يومها غالبيتنا ابتلع الطعم الأمريكى الجديد ولو على المستوى الشعبي. وربما على مستوى اعلى اعتقد البعض أن الرجل عازم على تصحيح خطايا سلفه محارب الإرهاب جورج دبليو بوش.وبعد مرور سنوات مريرة بدا جليا للجميع أن السيد اوباما كلما ارتفعت معدلات محبته للعالم الإسلامي, ازدادت أعداد القتلى منهم, ربما كانت هناك علاقة طردية ما بين الظاهرتين ظاهرة الاحتضان الأمريكى للإسلاميين وظاهرة ارتفاع ضحايا القتلى من المسلمين على يد إخوانهم المسلمين مع إضافة عنصر مؤكد ألا وهو انخفاض أعداد ضحايا الإرهاب من الأمريكيين.
للحق يمكن القول إن اوباما قد نجح بلا شك فى إبعاد الإرهاب عن بلاده, لقد وضع يده، فى احتضان مأساوى النتائج ،فى يد أصدقائه ممن يسميهم المسلمين المعتدلين, ووضع يده أيضا فى يد المسلمين الشيعة, وفوضهم لإدارة شئون الشرق الأوسط كما يحلو لهم, والنتيجة ببساطة يؤكدها لنا التقرير السنوى لوزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب عن عام 2014, ذلك التقرير الذى صدر منذ عدة أيام ليؤكد لنا انه فى مقابل 32 ألفا و700 إنسان غالبيتهم مسلمون قتلوا على يد أصدقائه الجدد, قتل فقط 24 أمريكيا, لم يكن أى منهم فى الولايات المتحدة وقت مقتله.
بالنسبة إلى ضحايا الإرهاب من الأمريكيين ووفقا للتقرير, فقد كان عشرة منهم فى أفغانستان وخمسة فى إسرائيل وأربعة فى سوريا وثلاثة فى الصومال وواحد فى مصر وآخر فى الإمارات العربية, أى أنه لم يتعرض أى منهم للقتل داخل بلاده بل فى الدول التى أشعلتها بلاده فقط, لكن مع هذا فان من قتل من الأمريكيين داخل الولايات المتحدة سقطوا ضحايا للعنصرية البغيضة التى اعتادها الأمريكيون, والمثال على ذلك ما حدث مؤخرا فى مذبحة تشارلستون منذ أيام قليلة.
فيما يخص الـ32 ألفا و700 إنسان الذين قتلوا بسبب الإرهاب خلال عام 2014 فقد قتل 70 فى المائة منهم فى خمس دول فقط, هى الدول التى مزقتها الولايات المتحدة وحولتها إلى دول فاشلة وحكومات هشة, فى العراق ونيجيريا وأفغانستان وباكستان وسوريا.ومع تنامى احتضان البيت الأبيض للإسلاميين ارتفعت الهجمات الإرهابية فى الشرق الأوسط بنسبة 35 فى المائة عن العام السابق أى عام 2013, وارتفعت نسبة الوفيات بسبب العمليات الإرهابية على مستوى العالم بنسبة 81 فى المائة أيضا مقارنة بعام 2013.
دعونا وفقا للتقرير نأخذ العراق على سبيل المثال, وهى الدولة التى شهدت اكبر عدد لضحايا الإرهاب, مع ارتفاع صاروخى فى المعدلات وهو ربما على عكس ما نعتقده, حيث يظن معظمنا أن لسوريا النصيب الأكبر من الدمار, لكن التقرير يشير إلى انه ليس واثقا من الأرقام هناك, أما فى العراق ارتفعت معدلات الهجمات الإرهابية من 2501 إلى 3370 لتحصد 9929 قتيلا.
احتلت نيجيريا المرتبة الثانية من حيث العنف والوحشية فى الهجمات الإرهابية خلال عام 2014 فمن بين 20 هجوما إرهابيا دمويا على مستوى الدول المنكوبة الخمس, وقع منها تسعه فى نيجيريا, ليرتفع معدل الهجمات الإرهابية هناك بنسبة 114 فى المائة عن العام السابق للتقرير, وارتفعت الوفيات بنسبة مذهلة بلغت 304 فى المائة, ليشكل مجموع ضحايا الإرهاب فى نيجيريا 7512 قتيلا.
ملحوظة هامة رصدها التقرير, أن هؤلاء الضحايا بخلاف أن غالبيتهم من المسلمين "العاديين" وليسوا "المعتدلين" أصدقاء الرئيس الأمريكي, لم يقتلوا لأنهم كانوا جنودا فى حرب معلنة بل مجرد ضحايا لا ناقة لهم ولا جمل فيما كان يدور حولهم, كان كل ذنبهم ومنهم الأطفال والشيوخ والنساء أنهم فقط فى بيوتهم أو فى أعمالهم أو فى بلادهم, منهم 5016 قتلوا فى بيوتهم و1127 فى أعمالهم و231 صحفيا خلال تأدية مهام عملهم أيضا.
و من النتائج المخيفة التى استنتجها التقرير, أن هذه الأرقام المشئومة تنبأ بتنامى خطر الإرهاب ووحشيته بشكل غير مسبوق, وانه فى الوقت الذى يبدى فيه الرئيس الأمريكى سعادته بنجاح إستراتيجيته فى كسر شوكة تنظيم القاعدة وفقدانه لزخمه, إلا أن تنظيمات إرهابية جديدة خرجت من عباءة التنظيم الأم لتكون أكثر وحشية وعنفا عن أى تنظيمات إرهابية أخري.وقد صرحت تينا كيدانو، السفير المتجول ومنسق مكافحة الإرهاب فى الخارجية الأمريكية، أن الأرقام التى نشرها التقرير تدل على وجود انتكاسة فى الحرب الأمريكية على الإرهاب وان الأرقام التى يقدمها التقرير لا تروى القصة كاملة, وهى صادقة فيما قالته فتحول المدنيون الأبرياء إلى مجرد أرقام فى نعوش صممتها الإدارة الأمريكية للعالم الإسلامي, بالتأكيد لا يحمل لنا القصة كاملة.