رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الدولة تسعى لإنقاذ السينما..
والسؤال هو كيف؟!

محمد شعير
اذا فكرت فى اصطحاب أسرتك لدخول السينما فى نهاية الأسبوع، ستجد أنك أمام مهمة عسيرة، ورحلة محفوفة بالمخاطر، وقد تتراجع عن الفكرة بسهولة، لأنك قد تفشل فى العثور على فيلم،

 يخلو من الألفاظ والمشاهد المثيرة للغثيان، وحتى ان وجد، ففى الأغلب لا متعة فنية أو فكرة، وانما أفلام فارغة تافهة، لا تخرج منها بشئ، أو كوميديا تعذبك لتنتزع منك مجرد ابتسامة باهتة، لا ضحكة!وفى ظل الركود الاقتصادى الكبير، على مدى السنوات الأربع الماضية، اكتفى كبار المنتجين الذين سبق لهم انتاج أفلام محترمة بالتزام بيوتهم، خوفا على أموالهم، فتركوا الساحة لآخرين قدموا أفلاما، جاءت لتعبر عن المرحلة، وتعكس مفهوم «الحرية» على الطريقة المصرية، سباب وعنف وعرى ومخدرات، فى خلطة سحرية لا تقاوم، ثم تجد من يأتى ليقول لك ان هؤلاء يحسب لهم أنهم حافظوا على استمرار صناعة السينما فى وقت تراجع فيه آخرون، وذلك زيف وباطل، لأن ما ينتجونه ليس سينما، وما هو بفن من الأساس، لكن الحق هو أنهم بالفعل لم يجدوا من يواجههم فى المقابل بانتاج آخر محترم، فاكتسحوا.


والآن، كان لابد من مواجهة، حيث تشير المعلومات الى أن الدولة تسعى جاهدة لانقاذ صناعة السينما، من خلال اجتماعات عقدت على مدى الأشهر العشرة الماضية، على المستوى الرسمى، لبحث المسألة بالكامل، وملكية أصول السينما، وكيفية ادارتها، وامكانية التدخل بالانتاج المباشر، ولكن كيف وبأى حدود. وفى أوساط المثقفين والنقاد أيضا، هناك جلسات ومنتديات لبحث القضية، لعل آخرها اللقاء الذى عقد بالمجلس الأعلى للثقافة، تحت عنوان «مستقبل السينما المصرية فى ظل غياب انتاج الدولة». وقبل تناول تفاصيل الأفكار الرسمية المطروحة، كان للمثقفين أيضا وجهات نظر.


الدكتورة رانيا يحيى عضو مجلس ادارة جمعية كتاب ونقاد السينما العازفة بالأوبرا، والتى دعت الى اللقاء، قالت اننا اذا كنا نريد أن نسهم خلال اللحظة التاريخية الراهنة فى ترميم بناء الشخصية المصرية، فلابد من الاهتمام بالفن عامة والسينما بشكل خاص، منوهة بمقولة أفلاطون الشهيرة «علموا أبناءكم الفنون ثم أغلقوا السجون»، فالفن الحقيقى يرتقى بالانسان وذوقه وأخلاقه فيبتعد عن العنف والجريمة شيئا فشيئا. ومن ناحية أخرى فان الفنون هى وسائل القوة الناعمة للدولة، التى تعكس فكرها وتاريخها ورؤيتها وثقافتها، وهو ما يستلزم أن نعمل على الرجوع الى ريادة وعظمة السينما المصرية، ولاشك أن الدولة التى غابت عن الانتاج السينمائى، ينبغى أن يكون لها دور فى ذلك.


وبكلمات حاسمة وصادمة، حول مستوى الأفلام حاليا، يقول الأمير أباظة رئيس مهرجان الاسكندرية السينمائى، اننا لا نجد فى الأغلب أفلاما مصرية تصلح للمشاركة فى المهرجان، وكذلك الحال بالنسبة لمهرجان القاهرة، بل ان مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية عرض به فيلم «الفيل الأزرق» رغم أنه سبق عرضه جماهيريا، وهذا لايليق. وفى التسعينيات كان لدينا 120 فيلما فى السنة يخرج منها 30 فيلما جيدا على الأقل، أما الآن يتم انتاج 25 فيلما فى السنة، فمن الطبيعى ألا تجد أكثر من 4 أفلام جيدة!


وبحسم أيضا، يؤكد قائلا اننا خسرنا كثيرا بعد غياب دور القطاع العام فى السينما عندما تم الغاؤه سنة 1971، فهذا القطاع هو الذى قام، بالتعاون مع منتج منفذ أو مشارك، بانتاج أفلام مثل «فجر الاسلام» و»الناصر صلاح الدين» و»الزوجة الثانية» وغيرها، وهو فقط الذى كان يقوم بالتخطيط لصناعة السينما ومستقبلها، عندما كان الموظفون الرسميون المسئولون عنه أسماء بحجم نجيب محفوظ وسعد الدين وهبة وعبد الحميد جودة السحار، ثم خسرنا أكثر فى التسعينيات عندما آلت ملكية أصول السينما لقطاع الأعمال العام، الذى كان يقوم بتحصيل أموال السينما دون الاستفادة منها فى تطويرها، والحل الآن هو بانشاء شركة قابضة لادارة أصول السينما، وأن تستفيد الدولة من عائد أموال السينما، وتستثمرها فى أن تنتج الأفلام بنفسها، ولو بشكل بسيط، أو تدعم منتجا خاصا بعد أن تضع له المعايير لانتاج الفيلم.


وبوجهة نظر مقابلة، يرى الناقد السينمائى أشرف غريب، أنه لا يحبذ دخول الدولة فى مجال الانتاج السينمائى مثلما حدث فى الستينيات، وأنه يجب ألا ننبهر للغاية بتلك التجربة وألا نعتبرها كارثية فى الوقت نفسه، بل أن نأخذ مزاياها ولكن بما يتناسب مع العصر، اذ لا يمكن تحميل الدولة حاليا أعباء مالية جديدة، فى ظل الاتجاه بشكل عام للقطاع الخاص، بل يمكن أن تكون هناك صيغ أخرى تدعم من خلالها الدولة المنتجين الجادين، اما عن طريق البنوك مثلما كان الحال سابقا بالنسبة لبنك مصر، أو توفير البنية الأساسية والاشراف على ادارتها، أو خفض رسوم التصوير فى الأماكن الأثرية مثلا، والمهم أن يكون هناك تخطيط، وبحث عن الصيغ المناسبة.


وينوه، فى هذا الاطار، الى أن فيلما مثل «المسافر» من انتاج الدولة، قد فشل وتسبب فى خسارة 20 مليون جنيه، كما أن فيلمين مهمين فى الماضى مثل «المومياء» و»الأرض» قد خسرا ماديا رغم قيمتهما لأنهما لم يصلا الى التوليفة التى تجمع الرقى الفنى والجماهيرية، فى حين أنه فى السابق، كانت هناك أفلام مثل «الفتوة» و»باب الحديد» و»دعاء الكروان» و»جعلونى مجرما»، نجحت جميعا وهى من انتاج القطاع الخاص، فالمهم هو أن تدعم الدولة المنتجين الذين يقدمون فنا راقيا وجماهيريا.


أما على المستوى الرسمى، فقد كشف الدكتور محمد عفيفى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة عن أنه يتم عقد اجتماعات أسبوعية أو نصف شهرية، على مدى الأشهر العشرة الماضية، حول أصول السينما، قائلا ان ملف السينما هو أهم الملفات المفتوحة حاليا، وأن رؤية الدولة تقوم على أن السينما تمثل القوة الناعمة لمصر، وأنها احدى وسائل مواجهة التطرف، والدولة الآن ليس لديها مانع من الدخول كمنتج فى السينما، ويمكن أن ترصد مبالغ كبيرة لذلك، لكن السينمائيين أنفسهم منقسمون بشأن ذلك، وبعضهم معترضون لأنهم يخشون أن يمثل هذا تدخلا ضد الحريات.


وقال ان هناك قرارا بعودة ملكية أصول السينما للمجلس الأعلى للثقافة، لكن القضية هى كيفية ادارة هذه الأصول بعد ذلك، وقد عرضت وزارة الشباب فى الاجتماعات تمويل الانتاج لأن امكانيات وزارة الثقافة محدودة، وطرحنا فى الوزارة فكرة انشاء شركة قابضة، ومنها شركة لادارة أصول السينما، أو انشاء قطاع للسينما داخل وزارة الثقافة، وجلسنا بالفعل مع ممثلى وزارة التخطيط لوضع تصور للهيكل الادارى والفنى لهذا القطاع، لكن هناك اجراءات لابد منها كالحصول على موافقة مجلس الوزراء وغيرها، لأن ذلك سيترتب عليه أمور ترتبط بميزانية الدولة، ويمكن أيضا أن تتولى لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة بالاشتراك مع غرفة صناعة السينما التخطيط لهذا المجال، وهذا هو ما أفضله شخصيا.. وعلى كل حال، فقد تم طرح هذه الأفكار على الدولة، وأصبح حل القضية هو مسألة وقت.


رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق