رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

د. جابر نصار رئيس جامعة القاهرة:
أتحدى من ىقول أن محكمة النقض أصدرت حكما على خلاف المبادئ

حوار: كريمة عبد الغنى تصوير: محمد مصطفى
فى حوار لا تنقصه الصراحة مع الدكتور جابر نصار الفقيه الدستورى ورئيس جامعة القاهرة فتح كتب التاريخ ليقرأ لنا صفحات بعنوان صلابة هذه المؤسسة وقدرتها على المواجهة،

وفشل جميع رؤساء مصر فى اختراق وتطويع القضاء والسيطرة عليه، ودوره فى مواجهة الاحتلال وبناء دولة قضاء مستقل، كما توقف كثيرا عند اكاذيب وتضليل قوى خارجية أرادت زورا وبهتانا التشكيك والهجوم على الاحكام القضائية التى تصدر ضد الارهاب.

واستعرض الفقيه الدستورى العديد من الملفات المهمة فى التوقيت الأكثر أهمية لنعرف الحقائق بلا تشويه، وادعاءات كاذبة يسعى إليها المغرضون.

وجاءت بداية الحوار بسؤال:

 ما المكانة التى يشغلها القضاء المصرى وما الخصوصية التاريخية من وجهة نظرك؟

خصوصية القضاء المصرى أن له جذورا تاريخية عريقة ، يكفى أن نعلم أن أحكام  مبادئ بالقضاء المصرى تدرس فى أكبر الأكاديميات القانونية بالعالم ، فأحكام محكمة النقض  والاستئناف والقضاء الإدارى كانت تترجم للغات الانجليزية والفرنسية والألمانية وتدرس حتى الآن فى تلك الأكاديميات  ،  وفى مصر محكمة دستورية تعد المحكمة الثالثة على مستوى العالم  من بين أكثر 120 محكمة دستورية، وتتميز الدستورية من نواحى معايير الاستقلال  والمعايير الفنية فى إصدار الإحكام  والكفاءة والمهنية وقانونها .

ما أهم المراحل التاريخية فى سيرة القضاء المصرى ؟

القضاء الحديث فى مصر مع بناء الدولة الحديثة في عهد محمد علي ومثلت السلطة القضائية ضلع أساسى ومهم فى الدولة المصرية ، وهى مؤسسة وطنية من الطراز الأول، وفى كل الأوقات أثبتت وطنيتها وقدرتها عن الدفاع عن مقدرات هذا الوطن والحقوق والحريات ،كما أنها مؤسسة مشهود لها تاريخيا بالكفاءة والاستقلال ، وأهم ما يميزها والضلع الأهم فيها  ألا وهو العنصر البشرى الممثل فى القاضى المصرى الذى يتكون يقينه دائما على حب العدل والوطن والدفاع عنه  ،ولذلك كان دائما للقضاء المصرى دورا أساسيا فى حراسة هذا الوطن وفى بناء نهضته الأساسية ، وعندما حدث الاحتلال الانجليزى لمصر عام 1882 وبدأ الاحتلال الأجنبى محاولة تطويع المؤسسات المصرية لخدمة المحتل فكان القضاء المصرى يقف موقفا صلبا ضد اختراق المحتل.

وهل استكان الاحتلال  للموقف الصلب للقضاء المصرى أم انه وجد حيلا أخرى لاختراقه؟  

ـ ظل الاحتلال عشرات السنين يكرر محاولات الاختراق للقضاء وتطويعه لاستخدامه لإخضاع الشعب المصري والوقوف ضد مصالحه، واستخدم المحتل لتحقيق ذلك إجراءات كثيرة جدا ولكنه لم ينجح، وهو الأمر الذى جعل الاحتلال الانجليزى يلجأ لحيلة إنشاء مسار قضائي أخر مزدوج أطلق عليه القضاء المختلط وهذا لعدم تمكنه من اختراق القضاء المصرى ، والغريب أنه فى ظل هذا الاحتلال عُرفت مصر بنهضة قانونية لم تعرفها دول كثيرة ومنها الدول الأوروبية، حيث برع أبناء هذا الوطن فى صناعة القانون، والقوانين المنظمة، وكانت دائما ما تستخدم الثقافة القانونية والقضائية كثقافة مناهضة للاحتلال الانجليزي، وبينما كان ذلك الاحتلال يسعى لبسط ثقافته القانونية الانجلو سكسونية وفقا للنظرية القانونية الشهيرة فى بريطانيا، والتى تمكنت من فرضها بكثير من الدول التى احتلتها وعلى رأسهم الولايات المتحدة والتى مازالت تسير وفق هذه النظرية حتى وقتنا هذا ، فلا يستطيع أحد أن ينكر تأثيرات الاحتلال ثقافيا، والقانون جزء مهم جدا ومهيمن على المكون الثقافى لكل أمة وشعب، فالدول التى احتلتها بريطانيا سواء في  الأمريكتين أو إفريقيا واسيا كانت دائما الشخصية الانجليزية تفرض سيطرتها وحدث ذلك بالنسبة لفرنسا بشمال إفريقيا .

وكيف تمكنت المؤسسة القضائية مقاومة الاحتلال ومنعت تغلغل الثقافة الانجليزية؟

ـ المقاومة تمت من كل المؤسسات المصرية وفى مقدمتها المؤسسة القضائية والقانونية  ومقاومتها كانت مثيرة للإعجاب، رغم أن هذا الجزء لم ينال حقه من الدراسة التاريخية له، للوقوف على كيفية استخدام المصريين للقانون، وكيف تحصنت المؤسسة القضائية بثقافتها ووطنيتها وأن تكون شوكة فى ظهر المستعمر آنذاك، وفى الوقت الذى فرض المستعمر قانونه على الدولة، كانت الثقافة المصرية القانونية كنوع من المقاومة تتجه إلى الثقافة القانونية اللاتينية والتى تتبع المدرسة الفرنسية، فالقضاء يمثل عمق الدراسات القانونية، لان القاضى هو الذى يتعلم القانون ويستمر فى قراءته ويحوله من نصوص قانونية إلى أحكام ثم إلى ثقافة والى حياة ولذا كانت مؤسسة القضاء ضلعا أساسيا من منظومة القانون التى تقاوم المحتل، والذى لم يتمكن من إخضاع المحاكم المصرية المستقلة لرغباته وفى ذات الوقت لم يكن لديه استعداد أن يدعها تحاكم الأجانب دون تدخل منه وهو الأمر الذى جعله يضطر للجوء لمسار موازى وينشأ فكرة المحاكم المختلطة ،وإدخال عنصر أجنبى للمحكمة ليسر له رغباته، غير أن الغريب فى الأمر أن هذه المحاكم المختلطة ووفقا لقراءة تاريخها الذى يقدر بثلاثين عاما، يتضح أن  السنوات الأخيرة لهذه المحاكم اتجهت للتأثر بالمحاكم المصرية، ولذا ظل القضاء المصرى حاميا  للسيادة الوطنية ولوجود الدولة المصرية  باعتباره سلطة أساسية من السلطات، ولذلك كان ولازال محلا لكل من يستهدفون الأمة والدولة المصرية ويريدون لها التفتيت.

ما تفسيرك لسر هذا الاستهداف الدائم وعبر التاريخ للقضاء بالتحديد؟

ـ هذا لأنهم يدركون أن وجود السلطة القضائية المصرية موحدة يزيد من قوة وهيبة الدولة، ويستهدفونها فى محاولة منهم لتفتيت الدولة .

ما الدور الذى يمكن أن يلعبه القضاء فى بناء الدولة الحديثة؟

ـ الدولة الوطنية الحديثة تقوم على محورين أساسيين، أحدهما يقوم على مظاهر السيادة فى بناء الأمم، والممثلة فى القوة العسكرية وتوزيع العدالة بين المواطنين والتى تعبر عنها السلطة القضائية والقوات المسلحة والشرطة، وفى حال انكسار تلك المظاهر فلا وجود للدولة، فلا أحزاب سياسية ولا مؤسسات فردية بإمكانهم قيام دولة، وخير دليل لذلك المشاهد التى نتابعها فى ليبيا والعراق وسوريا، لا وجود فيها للقضاء أو الجيش أو الشرطة ولذا سقطت هيبة الدولة وبنيانها لعدم تمكنها من إقامة قضائها أو من وجود جيش يحميها من الخارج وشرطة تحميها بالداخل وهذه مظاهر فكرة وجود السيادة بالدولة ، لان انهيار ضلع من هذه  الأضلاع  يؤدى لانهيار الدولة ، وهذا سر عداء الإخوان والجماعات المتطرفة للمحاور الرئيسية للدولة بهدف كسر هيبة وقوة ونفوذ  الجيش والقضاء  وهما الضلعان الأساسيين للدولة والقائمين على حماية والدفاع عن جميع مؤسسات الدولة وشعبها  .

ما دور القضاء فى صيانة الحريات العامة والفردية فى الدولة؟

ـ يجب ألا ننسى أحكام القضاء المصرى فى مواجهة تزوير الانتخابات ، والقرارات التى كانت تصدر لمصادرة الحقوق والحريات،كما أن مجلس الدولة تحديدا لعب دورا خطيرا فى هذا الأمر ، وكذلك أحكام المحكمة الدستورية العليا والتى تعد أكثر حماية لأحكام الحقوق والحريات من المحكمة الدستورية العليا بأمريكا ،وهذا دلل عليه بدراسات للدكتوراه فى كلية الحقوق والتى من خلالها تم تحليل أحكام المحكمة الدستورية العليا بالمقارنة بقضاء المحاكم الدستورية فى الدول المختلفة ،فدور القضاء المصرى فى حماية الحقوق والحريات يشاد به ، وخير دليل على ذلك أننا رغم أننا نمر بحالة استثنائية وجرائم استثنائية إلا أن المحاكمات جميعها تتم وفق القانون والإجراءات العادية

وماذا تقول عن الانتقادات الخارجية للأحكام القضائية تجاه الإرهابيين ؟

ـ المشكلة الأساسية  إننا خاضعين  لفكرة الكيل بأكثر من مكيال ، ويدعم ذلك التقصير من جانبنا فى الدفاع عن موقفنا السليم.

هل لديكم رؤية لكيفية تسويق قضاءنا بصورته الحقيقة ودحض الادعاءات الكاذبة عنه ؟

ـ من يهاجموا القضاء المصرى من الممكن أن يكون عندهم عدم وعى بتاريخ القضاء المصرى ، وعدم إدراك لكيفية عمل هذه المنظومة ، فهل يتصور هؤلاء أن محكمة النقض الآن تحكم بمبادئ قضائية أقرت منذ أكثر من مائة عام ،ولذا عندما تحكم أو تؤيد حكم على الإخوان أو على غيرهم، فهى تحكم وفق مبادئ مستقرة منذ أكثر من 120 عاما،ومن يرى الأحكام سيتيقن أنها تسير وفق المبادئ القضائية، وأتحدى أى شخص يقول أن محكمة النقض أصدرت حكم على خلاف المبادئ التى تسير عليها منذ خمسين سنة، إلا إذا اجتمعت كل أعضاء محكم محكمة النقض ويتداولوا لتغيير المبدأ، وإن لم تحدث هذه الآلية وصدر حكم على خلاف تلك المبادئ يجوز وقتها القول عنه أنه مسيس، ولدحض الادعاءات الكاذبة عن القضاء المصرى أطالب المثقفين بأهمية تشكيل لجنة للدفاع عن القضاء واستقلاله  في الخارج، ويتم من خلالها ترجمة الأحكام التى تصدر من محاكم الجنايات لعدة لغات ليدرك الإعلام الغربى الحقائق عن القضاء المصرى والأوضاع التى تمر بها الدولة ، ونحن نحتاج لآلية لتوعية الغرب بآليات التقاضى فى مصرٍ.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق