طول مدة التقاضي ، حجم الدعاوي والشكاوي ، نقص عدد القضاة، نقص الخبرة، قاعات المحاكم غير صالحة للاستخدام الآدمي، إرهاب القضاة والتعدي علي المحاكم، و عدم المساواة في الرواتب، في السطور التالية نطرح تلك التحديات وكيفية التغلب عليها علي رجال القضاء حتي تصبح هناك عدالة ناجزة في مصر.
ان أهم المشاكل التي تواجه المنظومة القضائية، مشكلة بطء التقاضي، فعلي الرغم من أن هذه المشكلة موجودة في جميع دول العالم، إلا أنها تزداد تعقيدا في مصر، حتي وصل الأمر ببعض الدعاوي والقضايا أن تظل منظورة أمام المحاكم لفترات زمنية طويلة تصل لربع قرن.
كما ان هناك محاولات لحل تلك الأزمة من خلال تقدم وزير العدل المستشار أحمد الزند بقانون لتقليل مدة التقاضي بحيث تصبح محكمة النقض هي محكمة الموضوع في أول مرة يحال إليها الحكم دون أن تعيد القضية إلي محكمة الجنايات في المرة الأولي لإعادة المحاكمة، بحيث تنظر محكمة النقض الطعن والموضوع ويصبح حكمها الصادر من البداية نهائيا ويتم تنفيذه.
ومن بين أحد أسباب طول مدة التقاضي هي نقص عدد القضاة مقارنة بزيادة عدد القضايا المتداولة والمنظورة داخل محاكم الجنايات والابتدائية والجزئية والأسرة، والتي يتراوح عددها بحسب تقديرات القضاة أنفسهم، ما بين 16 إلي 18 مليون قضية، فضلا عن الدعاوي والطعون المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري ومجلس الدولة، هذا في مقابل عدد القضاة الذين لا يتعدون الـ15 ألف قاضٍ.
غير أن أزمة بطء التقاضي في مصر ليست المعوق الوحيد أمام عمل القضاة، ولكن هناك مشاكل أخري تتمثل في التشريعات الموجودة والقوانين التي مضي علي إصدار بعضها 100 عام، ويصعب علي المتخصص فهمها أو حصرها بشكل يسمح معه بإصدار الحكم المناسب، كما أن بعض موادها وإحكامها متناقضة، لدرجة أن هناك تشريعا قد يبرئ متهما، وتشريعا آخر يدينه.
وفي السياق ذاته فإن المحاكم تعاني من أزمة أرشفة القضايا التي تم الانتهاء منها، ويبذل وزارء العدل جهودا في العمل علي ميكنة المحاكم والشهر العقاري التابع لوزارة العدل، لتسهيل عمل القضاة والمتقاضين، في إقامة الدعاوي من خلال ربط المحاكم ببعضها البعض إلكترونياً، بحيث تكون الأحكام مفهرسة علي أجهزة الحاسب الآلي، ويستطيع أكثر من ثلاثة آلاف قاض الاطلاع علي القضايا في أي وقت.
كما أن التحديات التي تعوق القاضي عن أداء واجبه في تحقيق العدالة هي قوانين الإجراءات التي مضي عليها أكثر من 50 عاما و لا يزال يتم تطبيقها، والقاضي محكوم بتنفيذها ويمارس دوره من خلال الإجراءات التقليدية التي وضعت في القرن الماضي، ويتم نظر 25 مليون قضية في العام ينظرها 7 الآف قاض فقط وهذا رقم متواضع جدا ولا بد من زيادة أعداد القضاة بشكل عاجل علي الأقل 5 الآف قاض حتي تتحرك العدالة قليلا في مصر فهناك بعض القضاة ينظرون 500 قضية في الجلسة الواحدة وهذا جهد فوق العادة .
وقال الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق السابق أن كليات الحقوق تقدم المعلومات الأساسية التي تعد المحامي والمحقق والقاضي الناجح، ولكن كثرة أعداد الطلاب داخل كليات الحقوق يقينا لا تؤدي الي إتقان العملية التعليمية، ومن الناحية أخري فإن الطلاب بعد التخرج من الكلية لا يقومون بالاستمرار في عملية الحصول علي المعلومات والدراسة والتعمق في الدراسة العلمية للاستفادة منها واكتساب الخبرات.
وأشار كبيش الي أحد أسباب تناقض الأحكام السبب في أن كثيرًا من الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات والجزئية والتي يتم نقضها بكل سهولة ويسر، أن معظم من أصدروها من شباب القضاة الذين ليسوا علي قدر من المهارة الكافية، ولم يصلوا للدرجة الفنية التي تؤهلهم لإصدار أحكام غير قابلة للنقض، وهو ما يحتاج إلي تدريب مكثف، ليمكنهم من العمل علي المنصة بشكل أفضل.