رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

عــودة «روح» مســرح الطليعـــة

محمد بهجت
كان لمسرح الطليعة روح خاصة وشخصية شابة تميل إلى الابتكار والتجديد والخروج عن المألوف ربما اكتسب بعض هذه الصفات من شخصية المخرج الكبير سمير العصفورى الذى لم يكن فقط مديرا لمسرح الطليعة.

وإنما صاحب مدرسة وشيخ طريقة فى التجريب والثورة على الأشكال التقليدية  أذكر قبل ثلاثين عاما كيف كنت أواظب يوميا على حضور عرض «العسل عسل والبصل بصل» المأخوذ عن مقامات بيرم التونسى وأخرجه العصفورى وكنت أجد وجوها تتكرر كثيرا بين المشاهدين.. وأصبحوا الآن من المشاركين فى صنع الحركة المسرحية المصرية ولكل منهم بصمته الخاصة ـ استعيد تلك الذكريات الجميلة وأنا أشاهد عودة لروح ورسالة مسرح الطليعة فى اكتشاف المواهب الشابة واختيار الأفكار الأكثر جرأة والأقدر على صنع الدهشة والتأثير فى المشاهدين ـ منها «ثرى دي» وانتيجون وأخيرا «روح» فى ظل إدارة الفنان الموهوب محمد الدسوقى للمسرح ـ ويتميز ذلك العرض الأخير «روح» أنه يقدم فكرة شديدة القتامة وهى الموت بأسلوب شديد الجاذبية لايخلو من مناطق كوميدية رقيقة تختلط بالمشاعر الإنسانية لتصنع عرضا مبهجا وفرجة مسرحية ممتعة رغم قسوة الفكرة المطروحة.. تدور الأحداث فى بار بإحدى المدن الغربية كما يتخيل المؤلف الانجليزى جى بى بريستلى صاحب نص «الوردة والتاج» الذى تحول على يد المعد المبدع ياسر أبو العينين إلى روح ـ والذى حرص على الحفاظ على الطابع الأصلى للنص وعلى الأسماء الأجنبية ومع ذلك وضع بصمته الأدبية فى صياغة الحوار السريع المتلاحق الذى يعبر عن صراع شخوص المسرحية وأيضا المونولوجات الطويلة التى تظهر مشاعرهم الدفينة فى لحظة اختيار أحدهم للموت.. كما اكتشف المخرج المبدع باسم قناوى وجوها جديدة فى التمثيل والديكور الذى كان مبهرا وشديد التميز للفنان الشاب محمد جابر والألحان الدرامية التى يغلب عليها الشجن للفنان حاتم عزت والتى استثمرها المخرج لتكون خلفية لكثير من الحوارات بين الممثلين وبالطبع لم تكد لتكتمل متعة المشاهدة لولا الإضاءة المميزة للفنان أبو بكر الشريف، كما تميزت كلمات الأغانى لمحمد الزناتى بالبساطة والقدرة على تكثيف المشاعر فى جمل قصيرة موحية ـ ونأتى إلى عنصر التمثيل الذى شهد مباراة فنية رائعة بين الجميع على اختلاف حجم الأدوار ـ ونجح ياسر عزت فى تقديم شخصية جديدة هى عامل السباكة المتعطل الذى اعتاد على التبرم والشكوى من قسوة الحياة.

واستطاع من خلال التقطيب وتجسيد مشاعر الرجل المتشائم دوما أن يبعث الضحكات بين عباراته دون أن يفسد طبيعة الدور وهو ما يؤكد أنه ممثل ذكى يسعى إلى نجاح العمل ككل ولايسعى إلى زيادة مساحة الضحك فى دوره ـ كما تألقت فاطمة محمد على فى التمثيل فضلا عن الغناء وقدمت دور مطربة متعطلة هى الأخرى عن العمل ولكنها حريصة رغم قسوة الظروف على أن تؤكد انتماءها للطبقة البورجوازية وتتعالى على الأخرين حتى وهى تعانى من الجوع ـ وجسدت لبنى ونس شخصية المرأة العجوز التى تكره نظرات الناس لها وتعجبهم من بقائها حية إلى هذا السن. وتخفى فى داخلها روحا مقبلة على الحياة ومتعطشة للحب .ـ بينما قامت سماح سليم بدور الزوجة ضعيفة الشخصية والتى تجتهد لإسعاد زوجها وتخليصه من طبيعته الكئيبة وبعث الأمل فى نفسه ليقبل على الحياة ـ ورغم صغر الدور نسبيا فإنه يمثل الشريحة الغالبة من الناس والتى تحاول أن تجد لحظات من السعادة وسط هموم للحياة ـ وأجاد محمد يوسف فى دور الزوج الكئيب المثقف التى تتحول معلوماته إلى طوق يقيد قدرته على الاستمتاع بالحياة، وأدى فتحى سالم شخصية الشاب المقبل على الحياة برغم كل الظروف التعيسة من المرض وعدم القدرة على الزواج بمن يحب والديون المتراكمة والفرص القليلة المتاحة له وفى هدوء ورزانة وغموض جسد أحمد الرافعى دور ملك الموت أو الرجل الذى يصحب الموتى إلى رحلتهم الأخيرة كما عبر المعد ربما تخلصا من مأزق تقديم ملك الموت على خشبة المسرح ـ وأخيرا حسن نوح فى دور فتى البار الذى يخدم الزبائن فى صمت ويردد الجميع اسمه فريد دون أن نعلم شيئا من جوانب شخصيته ـ هى مجموعة رائعة ومبشرة قادها بذكاء باسم قناوى ليعيد الروح الشبابية الطليعية إلى مسرح الطليعة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق