ولعل المشهد العالق بالأذهان من استقامة خطواته ونظراته الواثقة فى أثناء استعراض حرس الشرف عند دخوله القصر، كان معبرا عن أن الوافد الجديد سيحدث تغييرا بإعادة الانضباط ليس فقط على مستوى القصر، بل على مستوى الشارع المصري.
وكان أول قرار جمهورى يوقعه الرئيس بعد تنصيبه فى الاحتفال غير التقليدى بالاتحادية بمشاركة 46 من قادة ومسئولى الدول، هو منح المستشار عدلى منصور قلادة النيل تقديرا لدوره التاريخى فى تحمل أعباء شئون البلاد، وذلك فى أثناء الاحتفالية التى أقيمت بقصر القبة مساء اليوم نفسه، والتى ألقى خلالها أول خطاباته وتعهد أمام الشعب بالحفاظ على البلاد وتأسيس دولة قوية سالمة آمنة خيراتها من أبنائها ولهم.
ولم يكن أمام السيسى رفاهية الوقت لالتقاط الأنفاس بعد ماراثون الانتخابات، فكان عليه ترتيب البيت من الداخل وتشكيل حكومة جديدة، وفى ثانى يوم له فى القصر، كلف المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس وزراء الحكومة المستقيلة، بتشكيل حكومة جديدة، وقبل فى اليوم نفسه استقالة جميع مستشارى الرئاسة، ليبدأ فى تشكيل هيئات استشارية بشكل مؤسسى لمعاونته فى الحكم.
وفى اليوم التالى مباشرة بدأ الرئيس فى إعادة الانضباط إلى الشارع المصري، لمواجهة حالة الانفلات السلوكي، وكانت البداية بالمواجهة الحازمة لظاهرة التحرش، وزيارته غير المسبوقة بالمستشفى للسيدة ضحية التحرش بميدان التحرير، وهى الزيارة التى كشفت عن الجانب الإنسانى فى طريقة إدارة الرئيس للبلاد.
وكان واضحا منذ البداية أن الرئيس يدرك صعوبة المسئولية بعد أكثر من 3 سنوات تراجعت فيها البلاد، فلم يستأثر بالحكم، وأنشأ مجلسا استشاريا للعلماء والخبراء، ومن بعده 4 مجالس تخصصية للتعليم والتنمية المجتمعية والاقتصادية والسياسة الخارجية، كما شكل لجنة الإصلاح التشريعى لتعينه على مسئولية إصدار القوانين وتنقيحها.
ومنذ أن تولى الرئيس المسئولية، طبق مقولته بأن على الجميع العمل من الخامسة صباحا، فتحول قصر الاتحادية إلى خلية نحل صباح كل يوم مبكرا، كما انتقلت العدوى إلى الحكومة، ليدخل الوزراء مكاتبهم فى السابعة صباحا، وقد استغل الرئيس التبكير فى إجراء بعض المقابلات والاتصالات بالمسئولين، قبل أن يبدأ لقاءاته اليومية فى العاشرة صباحا، والتى تمتد إلى مساء كل يوم، حتى أنه يجرى بعض الزيارات الميدانية فى يوم الجمعة..
ووجه الرئيس فى بداية ولايته عدة رسائل بمشاركته فى ماراثون للدراجات فجرا، كشفت عن أسلوب جديد هو ضرورة التبكير فى العمل وأهمية الرياضة والحفاظ على البيئة ومصادر الطاقة. كما شارك الشعب أفراحه وأتراحه فى كثير من المناسبات والمواقف الإنسانية، وظهر الجانب الإنسانى فى تركيبته، والذى ظهر جليا فى لقاءاته مع الفئات المهمشة من الشعب.
واعتمد السيسى أسلوب المكاشفة والمصارحة منذ بداية حكمه للبلاد، وكان أهم قراراته هو عدم اعتماد الموازنة العامة بعد أيام من توليه المسئولية، إلا بعد ترشيد دعم استخدام الطاقة، وكان قراره الجريء بتحريك أسعار المواد البترولية، وهو القرار الذى سانده الشعب لثقتهم الكبيرة فى حكمته، ودعمهم لمسيرة بناء البلاد.