رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تزوير وسرقة الأعمال الفنية .. فساد يتحدى الدولة

حنــان النـــادى
أصبح حال الفن التشكيلى المصرى بالغ السوء، مهدداً بالسرقة أو بالتزوير أو التزييف، فى ظل تقاعس مؤسسات الدولة عن حماية الحياة الفنية، وإصدار تشريعات لحماية الملكية الفكرية للفنانين..

 وزاد من انتشار تلك الظواهر، أنه لا يوجد توثيق لأعمال رواد الحركة التشكيلية المصرية، مما يهيئ المناخ أمام أى مزور لدراسة الأسلوب الفنى لفنان وتزوير عمله، هذه الظواهر تحتاج من نقابة التشكيليين ووزارة الثقافة والدولة، إلى دور فعال وتشريعات لحماية حقوق الفنانين فكريا وأدبيا وماديا.. لذا نستعرض فى هذا الموضوع الأسباب التى أدت إلى هذا الوضع، والتطرق إلى الحلول المقترحة لمعالجته.

سرقة وتزوير

تشير بعض التقارير إلى أن ظاهرة سرقة وتقليد وتزوير اللوحات الفنية أصبحت أكبر رابع تجارة رواجا حول العالم بعد المخدرات وغسل الأموال والسلاح، وقد زاد أعداد المافيا المتخصصة فى سرقة وتزوير تلك الأعمال والتى قد تصل أسعارها فى بعض الأحيان إلى أرقام خيالية.. من بينها أعمال كثيرة لكل من ليوناردو دافنشى ورنوار وأحمد صبرى وسيف وانلى وراغب عياد ومحمود سعيد وغيرهم.

الحاجة إلى تشريع جديد

فى البداية يعلق الفنان والناقد عزالدين نجيب بقوله: يتحمل الفنانون التشكيليون جانبا كبيرا من المسئولية بمغالاتهم فى أسعار أعمالهم، لدرجة أن لوحات الرواد تجاوز أسعار بعضها ملايين الدولارات، مما أغرى المقلدين والمزيفين بمحاكاة تلك الأعمال، والمدهش أن عقوبة التزوير لا تنطبق على اللوحات الفنية، وأقصى عقوبة ثلاث سنوات، بينما عقوبة تزوير المستندات تصل إلى خمسة عشر عاما، مما يستدعى تشريعا جديدا يصدر من مجلس الشعب المقبل، وجعل تزوير الأعمال الفنية جناية وليست جنحة. يضيف عزالدين: هناك بعض الفنانين يسهمون فى انتشار هذه الظاهرة بإعطائهم شهادات لأعمال الرواد وكبار الفنانين، تفيد بأصلية العمل، وكثيرا ما تكون هذه الشهادات غير دقيقة، لذا من الأفضل أن تكون تلك الشهادات صادرة من جهات لديها الأجهزة الخاصة والخبراء وتكون تابعة للدولة، وكذلك لابد من توثيق الأعمال الفنية، فكثيرا ما يقف النقاد حائرين أمام بعض الأعمال لتحديد هويتها، وقد بدأ قطاع الفنون منذ عدة سنوات فى توثيق الأعمال الفنية، ولكن جاءت تلك الخطوة متأخرة بعد فقدان الكثير منها.. لى تجربة شخصية مؤخرا فى محاولة تصوير اعمالى الشخصية التى اقتناها القطاع على مدار مشوارى الفنى وعددها 35 عملا وللأسف لم أجد سوى 16 عملا وفشل المسئولون فى معرفة مكان المتبقى، وهذا ينطبق على معظم المؤسسات التى تقتنى أعمالا فنية فلا يوجد جهة نستطيع من خلالها تحديد أماكن الأعمال التى تمثل ثروة قومية.

غياب دور النقابة

يشير الدكتور على المليجى، العميد الأسبق لكلية التربية النوعية، إلى أن المشكلة الأساسية ليست فى قوانين الملكية الفكرية، وإنما تكمن فى تطبيق القوانين، والمسئول عن ذلك نقابة التشكيليين التى تخلت عن دورها الحقيقى، ووصل الحال إلى أن أصحاب المعاشات لا يتقاضون المعاش الضئيل الذى أقرته النقابة، فالمسئولون هناك غير مدربين ولا مدركين لأهمية الدفاع عن حقوق الفنانين أو عن أعمالهم التى تزور وتقلد ويتربح منها أشخاص بدون عائد على الفنان أو حتى على الدولة، فما هى الإجراءات التى اتخذها النقيب الدكتور حمدى ابوالمعاطى لمواجهة ذلك؟

ويضيف الدكتور المليجى: المسئولية تقع أيضا على وزارة الثقافة فلا يوجد رؤية حقيقية لدى المسئولين عن الفنون بمصر، فمثلا لماذا لا يفعل قانون المبانى والإنشاءات الذى يوجب تخصيص 2% من العائد لتجميل المدن، ونحن الآن أحوج لذلك بعد وصول مدن مصر إلى حالة من التشويه والقبح وأصبح السائد هو الإعلانات بدلا من الجداريات والتماثيل والأعمال الفنية بكافة أنواعها.

الكشف عن الأعمال الفنية

يقول الفنان خالد السماحى: لابد من وجود هيئة خاصة تابعة لوزارة الثقافة يكون دورها الكشف عن الأعمال الفنية، باستخدام احدث الوسائل العلمية، كما يجب ان يتوقف الفنانون والنقاد عن إعطاء الشهادات التى تفيد بأصلية الأعمال، أو إضافة صور أعمال مجهولة ونسبها إلى فنانين كبار فى مؤلفاتهم أو وضعها فى معارض، وهذا غالبا يتم بمعرفة المؤلف او صاحب القاعة، فتصبح لها شرعية، بالإضافة إلى إهمال وزارة الثقافة فى تعريف العالم بالفنانين المصريين والرواد وطبع كتب تعريفية لهم بعدة لغات، فمثلا عندما قامت وزارة الثقافة فى عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى بطباعة كتاب ملون فاخر عن الراحل محمود سعيد، كانت النتيجة بيع لوحته المسماه «الشادوف» فى مزاد "كريستى" بدبى عام 2011 بسعر 2.43 مليون دولار.. ويضيف السماحى: من جهة أخرى الأعمال الفنية التى تقدر بملايين والتى أعارها قطاع الفنون إلى خارج مصر فى جهات متعددة، وهى معرضة للفقدان والتلف لابد من تكليف جهة ما بمتابعتها والعمل على إعادتها.

مشروع قومى لتوثيق الأعمال

يقول الدكتور اشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية الأسبق: انتشر فى الفترة الماضية تزوير الأعمال الفنية وهو نقل اللوحة كما هى، وكذلك التزييف وهو استنساخ لوحة جديدة للفنان من مفرداته الخاصة ولا تكون مسجلة فى اى كتب فنية، وتقع مسئولية مواجهة ذلك على عدة جهات: نقابة التشكيليين ثم مباحث الأموال العامة وشرطة المصنفات الفنية، والمشكلة انه لا يوجد توثيق دقيق للأعمال الفنية فى مصر، وأثناء تولى رئاسة القطاع بدأت مشروع توثيق الأعمال داخل مصر سواء كانت من مقتنيات الدولة "داخل المتاحف" أو مقتنيات الأفراد أو لدى الجاليريهات، ويشمل التوثيق تصوير العمل وعمل بطاقة تعريف له عليها اسم الفنان والعمل والمقاس والخامة وجميع المواصفات، مع اخذ بصمة من اللوحة وتكبيرها بمقاس5×5، وقد قمت بتوثيق 5000 عمل، فمصر تمتلك ثروات فنية من أعمال فنانيها لا تقدر بثمن، ويجب الحفاظ عليها بإقامة مشروع قومى لتوثيقها، يشارك فيه عدة فنانين ونقاد، مع توافر احدث الأجهزة، ويكون ذلك من خلال نقابة التشكيليين وذلك بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة وقطاع الفنون التشكيلية.

ويقول الدكتور صلاح المليجى، الذى انتهت فترة رئاسته لقطاع الفنون منذ عدة أشهر: أن القطاع يوثق جميع المعارض الفنية التى تقام فى القاعات التابعة له، كما تقوم إدارة الملكية الفكرية فى القطاع بتسجيل اى عمل فنى يتقدم به صاحبه، وبالنسبة للأعمال الفنية المملوكة لقطاع الفنون فقد تم توثيقها جميعها قبل انتهاء فترة رئاستى للقطاع، أما بالنسبة لاكتشاف تزوير الأعمال الفنية فهذا يتطلب لجنة متخصصة تكون مكونة من عدد من الخبراء والمتخصصين لديهم أجهزة تكنولوجية على مستوى عال وهذا غير متوفر لدى القطاع.

القانون والتصدى للتزوير

وعن الرأى القانونى يعلق الدكتور عبدالله النجار أستاذ القانون المدنى بكلية الشريعة بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: الفكرة العامة فى قانون الملكية الفكرية، انه يحمى البناء المادى للعمل، واى تزوير فيه يعتبر سطو، ولا يجوز نسخ العمل وتقليده إلا إذا كان المقلد سيحتفظ به دون التربح منه، أو بقصد الدراسة، وليس بغرض الاتجار فيه، أو منافسة صاحبه أو ورثته، وقد حدد القانون فترة 50 سنة  لحماية ملكية المصنف بعد وفاة صانعه، يسقط بعدها عن الورثة ويقع فى نطاق الملكية العامة ويصبح مملوك للدولة عن طريق الهيئة المختصة، ومن حق الدولة حماية المنتج والتصدى لما يؤدى إلى الإضرار به وهذا بالنسبة للجانب المادى، أما الجانب الأدبى فمن حق صانع العمل إلى يوم القيامة، وقد حدد القانون عقاب المزور بغرامة تتراوح بين 5000 و 10000 جنيه وتصل إلى 50000 فى حالة تكرار التزوير مع مدة حبس لا تتعدى الثلاث سنوات، ومصادرة كل الأدوات المستخدمة فى التزوير، وإعطاء الحق للمتضرر فىالمطالبة بالتعويض. ويضيف النجار، بعض الناس يعتبرون أن العمل الفنى حق لهم، وانه بنسخه او تقليده يسهم فى نشر الفن والثقافة، مع ان مبادئ الإسلام تعطى لكل ذى حق حقه، وتعتبر ذلك فى حكم الجريمة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق