فمن جهته أوضح الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث أن دول مجلس التعاون الخليجى كانت على ثقة بحتمية التوصل إلى هذا الاتفاق نظرا لوجود رغبة أمريكية واضحة خاصة لدى الإدارة الحالية¡ لذلك رحبت دول مجلس التعاون الخليجى بهذا الاتفاق من حيث المبدأ، كما إنها دعمت المسار التفاوضى منذ بدايته ولم تعترض عليه لأنها تدرك أن البدائل ستكون محفوفة بالمخاطر.
ويشير رئيس مركز الخليج للأبحاث أن ما ترغب به دول مجلس التعاون هو توقيع اتفاق قابل للتطبيق الفعلى ويحول دون عسكرة هذا البرنامج إلا أنها ليست على يقين أن هذين المطلبين الأساسيين سوف يتحققان من خلال هذا الاتفاق خاصة. مشيراً إلى أن القلق الذى يساور دول الخليج يكمن فى ممارسات إيران خاصة أنها لا تحترم الاتفاقيات والقوانين الدولية وتعمد إلى التسويف والمراوغة والتهرب ، إضافة إلى سياساتها الإقليمية التدخلية فى شئون الدول الأخرى وهذه الممارسات أدت إلى عدم الثقة فى احترام إيران لتعهداتها تجاه جيرانها وحيال المجتمع الدولى لذلك فإن آلية المراقبة والتطبيق ستكون مهمة صعبة، إضافة إلى أن القيود التى فرضها الاتفاق على طهران لضمان سلمية هذا البرنامج هى قيود مؤقتة وذات إطار زمنى محدد ولست دائمة و تتراوح مدتها بين 10 و15 سنة فقط وهنا تسأل دول جوار إيران ماذا بعد انتهاء هذه الفترة ؟ خاصة فى ظل تمكن طهران من استكمال البحوث لتطوير قدراتها النووية الأمر الذى سيجعلها قادرة على امتلاك قدرات نووية متطورة حال انتهاء فترة فرض القيود وهنا تكمن حقيقة المخاوف. واختتم الدكتور عبد العزيز بن صقر بقوله إن التحدى الحقيقى هو تعامل المجتمع الدولى مع سياسة إيران التوسعية وتدخلها فى شئون الغير ، لذلك فإن دول مجلس التعاون الخليجى تطالب المجتمع الدولى وخاصة الغرب بالتعامل الصارم مع سياسة طهران الإقليمية التى تعد مصدراً أساسياً لعدم الاستقرار السياسى والأمنى فى المنطقة.
وعلى الصعيد نفسه قال الدكتور أيمن فاضل عميد كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبد العزيز فى جدة إن الاتفاق النووى الإيرانى لم يكن مفاجئاً لكنه يبدو غريباً، والأكثر غرابة هو إصرار الرئيس الأمريكى أوباما على إبرام هذا الاتفاق بسرعة قبل أن تنتهى مدة ولاية الرئاسية الثانية ليكون قد حقق انجازاً، وأعرب الدكتور أيمن فاضل عن أمله ألا يكون هذا الاتفاق على حساب دول مجلس التعاون الخليجي، وألا يكون بداية جديدة لعدم استقرار المنطقة التى تشهد أحداثاً ساخنة، مؤكداً أن دول مجلس التعاون الخليجى ليست ضد البرنامج النووى السلمى الإيرانى لكن ضد أن تستخدمه طهران كأداة للهيمنة وفرض النفوذ على حساب الدول الأخرى ما يهدد استقرار منطقة الخليج.
ودعا الدكتور أيمن فاضل المنظمة الدولية للطاقة النووية أن تمارس دورها فى مجال التفتيش والمراقبة وأن يمارس المجتمع الدولي، والأمم المتحدة مراقبة السياسات الإيرانية سواء فيما يتعلق بالبرنامج النووي، أو فيما يتعلق بقوتها التقليدية ومحاولاتها التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى¡ ومطالبتها بالكف عن دعم الأنظمة القمعية مثل نظام بشار الأسد وكذلك دعم الميليشيات المسلحة فى المنطقة كما هو حال ميليشيات الحوثى فى اليمن.
ودعا الدكتور أيمن فاضل دول مجلس التعاون إلى الإسراع فى تشكيل الاتحاد الخليجى وتفعيل القوات الخليجية المشتركة بغرض الدفاع.
وهنا لا يمكن أن نغفل فى الرسائل الحازمة التى وجهتها السعودية على لسان مصدر مسئول مساء أمس الأول بعد ساعات من الإعلان عن الاتفاق وتضمنت عدة أمور عدة أهمها أن المملكة كانت دائماً مع أهمية وجود اتفاق حيال برنامج إيران النووى يضمن منع إيران من الحصول على السلاح النووى بأى شكل من الأشكال¡
والرسالة الثانية أن المملكة تشارك المجتمع الدولى باستمرار العقوبات المفروضة على إيران بسبب دعمها للإرهاب وانتهاكها للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالتسليح.
والرسالة الثالثة تعنى أنه فى ظل اتفاقية البرنامج النووى فإن على إيران أن تستغل مواردها فى خدمة تنميتها الداخلية وتحسين أوضاع الشعب الإيرانى عوضاً عن استخدامها فى إثارة الاضطرابات والقلاقل فى المنطقة. الأمر الذى سيواجه بردود فعل حازمة من دول المنطقة.اما الرسالة الاخيرة فجاءت لتؤكد على أن إيران باعتبارها دولة جوار فإن المملكة تتطلع إلى بناء أفضل العلاقات معها فى كافة المجالات ، والمبنية على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل فى شئون الاخرين.