رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ثقافة الاعتذار

الاعتذار قيمة إنسانية وأخلاقية عليا، ولكن فى ثقافتنا العربية

 يبدو الاعتذار معيبا لأنه يمثل حالة من الانكسار، إذ تبدو هذه الكلمة لدينا سيئة السمعة، فالمسئول فى الغرب يعتذر إن أخطأ، ويستقيل إن أخفق، والحقيقة أن أدب الاستقالة لا يحسنه إلا أصحاب القلوب الحية والعقول النيرة، ومن يمارسه ذو عقل يتدبر وبصيرة تتحسب.. ولقد استقال بعض الوزراء والمسئولين فى لحظات من يقظة الضمير والصدق مع النفس، ففى إحدى قرى اليابان تسبب انهيار بعض أجزاء مصنع للمواد الكيماوية فى تسرب الغازات السامة، وبرغم أن التأثيرات كانت محدودة إلا أن مالك المصنع لم يكتف بالاعتذار، بل قام بتعويض المتضررين ماديا عن الخسائر، وزرع مئات الأشجار لتنقية الجو تكفيرا عن خطئه والاعتذار عنه، والاستقالة نوعان: هناك مسئول يستقيل لسوء إدارته، ومسئول يستقيل حفظا لكرامته، واستقال وزير الزراعة اليابانى بعد أن وصف المناطق المهجورة المحيطة بمحطة فوكو شيما النووية بأنها تشبه مدينة الموت وأذى هذا الوصف مشاعر السكان، وهناك قاض روسى استقال بعد ضبطه نائما فى أثناء نظر إحدى القضايا التى انتهت بإصداره حكما على المتهم بالسجن 5سنوات، كما استقال وزير إيطالى لاتهامه بالحصول على ساعة هدية بعد 72 ساعة من الكشف عن هذه المعلومة الظنية، واستقالت وزيرة العدل اليابانية بعد اتهامها بخرق القوانين الانتخابية بتوزيع مراوح مجانية على أنصارها، واستقال مسئول كبير فى اليابان بعد نشر بعض الأخبار تقول أنه ركب القطار ببطاقة مجانية، واستقال وزير الداخلية البريطانى بسبب رسالة بريد الكترونى أثبتت أن طلبه استقدام مربية قد لقى عناية خاصة، واستقال موظف هندى من عمله عندما شعر أنه يتقاضى راتبا أعلى من نظرائه، ولم يتحمل الشعور بالذنب، وبحث عن عمل آخر يشعره بالمساواة مع بقية أفراد الشعب، وفى التاريخ الإسلامى نجد أن أنبياء الله ورسله قدموا الأسوة والقدوة فى المبادرة للاعتذار، فقد اعترف آدم عليه السلام بذنبه، ولم يحاول تبرير ما وقع فيه من إثم بمخالفة أمر الله والأكل من الشجرة المحرمة عليه هو وزوجه، وموسى عليه السلام عندما وكز الرجل بعصاه فقتله واعترف أن ما فعله من عمل الشيطان... إن الاعتذار عن الخطأ من شيم الكبار، من خلق الأقوياء، وثقافة الاعتذار إكبار لا انكسار، وهى مقياس حقيقى لمستوى نضج الشعوب ورقيها، ومنذ 3سنوات اعتذر ملك إسبانيا عن رحلة قام بها لصيد الأفيال فى أدغال إفريقيا، وتسببت فى موجة من الغضب لقيام الملك برحلة باهظة التكاليف، بينما بلاده تعانى أزمة اقتصادية، ويقول ديل كارنيجي: أن تعترف بأخطائك فهذا سبيلك إلى الارتفاع فوق درجات الناس، وإلى الإحساس بالسمو والرفعة.


محمد مدحت لطفى ارناءوط


موجه عام سابق بالتعليم بالشرقية


رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    ^^HR
    2015/06/04 09:11
    0-
    0+

    الاعتذار من شيم الاقوياء الواثقين من انفسهم ..... المخطئ الذى لايعتذر عن خطئه إما مكابر أو لديه عقد نقص
    وبين الافراد: كلمة حقك عليا تسبب راحة نفسية ورضا للطرفين حتى وإن كان طرفا معاتبا لآخر عتابا ليس فى محله،، المكابرة والجدال تولد البغضاء والشحناء
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق