أما الفارون من إفريقيا الوسطى هربا من ميليشيات أنتى بالاكا التى يعنى اسمها المضاد للمنجل ولم أجد أحدا يفسر لى سر هذه التسمية ، هى ميليشيات تعارض مقاتلى السيليكا السابقين الذين يشكل المسلمون غالبيتهم ، والذين كانوا ينتمون إلى تحالف سيليكا الذى استولى على السلطة فى مارس 2013 بلغ عددهم حوالى 27 ألفا يقيمون فى معسكرات (قووى وزعفاى وسيدو ومخيم ماسينا) وبعضهم يعيش فى ظروف بائسة وينامون تحت الأشجار والشاحنات والخيام، التى قدمت بعضها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين والبعض الآخر صنعه اللاجئون من أخشاب الأشجار. وتتم استضافة الآخرين فى منازل السكان المحليين، الذين يرتبط بعضهم بصلة قرابة باللاجئين . بينما ومع بداية العام 2015 بدأت رحلات الهروب من جحيم بوكو حرام القادمين من نيجيريا وهم فى حدود 25 ألف لاجئ يعيشون فى منطقة على بحيرة تشاد فى العاصمة انجامينا فى معسكر دار السلام بمدينة بانجا سولا .
70 ألف لاجئ ومشرد ومصاب معارك أغلبهم من النساء والأطفال من ثلاث دول حدودية يعيشون هنا فى بؤس وحرمان ويعانون المرض والفقر , وتتولى منظمات الإغاثة العالمية تقديم العون لهم ولكنه لا يكفى بالطبع . وكما يقول محمد طاهر أحد الناشطين فى مجال حقوق الإنسان فإنه منذ عام 2007عرفت تشاد معسكرات اللاجئين بكثافة بعد اندلاع الصراع فى دارفور تلا ذلك استقبال الهاربين من جحيم الصراع فى أفريقيا الوسطى عام 2014 ثم نيجيريا عام 2015 . فى معسكر دار السلام فى انجامينا وجدت صورة للمعاناة الانسانية فى أبشع مظاهرها رغم الجهود التى تقوم بها الدولة لرعايتهم صحيا وغذائيا وعلى بعد ساعتين بالسيارة من المنطقة حيث أقيم فى انجامينا فى منطقة باغاسولا بالقرب من الحدود النيجيرية تمتد آلاف المخيمات التى وزعتها منظمة اليونيسيف ومنظمة الأمومة والطفولة على اللاجئين من القتال الدائر شمال نيجيريا . هنا أطفال بلا آباء وزوجات بلا عائل ورجال مصابون مقطعو الأيدى والأرجل, حكاياتهم مروعة وحياتهم غاية فى الصعوبة بلا عمل بعد أن كانوا من ذوى الأملاك قبل ظهور بوكو حرام واستيلائها على أراضيهم وممتلكاتهم ومنازلهم , كلهم فروا من هناك ظنا أنه سيجد من يحميه أو يأويه. ورغم الجهود الدولية والمحلية لاغاثتهم إلا أنها تبقى عاجزة أمام متطلباتهم . إحدى السيدات فرت إلى هنا فى قارب صغير بعد أن تعرضت للاغتصاب ومع ذلك وضعت وليدها فى القارب وعندما وصلت إلى مخيم باغا سولا أطلقت عليه اسم ادريس ديبى للرئيس التشادى الذى أنقذها من الموت وقالت إنها لن تعود إلى بلادها أبدا حتى لو تم القضاء على بوكو حرام . طفل آخر يبدو جائعا قال : أثناء هجوم المسلحين كنت أقف فى الشارع أمام بيتنا ورأيتهم يتجهون نحو الشاطئ وقتلوا كل من كانوا يقفون هناك بإطلاق النار على رءوسهم .
من بين المنظمات التى تقدم معونات إنسانية هنا المفوضية العليا لشئون اللاجئين حيث قدمت الطعام لأكثر من شهر كامل مجانا لهم ووزعت عليهم الخيام وكذلك منظمة الأمومة والطفولة التى تعتنى بصحة النساء والأطفال . أما فى معسكر اللاجئين فى (أجورى) فى منطقة دوبا جنوبى تشاد، فكما يقول خالد أحمد عبود رئيس رابطة طلابية إنه ساعد رجلا مقطوع اليد والرجل أخبره إنه كان يركب سيارته فأنزله المسلحون المتشددون وارتكبوا جريمتهم بحجة أنهم يطاردون المسلمين هناك وقال لا تستغرب فإنهم ذبحوا البعض وأكلوا لحومهم المشوية بلا أدنى مبالاة ولكن فى العام 2014 تدخلت القوات الفرنسية والتشادية وتمكنت من القضاء عليهم ومع ذلك فهو لن يعود . وفى نفس المعسكر امرأة فقدت زوجها وأبناءها بينما كانت فى السوق عندما دخل المسلحون إلى بيتها فقتلوا زوجها وأبناءها , أما هى فقد اكتفوا بقطع يدها عندما عادت لتطمئن على عائلتها ويضيف خالد :هناك حالات مصابة بالايدز والملاريا ومصابون فى أعناقهم وصدورهم بالسيوف والخناجر , ويشير إلى أن بلاده تعيش مأساة حقيقية بسبب ظاهرة الصراع القبلى والإرهاب العابر للحدود .
فى الكاميرون يهدمون المساجد أيضا
بوكو حرام دمرت إحداثيات الحياة فى المنطقة وأربكت جميع المخططات الإقتصادية السائدة والاجتماعية فى الدول التى تتواجد فيها بوسط إفريقيا ، فإلى جانب الاضطرابات التى تشهدها حركة التبادل التجارى بين الكاميرون وكل من تشاد ونيجيريا بسبب تدهور الوضع الأمنى كما لحقت الخسائر الفادحة بالقطاع الزراعى وهو ما أثر بشكل مباشر على حياة السكّان وأوضاعهم الصحّية .
يقال هنا أن أن القائد العربى عقبة بن نافع هو أول من وصل تشاد فاتحا وذلك فى القرن الثالث الهجرى وأن أهلها دخلوا الإسلام دون قتال , ومنها انطلق الفاتحون نحو الممالك المجاورة جنوبا وغربا . على الضفة الأخرى لنهر شارى بعد عبور جسر أنجيلى ثم مدينة كوسيرى يمكنك أن تستمع لحكايات الهاربين من جحيم بوكو حرام ورغم ذلك فإن الأقلية المسلمة فى أقصى شمال الكاميرون على رأس قائمة ضحايا بوكو حرام .
مسلمو الكاميرون الذين تبلغ نسبتهم 20 فى المائة من مجموع عدد السكان 20.9 بحسب بيانات رسمية حديثة ، يتركزون بالخصوص فى منطقة أقصى الشمال على الحدود مع نيجيريا، حيث تنشط جماعة بوكو حرام . ومدينة فوتوكول الكاميرونية لا يفصلها عن نيجيريا سوى كيلومتر واحد شهدت مجزرة بشرية عندما اقتحم حوالى 800 من عناصر بوكو حرام البلدة وقتلوا 200 شخص أثناء صلاة الفجر , سقط المصلون ضحايا لرصاص الإرهابيين ، بمن فيهم إمام المسجد، ولم يكتفوا، بل قاموا بإشعال النيران فى المسجد، انتقاما من المواطنين الذين رفضوا التعاون معهم ضد الجيش الكاميرونى .
وكما قال إدريس جارجا وهو معلم درس فى الأزهر فى مصر و التقيته على أطراف مدينة كوسيرى الكاميرونية فإن ما يحصل فى أقصى الشمال بالقرب من حدود نيجيريا يمكن أن يحصل فى مناطق أخرى من البلاد المجاورة إذا لم نتوخ الحذر، وعناصر بوكو حرام هم مجموعة من المجرمين وقطاع الطرق يريدون منا أن نصدق أنهم يقومون بما يقومون به باسم الله .