رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

«الروح الرابعة» .. رواية جديدة لمركز «الأهرام» للنشر

◀ جمال نافع
حاول أن يسأل الحياة لماذا أتت به وهى تعلم ما تدخره له، ولم يتلق إجابة. وسأل القدر: هل بالفعل مصير كل واحد فى هذه الدنيا مكتوب فوق جبينه منذ ولادته أم أن هذه المقولة لا صدق فيها وأن القدر يبدل ويغير كما يشاء وكما يعن له؟ ولم يتلق إجابة. إن القدر لا يصنع الشر ولا الإجرام، ولكنه الإنسان الذى يلقى بكل رذائله على أكتاف القدر.

كانت تلك إحدى القضايا الحائرة التى يناقشها إدوارد فيلبس جرجس فى روايته “الروح الرابعة” التى صدرت مؤخرا عن مركز الأهرام للنشر.

ويبدأ المؤلف عمله بسؤال مفاجىء: هل تعتقد فى الأرواح؟ وهل تعتقد أن أرواح من رحلوا عن الحياة يمكن أن تكون موجودة بيننا أو تحلق حولنا؟ هكذا دخل فى الموضوع مباشرة، دون تمهيد ودون أن تعرف حتى من هم المتحدثون؟ ربما لأن الموضوع أو الفكرة هى الأهم من الشخصيات.. ليكشف القارىء أن “سعيد الوردانى” يحكى حكايته لـ “جبران الأسيوطى”؛ وهما صديقان جمع بينهما الفراغ فى سن المعاش وحب لعب الشطرنج على المقهى، وفى ليلة يفيض صدر “سعيد الوردانى” بحكايته فيستضيف “جبران” فى بيته عدة ليال، ليحكى له قصته مع صديقى طفولته وعمره “سمير كامل” و”حسام الكواكبى”، وكشهرزاد- التى تحكى للملك شهريار حواديت ألف ليلة وليلة- يحكى “سعيد الوردانى” لـ”جبران” ما حدث مع الفلكى فى حادثة تحضير الأرواح، وينهى كل فصل وكأن الديك قد أذّن بطريقة تحمل مزيدا من التشويق والفضول لاستكمال الرواية.. ليس من “جبران” فقط ولكن من القارىء أيضا.

يستخدم المؤلف شكل الفنتازيا فى الأحداث، فعندما يجتمع الأصدقاء الثلاثة مع الفلكى لتحضير روح “الكواكبى باشا” جد “حسام الكواكبى” الذى يمسك بالسلة، تأتى مجموعة من الأرواح الأخرى كانت تهيم من روحه، فتثقل السلة على يديه وتقع منكسرة، ويفشل الفلكى فى إعادة هذه الأرواح مرة أخرى من حيث أتت، فيهرب. ولأن الارواح اذا استدعيت ولم تصرف بنفس الطريقة التى استدعيت بها فإنها تفقد القدرة على العودة لمكانها وتقتحم من تجده أمامها، وتظل ساكنة فيه حتى ينتهى أجله، لتصاحب روحه فى رحلتها وتعود الى مكانها الذى أتت منه. وهكذا تتلبس “حسام الكواكبى” روح مجرم يدعى فواز الجهينى، بينا تتلبس “سمير كامل” روح “الكواكبى باشا”، وتتلبس “سعيد الوردانى” روح المتسول “عم فانوس”. أما الروح الرابعة والتى حملت الرواية أسمها فتتلبس صديقتهم الراقصة زيزى.

ومن خلال هذه الأجساد التى تحمل كل منها روحين، يتناول المؤلف العديد من القضايا الاجتماعية والدينية، فروح المجرم “فوزى الجهينى” تأمر “حسام الكواكبى” بقتل مرشح فى الصعيد لأنه فاسد وأمواله من تجارة المخدرات لصالح منافسه العمدة، وينفذ حسام الأمر ثم يقتل العمدة أيضا لأنه فاسد. وفى النهاية لا يتحمل “حسام الكواكبى” كم الجرائم التى تأمره بها الروح الشريرة فينتحر.

كان “سمير كامل” محظوظا عندما اقتحمته روح “الكواكبى باشا”، حيث كونا ثنائيا رائعا، بين الماضى الذى عاشه الباشا، والحاضر الذى يعيشه الشاب، بين الحكمة والتهور، بين الحب قديما وحديثا، حتى بين الدينين، حيث كان الشاب مسيحيا وروح الباشا مسلما. وكذلك فقد تلبث جسد “سعيد الوردانى” المسلم روح المتسول المسيحى “عم فانوس” وإن لم يكن للدين فى حكايتهما دور ما. أما الراقصة فرغم أن روحا طاهرة قد تلبستها، إلا أنها جعلتها تقتل الفلكى انتقاما لإستدعاء أرواحهم.

وهكذا تظل الحياة لغزا كبيرا، وما بعد الحياة لغزا أكبر، ولا يعدو الإنسان- الذى اخترق حدود الكرة الأرضية وذهب الى الكواكب الأخرى- إلا طفلا أمام لغز الحياة وما بعد الحياة.

 

الكتاب: الروح الرابعة (رواية)

المؤلف: إدوارد فيلبس جرجس

الناشر: مركز الأهرام للنشر 2015

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق