هو العملُ المُختَصُّ بالعِبادة، والمُتعلِّق منه بأركانِ الإسلام من صَلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍّ وعُمرةٍ، وأنَّ المُسلمَ إذا أدَّى ما عليه من فرائضَ وسُنَنٍ ومندوبات فقد أصبَحَ فى حلٍّ من أن يَعمَلَ أو لا يَعمَل، أو يَتكاسَل فى عَمَلِه، أو يَخُونَ الأمانةَ فيما أُسنِدَ إليه من أعمالٍ تتعلَّقُ بحياةِ الناس ومجتمعهم.
وأضاف الإمام الأكبر إنَّ هذا الاعتقادَ الخاطئٌ، يَقَعُ فيه - للأسف - كثيرٌ من العامِلين والمُوظَّفين والمسئولين وأساتذةِ الجامعات والطلاب والطالبات، بل وكثيرٌ من العُلَماء الذين يَتَصدَّرون لتعليم الدِّين للناس ونذروا أنفسهم للدعوة إلى الله، وشيئًا فشيئًا تكرَّس فى وجداننا هذا الانفصام الرديء المغلوط، بين قِيمَةِ العبادات، وقِيمَةِ العملِ مع تساويِهِما فى المسئوليَّةِ أمامَ الله تعالي،إنَّ هذا القُرآنُ الكريمُ الذى أُنزِل فى ليلة القدر وردت به كلمةُ «العمل» ومُشتقَّاتها فى (371) آية من آياتِه الكريمةِ.. وقد وردت كلُّها بمعانٍ مُطلَقة تسوِّى بين أعمال العبادات وأعمال المُعاملات فى التكليف وفى المسئولية وفى الجزاء.
كما أوضح شيخ الأزهر أن الإسلام لم يُفرِّقُ فى نَظرتِه للعمَلِ بين نوعٍ ونوعٍ، يَنظرُ لأحدِهما نظرةَ تقديرٍ واحترامٍ، وينظُر للآخَر نظرةَ استعلاءٍ واستِهجانٍ، فلا فرقَ فى قيمةِ العمَلِ فى الإسلام بين أعمالٍ مِهْنِيَّةٍ أو تجاريَّةٍ أو إداريَّةٍ أو زراعيَّةٍ أو صِناعيَّةٍ، وإن كُنَّا نلمحُ بوضوحٍ أنَّ النبيَّ كان يَنحازُ إلى العمَلِ اليدويِّ ويخصُّه بمزيدٍ شرَف وفضلِ ،وقد سجل التاريخ أنَّ الإسلام حين ظهر للوجود قضى على هذه التفرقة، ورفع من شأن العمل أيًّا كانت صورته، وأنَّ نبى الإسلام كان يفخر بأنه أجيرًا فى مهنة الرعي، وتاجرًا لخديجة أم المؤمنين رضوان الله عليها.. كما كان يفخر أيضًا بالعمل فى خدمة أهله بالمنزل، وبمشاركته أصحابه فى حفر الخندق حول المدينة فى الغزوة المعروفة.
كما ناشد الإمام الأكبر المصريين قائلا :إنَّ واجب الشَّرع والوطن يُلقى على عواتقكم مُهِمَّة ثقيلة اختاركم الله لها، وهى أن تُقدِّموا أقصى ما تستطيعون، بل كل ما تستطيعون من الجُهد والعَرَق من أجل رفعة هذا الوطن الكريم، وأضاف إنَّ مصرنا فى أمَسِّ الحاجة فى هذا الوقت الصَّعب إلى الأيادى الخَشِنة وإلى العزمات الصَّادقة وإلى التَّضحية والجَد والعَرَق والبَذل والفِداء، وذلك حتى تنهضُ مِصرنا العزيزة من كبوتها، وتتَمَكَّن من تجاوز هذا الظَّرف الرَّاهِن الذى تَنُوءُ به.. وعلى جميع فئات الشَّعب أنْ تتَـكاتَف وتَقِف صَفًّا واحِدًا لِتُجَابِه قُوَى الشَّرِّ والطُّغيان التى تَـكيد لهذا البلد العريق، بل تَـكيد لديننا الحنيف نفسه، ولتقاوم هذا الإرهاب اللَّعين.