مساجد مصر لأن ذلك من شأنه ـ كما يقول ـ أن يجعل الناس تتعاطف مع الموقوفين.
وسؤالى إلى النقيب: هل نقف نحن المسلمين خلف الإمام للصلاة، وتدبر آيات القرآن، وترديد الدعوات أم نقف لنستمتع بحلاوة الصوت والمؤثرات الصوتية، وتلحين الكلمات، ودغدغة المشاعر؟ وهل أصبحت قراءة القرآن منافساً للأغانى فى المناسبات، ثم أليست لهذه القراءة، آداب من القارئ والمستمع على حد سواء؟ وهل يرضيه مايحدث حتى الآن فى كثير من مساجدنا من أصوات عالية تستحسن القارئ فى تلحينه لكلمات القرآن الكريم؟
وهل يتفق ذلك مع قول الحق «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا..»
ثم نأتى إلى لب الموضوع وهو الخاص بدعاء القنوت، والذى استغله جبريل أسوأ استغلال فى إيصال رسائل سامة، وتلميحات كريهة ضد مؤسسات الدولة، ومسئوليها بصورة تبتعد بنا تماما عما كان يجب أن يقال فى هذه الليلة المباركة، ولعل جبريل لايعلم أن القنوت فى اللغة يعنى ضمن ما يعنى الطاعة، والسكون، وطول القيام فى الصلاة.. والذى يختلف تماما مع ما تفوه به، وألمح إليه، منتهزا فرصة وجود آلاف المصلين خلفه.
والسؤال الآن: من سمح لهذا الرجل بهذه المهمة، ونحن جميعا نعلم مدى تعاطفه مع الجماعة الإرهابية التى أساءت إلى الإسلام بأكثر مما أساء ألد الأعداء؟ وإلى متى سوف تستمر حالة الإهمال، واللامبالاة بين بعض القيادات التى لاتعى حجم المسئولية الخطيرة الملقاة على عاتقها فى هذه الأوقات العصيبة؟
اننى أطالب الجهات المسئولة، كل جهة فى موقعها، بوضع جدول زمنى محدد لجميع المسئولين للتخلص من العناصر التى لاتريد خيرا لهذا البلد.
والتى تسعى إلى الخراب والدمار باسم الدين، وهو منها براء.
كما أطالب وزير الأوقاف وشيخ الأزهر بضرورة مراجعة السمعة الشخصية، والتاريخ المهني، والمؤهل العلمي، لكل من يتصدى لمهمة الدعوة الدينية.. وأطالب المسئولين بإعادة النظر فى قرار السماح لمن يسمون بالسلفيين باستخدام المنابر، خاصة فى القرى والمراكز بريف مصر وصعيدها، حيث تكون نسبة الأمية الأبجدية، والأمية الدينية مرتفعة.. فكثير منهم يخطئ فى اللغة العربية، ويستمد مصادره من الكتب الصفراء الدخيلة على الفكر والتراث الإسلامى الصحيح، ويعتمد فى الأساس على لحيته الكثيفة، وجلبابه القصير، ووجهه المتجهم!
إن تغيير الخطاب الدينى لكى يتناسب مع متطلبات العصر هو أمر فى غاية الخطورة، وهو ليس أبدا فى يد رجال الدين وحدهم، ولكنه مسئوليتنا جميعا، من أجل تنقية تراثنا العريق من الشوائب الضارة لكى يعود الإسلام كما أراده الله سبحانه وتعالى هدى ورحمة للعالمين.
د. صلاح الغزالى حرب