ويقول الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء، إن الأعياد فى الإسلام لها معان كثيرة في نفوس المسلمين بدءا من شيوع البهجة والسرور بين الناس إلي الفرح بطاعة أوامر الله وانتصار النفس وتغلبها علي شهواتها وكبح جماحها, والتضحية في سبيل تحقيق مرضاة الله تعالي، ولعل الصبر على متاعب الحياة وتردى الأحوال المعيشية بين الناس،مع احتمال اداء فريضة الصيام فى شدة الحر، لاشك ان ثوابه عند الله عظيم، وتكفى من البشرى للإنسان المسلم، انه حين يعلم ان الله سبحانه وتعالى تكفل بمجازاة ثواب الصائم بنفسه، كما جاء فى الحديث القدسى «كل عمل ابن آدم له الا الصوم فإنه لى وأنا اجزى به».
فرح مباح
وأوضح ان فرحة المسلمين تتنوع فى العيد مابين الفرح والمرح المباحين، والعبادة بشتى أنواعها التى تبدأ فى ذلك اليوم بصلاة العيد مع الإمام وجميع المسلمين، وأيضا ذكر لله وصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، واستغفار وتوبة وأيضا عمل وإخراج زكاة الفطر للفقراء، حيث قال صلى الله عليه وسلم «اغنوهم فى ذلك اليوم»اى اغنوا الفقراء عن السؤال فى يوم العيد وذلك بإخراج زكاة الفطر لهم قبل صلاة العيد.
وأضاف: أن العيد فرصة يجب اغتنامها علي الوجه الأكمل في التسامح مع النفس ومع الآخرين, والأقارب خاصة والناس عامة, ويجب ألا نتوقف كثيرا أمام السلوكيات الخاطئة من الآخرين تجاهنا, ولنا في رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ القدوة والأسوة الحسنة في العفو عمن ظلمنا ووصل من قطعنا وإعطاء من حرمنا والإسراع في التنافس في أعمال الخير ابتغاء مرضاة الله تعالي، مشيرا الى أن العيد يأتي دائما ليذكرنا بسنة الرسول الكريم ـ صلي الله عليه وسلم ـ في معاملاته مع أهل بيته وأزواجه وأقاربه وصحابته سواء في استقبال العيد أو خلال أيامه مما يعكس سماحة الدين وسموه ورفعة شأن أتباعه وحتى يعلم أهل الكتاب أن في ديننا فسحة.
عدم الإسراف
وفى سياق متصل، يؤكد الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، أن مظاهر الإنفاق في الأعياد, بقدر كونها مظهراً من مظاهر التوسعة بين الأهل والأقارب, فإنها في الوقت نفسه لابد أن تذكرنا بصفات عباد الرحمن التي جاء ذكرها في كتاب الله ـ تعالي « والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما» أي عدم الإسراف في الإنفاق لأن الإسراف نوع من التبذير الذي نهي عنه الحق ـ تبارك وتعالي حيث قال: «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا» ،فلا تخرجنا فرحة العيد عن التمسك بهدي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ في كيفية التوسط في الإنفاق.
وأضاف : أننا في العيد نجد فرصة كبيرة للتزاور مع الأقارب والجيران والأصدقاء, مما يزيد من أواصر المحبة والأخوة بيننا, خاصة في تلك الأيام التي طغت فيها السلوكيات المادية الدخيلة علي مجتمعنا، كما نجد في التقاء الأهل والأقارب يوم العيد مناسبة لحل مشكلاتنا الأسرية, وتعارف أبنائنا الصغار علي ذويهم من الأقارب مما يمثل إعدادا لهم لتحمل المسئولية في المستقبل، موضحا ان عيد الفطر يذكرنا بمغفرة الله للمسلمين الذين التزموا بطاعة الله واجتنبوا محارمه طوال الشهر الكريم، ونحن لا نكون مبالغين اذا قلنا ان العيد في الإسلام هو مدرسة «العفو والتسامح» الذي لا ينتهي بانقضاء أيامه ولياليه بل هو مستمر طوال العام وملازم للإنسان.
وأشار إلى أن من حق المسلم ان يفرح فى ذلك اليوم، ومن المعلوم أن للمرح واللعب المباح والترويح عن النفس نصيبا كبيرا في أعياد الإسلام لتأكيد أنه الدين الخاتم وليعلم أهل الكتاب أن في ديننا فسحة، ولم لا فقد أمر بالصيام فصام وأمر بالقيام فقام وأمر بإخراج زكاة الفطر فأخرجها فاستحق اليوم جائزة ربه، حيث ان هذا العيد يسمى فى السماء بيوم الجائزة، تنادى فيه الملائكة عباد الله المؤمنين هلموا الى رب غفور شكور يغفر الذنوب ويستر العيوب، فالتزم أخى المسلم بآداب ذلك اليوم حتى تنال مغفرة الرحمن وجائزته، وتكون من السعداء الذين قبل الله صيامهم وقيامهم وصدقاتهم، كما يجب عليك ان تنتبه واحذر أن يفتنك الشيطان فى هذا اليوم، ويغريك بالمعاصى والشهوات، والتزم بذكر الله وليكن عيد الفطر المبارك فرصة لتكوين شخصيتك من جديد أساسها تقوى وطاعة المولى عز وجل، غذاؤها القرآن الكريم،وماؤها محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وثمرتها المعاملة الطيبة والحسنة مع الناس أجمعين دون تفرقة أو عنصرية.