كانت الأحلام تسبقه إلي بيت أسرته، حيث سيتمكن من تحقيق حلمه بالعمل في القطاع الخاص، بافتتاح معرض لتجارة الأثاث، أو الحصول علي وظيفة مناسبة بميناء دمياط، يؤهله لهما دراسته الجامعية. في يوم الحادث وهو عائد من امتحان أولي المواد كان سعيدا، ويري العالم بصورة وردية، ولكن القدر كان يخبئ له ما لم يكن يتوقعه في حياته، حيث بدأت الأحداث تتحول إلي مسار جديد وغريب بعيدا عن محيط أحلامه، التي تحولت في لحظات إلي كابوس مرعب ....
فبعد عودته من الامتحان طلب شقيقه الصغير أن يحضر له طعام الغداء، فقد كان مسئولا عن رعاية شقيقيه الأصغر منه مصطفي ومحمود، بعد وفاة والدتهم وهو في سن الرابعة عشرة، وأثناء مغادرته للمنزل لإحضار الطعام، سمع عن وقوع مشاجرة بين أخيه وشخص آخر لا يعرفه، فأسرع إليه لإنقاذ الموقف وإنهاء المشاجرة والخلاف وعندما وصل إلي مكان المشاجرة ربت علي ظهر من يتشاجر مع أخيه ليهدئ من نفسه، وسأله بأدب جم عن أسباب تلك المشاجرة لتحقيق مطالبه لإنهاء الخلاف بطريقة ودية إلا أنه فوجئ بهذا الشخص يخرج مطواة من طيات ملابسه ويفاجئه بعدة طعنات في جسده ليسقط صريعا غارقا في دمه، ولم يكتفى القاتل بذلك بل رفع سكينته في وجه المواطنين الذين هرعوا لإنقاذ المجني عليه، ونقله إلي أقرب مستشفي، ليهددهم بأن من يقترب منه سيلقي نفس الجزاء ليظل الطالب المسكين ملقي علي الأرض تنزف دماؤه، ثم ينقل للمستشفي في محاولة لإنقاذ حياته إلا أن روحه قد صعدت إلي بارئها ليتم إبلاغ الشرطة، والتي نجحت في القبض علي القاتل، ولكن بعد أن راح أحمد ضحية لهذا البلطجي دون أي ذنب جناه .....
كان اللواء حسن البرديسي مدير أمن دمياط قد تلقي إخطارا من العميد ثروت المحمدي مأمور قسم أول دمياط بمقتل أحمد صفوت 22 سنة طالب بكلية التجارة ،تم تشكيل فريق بحث برئاسة العميد السيد العشماوي مدير البحث الجنائي، حيث أكدت تحريات الرائد أحمد كيوان رئيس مباحث قسم أول أن خلافا نشب بين أحد البلطجية وشقيق القتيل، وعندما علم المجني عليه ذهب واعتذر للقاتل مؤكدا له أن شقيقه صغير وأخطأ، إلا أن البلطجي أخرج مطواة من طيات ملابسه وطعن الطالب عدة طعنات في أماكن متفرقة من جسده وتم نقله إلي مستشفي السلام بمدينة دمياط، وفارق الحياة، وتمكن رجال المباحث من القبض علي القاتل والذي تبين انه مسجل خطر، ومحكوم عليه بالسجن 10 سنوات غيابيا، في قضية الشروع في قتل أحد الأشخاص وأحيل للنيابة والتي تولت التحقيق، تحت إشراف المستشار إيهاب الحسيني المحامي العام لنيابات دمياط .
وتقول " فادية العراقي – خالة المجني عليه " إن أحمد كان شابا مهذباً وهادئاً جداً وتولي مسئولية شقيقيه بعد وفاة والدتهم وكان عمره لا يتجاوز الرابعة عشرة، وكان مسئولاً عن جميع طلباتهم واحتياجاتهم حتي ملابسهم كان يقوم بنفسه بغسلها وتنظيفها بل كان لا يسمح لهم بأن يقوم بذلك غيره، وآخر لقاء بيني وبينه كان قبل مقتله بيوم واحد، وأصر يومها علي توصيل جدته إلي منزلها بعد أن انتهت من زيارتها له ولشقيقيه، وكأنه يودعها في تلك اللحظات وقد كان آخر اتصال لي معه بعد انتهائه من امتحانه للمادة الأولي من المواد الدراسية، وقد كان في غاية السعادة بسبب إجادته في حل أسئلة المادة وأنه قد إقترب من الإنتهاء من دراسته الجامعية، وظل يذكرني بوعدي الذي قطعته له بأنني سوف أبحث له عن وظيفة فور انتهائه من الدراسة، ولكنه لم يكن يعلم أن القدر يرتب له أمراً آخر وأنه سوف يدفع حياته ثمناً للغدر والخيانة...
حيث كان أول حفيد في العائلة ولذلك كان له قدر كبير من المحبة في نفوس جميع أفرادها وازدادت هذه المحبة بسبب دماثة خلقه رحمه الله عليه، بل لم تكن العائلة وحدها التي تكن له ذلك بل كان كل من يعرفه من الأصدقاء والجيران يحملون له نفس التقدير. ويؤكد صفوت بجيري – والد القتيل أن ابنه لم يرتكب جرما بل كان يسعي لحل المشكلة ولكنها إرادة الله "وحسبي الله ونعم الوكيل" في هذا القاتل الذي حرمني وأسرتي من ابني الذي كان مثالا للأدب والأخلاق وكان رحمه الله منظم في حياته وابن بار بأهله وكان آخر العهد بيني وبينه وصيتي له عبر مكالمة هاتفية بالاهتمام بالمذاكرة والاستعداد للإمتحانات استعدادا جيداً، وبعد حرماني من قرة عيني وفلذة كبدي أصبح كل حلمي حاليا أن أري العدالة تثأر لي من قاتله حتي تسكن نفسي ويرتاح قلبي .