وكان الإعلان عن وجود انشقاقات وخلافات بين ما أطلقوا عليه الحرس أو قيادات الصف الأول وشباب التنظيم ما هو إلا حلقة جديدة من مسلسل العنف والدم ومناورة يسعون من خلالها إلى كسب مزيد من الوقت.
فبعد أكثر من عام كامل على الانتخابات الداخلية التى أجراها التنظيم سرا فى فبراير 2014 وأسفرت عن تشكيل لجنة لإدارة أزمة التنظيم، وكانت نتيجة هذه الانتخابات استمرار محمد بديع فى منصب المرشد العام للجماعة وتعيين رئيس للجنة إدارة الأزمة وتعيين أمين عام للجماعة من داخل مصر لتسيير أمورها، وانتخاب مكتب إدارى لإدارة شئون الإخوان فى الخارج برئاسة أحمد عبدالرحمن، وتصعيد قيادات شابة فى هياكلها ولجان عملها ليتصدروا إدارة العمل الميدانى للجماعة، تقوم الجماعة حاليا بتصدير صورة «وهمية» بهدف جذب انتباه الرأى العام المحلى والعالمى قبل بدء زيارة الرئيس السيسى ألمانيا، بعد أن فشلوا فى تعطيلها بكل وسائلهم.

المستشار خالد مطاوع خبير الأمن القومى برر افتعال تلك الأزمة التى بين فريقين يدعى كل منهما حقه فى إدارة مكتب الإرشاد بأنه إحدى وسائل التنظيم التى يستخدمها باستغلال وسائل الإعلام المختلفة فى تمرير ما يريدون، وقال ان نظام الجماعة منذ تأسيسها يعتمد على عدم وجود ولاية للقيادات حال حبسها أو اعتقالها، وبالتالى فإن قيادات الصف الأول من مكتب الإرشاد فى التنظيم ليس لها ولاية فى القواعد منذ اليوم الأول لدخولهم السجن، ويحدث هذا بصورة نمطية فى إطار الهيكل التنظيمى للجماعة.
وأكد مطاوع أن التنظيم يعلم جيدا من اليوم الأول لخروج الشعب ضدهم فى 30 يونيو كيف سيدير أزمته، مشيرا إلى أن الاعلان عن مثل هذه التوترات والخلافات بعد أكثر من عام له الكثير من الدلالات، أهمها أن قيادات الجماعة انتهجت مسلكا جديدا يتيح للأجيال الجديدة حق النقض والخلاف الشخصى فقط، وأن هذه الخلافات لا تعنى وجود خلافات مذهبية أو هيكلية أو عقائدية بين كل من ينتمى الى الجماعة، وحتى إذا اختلفوا فى بعض وجهات النظر أو أساليب إدارة التنظيم، فإن تلك الثوابت لا يمكن الاقتراب منها أو الإختلاف عليها.

وكشف عن أن أداء الجماعة فى مواجهة الدولة منذ 30 يونيو 2013 ثابت لم يتغير رغم أن تلك الخلافات المعلنة ليست بالجديدة، والجماعة متفقة على تصعيد أعمالها الإرهابية ضد مصر فى أكثر من اتجاه، على المستويين الداخلى والخارجي، بحيث تستثمر كل الأحداث والسلبيات والثغرات التى يمكن أن تحقق ولو مكاسب معنوية للجماعة أملا فى تحقيق مكاسب أخرى أكبر تأثيرا فى المستقبل، وقال إن الجماعة مستمرة فى محاولات استقطاب الرأى العام من خلال الترويج للأكاذيب والشائعات والرصد الدقيق لكل السلبيات على المستوى الرسمى وتضخيمها ووضعها فى إطار من عدم القبول الشعبى وبالتالى بناء جسور من عدم الثقة وعدم الرضا بين المواطنين والدولة متمثلة فى النظام الحالى بأدواته وأهمها الأدوات الإعلامية والأمنية.

وقال مطاوع أن الإعلان عن وجود انشقاقات أو انقلابات داخل الإخوان فى هذا التوقيت هو عبارة عن مناورات وتكتيكات تخضع لعدة اتجاهات، أولها أن هناك من الشباب داخل التنظيم يرون أنهم لم يحققوا أى مكاسب حقيقية على الأرض أو مصالح شخصية من الجماعة ويرون أنه يمكن أن يحققوا تلك المكاسب بمجرد الإعلان عن انشقاقه، كما أن هناك تكتيكا آخر داخل التنظيم يعتمد على الإعلان عن إبعاد شخص أو مجموعة أشخاص «شكليا» وهو انشقاق صورى يشبه «البيات الشتوي» مع تمسكهم بدعوة الجماعة وفكرة التنظيم.
وأضافت مصادر منشقة من الإخوان أن الهدف من الإعلان عن وجود انشقاقات بين فريقى التنظيم بدعوى أن الحرس القديم لايزال متمسكا بالسلمية ما هى إلا محاولات من الجماعة لغسل أيدى قيادات الصف الأول المحبوسين فى قضايا القتل والإرهاب من دماء المصريين الذين يسقطون كل يوم على أيدى أعضاء الجماعة والتنظيمات الإرهابية الأخرى التى تعمل تحت لوائها.
وأشارت المصادر إلى أن تصدير صورة الخلاف على أنه خلاف دائر بين جناحين أحدهما متمسك بالسلمية وآخر يدعو الى المواجهة بحمل السلاح هو فى الحقيقة استغلال لوسائل الإعلام بقصد أو بدون قصد لاستعطاف الرأى العام ومحاولة منهم لإنقاذ قياداتهم المحكوم عليهم بالإعدام من حبل المشنقة، خاصة مرشد الجماعة الإرهابية محمد بديع ومحمد مرسى (الرئيس المخلوع من الشعب ) المحكوم عليه بالإعدام.
وكانت وسائل الإعلام التابعة للتنظيم قد بدأت فى الترويج الى وجود خلافات عاصفة بين فريقين، يضم الفريق الأول أعضاء مكتب الإرشاد الذى كان يدير الجماعة قبل ثورة 30 يونيو، ويتزعمه محمود عزت النائب الأول السابق لمرشد الإخوان ومحمود حسين الأمين العام السابق للجماعة ومحمود غزلان المتحدث السابق باسم الجماعة وعبد الرحمن البر الملقب بمفتى الجماعة، فيما يأتى على رأس الفريق الثانى أعضاء مكتب الإرشاد الذى تم انتخابه فى فبراير 2014، ويتزعمه محمد طه وهدان ومحمد سعد عليوة ومحمد كمال، بالإضافة إلى حسين إبراهيم الأمين العام لحزب الحرية والعدالة وعلى بطيخ عضو مجلس شورى الجماعة.