ولا ينحصر الفساد فى الموظف الذى يفتح درج مكتبه ليضع فيه طالب المصلحة رشوة بسيطة، ولا المبالغ الكبيرة لمهندسى الحى ومن على شاكلتهم وانما هناك وجوه أخرى كثيرة أشد ضررا من هذه الأمثلة فالمدرس الذى لا يذهب الى المدرسة فاسد يستحل الحرام والتلاميذ الذين يساعدهم أولياء الأمور على عدم الذهاب الى المدرسة بحجة الدروس الخصوصية أيضا فاسدون.. والطبيب الذى يعطى الشهادات المرضية لهذه الجحافل من التلاميذ وهم غير مرضى فاسد.. وللأسف فإن مدير المدرسة ومدير الإدارة وكثيرين يشاركون فى هذا الفساد وهم لا يشعرون البتة أن هناك خطأ فيما يفعلون فالأمور تسير بهذا الأسلوب ولا أحد يحاسب أحدا.
وعلينا أن نفتش عن نقطة البداية، وهى بالنسبة للتعليم اعادة طابور الصباح والحصص الخمس كل يوم بحيث يحضر المدرس ليشرح للطلاب الدروس فى الفصول، وهذا الاجراء البسيط والمنطقى سيقلل الدروس الخصوصية بنسبة 50% على الأقل ويخفف العبء عن الأسرة والدولة.. أما إذا انتقلنا الى الإدارات الحكومية، كالكهرباء والسجل المدنى والشهر العقاري، وخلافه.. سنجد أن الموظفين يتركون أصحاب الحاجات فى طوابيرهم وينشغلون بأمورهم الخاصة.. وظاهرة السيدات المنقبات اللاتى تقرأن فى المصحف طول الوقت ويقلن لصاحب الحاجة ـ فوت علينا بكرة وهذا فساد وفهم خاطئ للأمور، أما إذا تدرجنا قليلا الى أعضاء هيئة التدريس وأساتذة الجامعات فحدث ولا حرج فالموضوع هنا متروك تماما لضمير الأستاذ يأتى وقتما يشاء ويذهب حينما يريد ولا أحد يحاسبه الا داخله فإذا شاء أن يأتى مرة فى الأسبوع لا بأس.. أو مرة كل اسبوعين لا يضر.. مرة فى الشهر فهذا شائع وغير قليل، وأتحدث عن أساتذة الطب ـ كمثال ـ حيث إننى أدرى بهم حيث يقضى الأستاذ كل الوقت فى المستشفى الخاص الذى ينتسب اليه ولا بأس فى ذلك بشرط أن يأخذ اجازة من عمله فى جامعته، فليس من المنطق أن يتحصل على راتبه ويستحله وهو لا يقوم بأى عمل فى جامعته، وقس على ذلك أساتذة فى الهندسة والتجارة والحقوق وغيرهم، ومنهم من يعمل فى دول الخليج وهو مازال على رأس العمل فى جامعته ولا أحد يحاسبه.
وإذا أردتم أن تقضوا على الفساد فذلك لا يتم بالوعظ والارشاد ومخاطبة الضمير وانما بالحساب والعقاب حيث من لا يعمل لا يأكل.. هذا هو الحل الوحيد إذا كنا جادين فى محاربة هذه الآفة الخطيرة التى تعرقل أى سبيل الى التقدم.
د. فتحى عبدالحميد مقلدى
أستاذ بطب قناة السويس