.وناشدنا الحكومة وقتها التدخل لإنقاذ صناعة السياحة من التدهور.. ولكن للأسف لم يلتفت إلينا اصحاب القرار..وفى مايو من العام الحالى حدث ما كنا نخشاه واحتلت مصر المرتبة الثانية كأرخص مقصد سياحى فى العالم بعد إيران فى تقرير التنافسية للسفر والسياحة لعام 2015 ..والأسبوع الماضى فقط بدأت الحكومة التحرك، حيث طالب المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء وزير السياحة خالد رامى بالقيام بحملات مفاجئة على الفنادق للتأكد من جودة الخدمات..وصباح الاثنين الماضى اجتمع الوزير مع بعض المستثمرين وطالبهم بالبحث عن آلية لضبط الأسعار ومنعها من الانهيار..متعهدا باعتمادها والعمل على تنفيذها.
تقرير التنافسية جاء كاشفا للحالة التى وصلت اليها بعض الفنادق من تراجع فى الخدمات المقدمة للسائحين..والتى أدت بالتبعية الى تراجع الأسعار..وواقع الحال يقول ان اسعار السياحة تخطت جميع الخطوط الحمراء ووصلت الى حد لا يمكن السكوت او التغاضى عنه..فقد تفنن اصحاب الصناعة وسط غيبة رقابة الدولة فى إهدار مقوماتنا الطبيعية من شواطئ خلابة ومناخ معتدل وحضارة يحسدنا عليها القاصى والدانى لصالح منظمى الرحلات Tour Operator حتى اصبحت مصر مقصدا لسياحة الفقراء أما السائح الغنى فيذهب الى تركيا او الإمارات.
المنتدى الاقتصادى العالمى وضع ترتيب الدول وفقا لمؤشر «القدرة التنافسية للسفر والسياحة لعام 2015» والتى تتمتع بمميزات تنافسية تتعلق بالبنية التحتية ومتوسط تكاليف الاقامة والسفر والصحة والنظافة..وقام التقرير برصد 141 دولة احتلت اسبانيا المركز الأول عالميا والإمارات العربية المتحدة الأول عربيا..وتم تصنيف مصر بأنها مقصد لسياحة الفقراء وأرخص دولة سياحية فى العالم بعد إيران.
وصلت السياحة الى هذا الوضع نتيجة للعديد من الأسباب لعل أهمها تراجع جودة الخدمات المقدمة للسائحين داخل الفنادق وتقاعس بعض المستثمرين عن إجراء عمليات الصيانة الدورية للغرف والمطابخ وعدم الاهتمام بتطبيق المعايير الصحية بالإضافة لقلة تدريب العاملين..وبالطبع استغل منظمو الرحلات فى الدول الأوروبية المختلفة وروسيا تحديدا هذه السلبيات وحصلوا على أقل الاسعار, ولكى ترتفع الأسعار الى مستواها الطبيعى فعلينا أولا ان نقوم بتحسين مستوى الخدمة وهنا اختلف خبراء السياحة حول تطبيق معايير الجودة المعروفة اختصارا بالـ N N..فمنهم من طالب بضرورة تطبيقها دون ابطاء على ان يكون الانفاق على تنفيذ بنودها من بند «الاهلاك» الوارد فى ميزانية الفنادق..ومنهم من يرى أن الوضع غير مناسب لتطبيقها الآن نظرا لارتفاع تكلفتها وعدم وجود تمويل لدى الفنادق لتنفيذها.
المهندس خالد رامى وزير السياحة فرغم اعترافه فى تصريحات خاصة لــ«الأهرام» بوجود مشكلة تتمثل فى تدنى اسعار البرامج السياحية الوافدة الى مصر لكنه فى الوقت نفسه رفض ان تتدخل الدولة فى تحديد اسعار الاقامة فى الفنادق.. وعن كيفية معالجتها قال.. انه لن يتخذ قرارات «عنترية» تضر بمنظومة السياحة، مؤكدا أن روشتة العلاج يجب أن يكتبها القطاع الخاص بنفسه دون ادنى تدخل من الوزارة، لافتا الى عقده اجتماعا الاثنين الماضى مع عدد من مستثمرى السياحة ورئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية الهامى الزيات.. حيث طلبت منهم البحث عن آلية عاجلة لوضع حد أدنى لأسعار الغرف الفندقيه والقضاء على ظاهرة حرق الأسعار السائدة بين الفنادق والسعى لرفع مستوى الخدمة المقدمة للسائحين.
كما أشار الوزير إلى ضرورة قيام القطاع السياحى الخاص بالتنسيق مع المسئولين بوزارة السياحة بدراسة وتقييم الاقتراحات الخاصة بالحد الأدنى لسعر كل فندق على حسب تقييمه والتوافق على آلية للتطبيق..مؤكداً انه لن يتم اتخاذ أى إجراء فى هذا الشأن إلا بعد حدوث توافق تام وبالاتفاق بين جميع الأطراف المعنية من القطاع السياحى الحكومى والخاص..
وقال الوزير انه قصد بهذا الاجتماع ان «يلقى بالكرة» فى ملعب القطاع السياحى الخاص باعتباره صاحب المصلحة الأولى فى رفع الأسعار..وبالتالى فهو الأقدر على وضع حد ادنى للأسعار تحقق له قدرة تنافسية..مشيرا الى انه سوف يعتمد الأسعار التى سيقرها القطاع وسيبدأ فى تنفيذها على الفور.
أما عن تدنى مستوى الخدمة فى الفنادق، فقد أكد خالد رامى ان اجهزة الوزارة قامت بحملة على فنادق القاهرة وجاءت النتيجة غير مرضية على الاطلاق وقمنا بمنح مديرى الفنادق المخالفة مهلة شهر لمعالجة هذه السلبيات واذا لم يتم تنفيذها سوف نضطر الى غلق المنشأة ووقف تراخيصها نهائيا..مشيرا إلى ان المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء قد طالب الأسبوع الماضى بأن تقوم وزارتا السياحة والصحة بحملات مفاجئة على الفنادق والمنشآت السياحية للتأكد من جودة الخدمات المقدمة للسائحين وما اذا كانت تتناسب مع عدد النجوم التى حصل عليها الفندق.
وأضاف ان الوزارة سوف تقوم بحملات على المطاعم السياحية المنتشرة بالقاهرة بدءا من اليوم وطوال شهر رمضان المبارك والتى تقدم وجبتى السحور والإفطار للتأكد من سلامة الأطعمة والمشروبات المقدمة للمصريين.. وأكد ان الوزارة لن تتنازل بأى شكل من الأشكال عن الزام المنشآت السياحية والفنادق بتقديم أعلى معايير الجودة لأن صناعة السياحة اصبحت على المحك وتحتاج منا جميعا التكاتف حتى تحصل السياحة المصرية على الأسعار التى تستحقها.
وعن تطبيق معايير الـ NN قال الوزير انه لن يتنازل عن تطبيقها حتى نحصل على تقييمات إيجابية فى التقارير العالمية كما ان مردود تطبيقها سوف يؤدى حتما الى زيادة الأسعار..ولكن واقع الحال يؤكد ان الفنادق والقرى السياحية عانت خلال السنوات الأربع الماضية وأنفقت الكثير من الأموال خلال فترات التوقف ولم يعد لديها مخزون نقدى تستطيع توظيفه لتطبيق هذه المعايير..ولذلك فإننا سنقوم بتطبيقها على مراحل مع الالتزام بتقديم خدمات راقية للسائحين مع التشديد على معايير الصحة والسلامة الغذائية مؤكدا ان الفترة المقبلة سوف تشهد حملات مكثفة ومفاجئة على فنادق الغردقة وشرم الشيخ للوقوف على ما يتم تقديمه للسائحين ولن يكون هناك تهاون فى غلق أى فندق مخالف وإلغاء تراخيصه..مضيفا انه لا يجد ضررا فى ذلك حتى تستطيع هذه الفنادق توفيق اوضاعها الخدمية والصحية وتعود الى استقبال السائحين من جديد..مشيرا الى ان هذه السياسة سيتم تنفيذها ايضا على الفنادق التى تنتهج سياسة حرق الأسعار وذلك فور استلامه الأسعار المحددة لكل فئة فندقية من القطاع الخاص..مع الأخذ فى الاعتبار مدة العقود التى تم توقيعها مع منظمى الرحلات.
ونواصل العدد القادم مناقشة اسباب تدنى الاسعار وتراجع جودة الخدمات المقدمة للسائحين، وروشته الخبراء للعلاج.