رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد حكم المحكمة
هل يتوقف توريث الوظائف ؟

تحقيق: محمد القزاز
لم يعد خافيا على أحد خلال العقود الأخيرة، انتشار آفة توريث الوظائف للأبناء والأقارب، وحجزها لهم حتى يتخرجوا فى كلياتهم لتكون الوظيفة فى انتظارهم ،فأصبحت فى مصر أخيرا وظائف مسجلة باسم عائلات بأعينها ، فى كل المجالات، من القضاة والأطباء وحتى هيئة النظافة والتجميل ، فى كل مصلحة تجد سلالة العائلات متغلغلة فى المكان ومسيطرة عليه.

ونظرة على شاشات التليفزيون تجد ابناء الفنانين هم المسيطرين على المجال الفنى، ونظرة على لافتات الأطباء تجد أسماء الأطباء وابنائهم فى العيادة الواحدة ، وبنظرة على صفحات الوفيات تلمح ذلك بسهولة ، حتى صار توريث الوظائف عرفا وقانونا فى المجتمع.

ولم يكن الحكم الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية وهو الحكم الأول من نوعه ، بمنع قيام المسئولين في الحكومة والدولة بتوريث الوظائف الحكومية أو العامة لأبنائهم وحرمان أبناء الفقراء والبسطاء منها إلا بعد استشراء هذه الآفة ، ونتيجتها كما نقرأها كثيرا فى الصحف من انتحار بعض المتفوقين بسبب رفض قبولهم فى الوظائف وتعيين أبناء العاملين فى المكان بدلا منهم ، وأشهرهم عبد الحميد شتا الباحث المتفوق الذى انتحر غرقا في نهر النيل احتجاجا علي خلو كشف المقبولين بالسلك الدبلوماسي من اسمه في مسابقة الخارجية وأنه غير لائق اجتماعيا ليحل بدلا منه أحد أبناء الدبلوماسيين.

المحكمة قالت في حيثيات حكمها، إن المشرع المصري ألزم الحكومة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز، وأن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.

وأشارت المحكمة إلى أن المشرع ألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كل أشكال التمييز، ونص الدستور الحالي على ضرورة إنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة التمييز والوساطة والمحسوبية غلقا لمنع أي فساد أو استبداد، ورفعا للظلم عن الشعب الذي عانى طويلا، مطالبة بسرعة إنشاء هذه المفوضية للقضاء على كل أشكال الوساطة والمحسوبية ومعاقبة مرتكبيها.

شروط مهنية

الدكتور صبرى الشبراوى أستاذ التنمية البشرية وعلم الإدارة بالجامعة الأمريكية قال إن هناك شروطا مهنية لكل وظيفة، وأن عملية الاختيار السليمة هى أساس تقدم الأمم فى الدول الديمقراطية، بناء على معايير واضحة وشفافية وتنافس بين المواطنين، فإذا غابت هذه الأمور وحلت بدلا منها معايير غير مهنية لا تؤدى إلى قيم انتاجية بجودة عالية فإن النتيجة تدهور فى الوظائف وفساد فى العمل.

وأضاف أن سوء اختيار الأفراد فى أماكن لا يصلحون فيها هو الفساد الأكبر وهو سبب تأخر الدول، وأن سبب تأخر التنمية فى مصر هو عملية اختيار أشخاص يديرون المؤسسات لا يصلحون بالأساس لإدارة محل « فول» ، وأنه يتم التعيين هنا فى الوظائف بناء على معايير عشوائية، ومن ثم فإن الاختيار يكون عشوائيا، أو عاطفيا ولأسباب غير مرتبطة بإنتاجية البلد وتدعيم تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.

وأشار إلى أن الثورة قامت بالاساس ضد توريث الحكم، بينما لم نقم بالثورة على باقى التوريث فى الدولة، وذلك بسبب أننا تغاضينا عن المعايير والقدرات المطلوبة للتوظيف، وأن نجاح الدول يأتى عبر معايير الاختيار الصحيح .

وأكد أن ما شهدته مصر خلال العقود الماضية حين نجد أن القاضى ابنه قاض والطبيب ابنه طبيب والمدير الفاشل ابنه مدير أفشل منه، هذا كله أدى بنا إلى حياة خرافية عشوائية.

ونحن هنا فى مصر من يدير الـ 90 مليون مواطن هم ألفا شخص فقط ، وأن من أسباب تأخرها هم هؤلاء الأشخاص، وفى أيديهم سلطات مقدرات البلد ، وأن اختيارهم دون معايير واضحة لأصحاب المصلحة « الشعب» فإن نتيجته هى العجز الواضح فى تنمية الدولة وتقدمها، وقيم العمل، وقيم التعامل بل قيم الحياة نفسها، وأن الاختيار يحدد ذكاء الأمة، وإذا كانت معايير الاختيار غير ذكية، فإن النتائج تكون غبية وحقيرة.

د. كمال مغيث الخبير التربوى رأى أن أزمة التوريث آفة تغلغلت وانتشرت فى كل المهن والوظائف المصرية على مدى الأربعين عاما الماضية.

عرف مدمر

وأرجع ظهور هذه الآفة إلى غياب المواطنة والديمقراطية وتدهور التعليم، وانتشار القبلية والطائفية فى المجتمع، فالكل سعى الى توظيف ابنه أو قريبه أو معارفه، فى وظيفته من بعده، وأنه فى فترة حكم مبارك كان مبالغا ، ووصل إلى حد ارتكاب الجرائم فى حق الشعب والدولة المصرية، فوجدنا بعض القضاة يعينون أبناءهم وهم بدرجة مقبول فى النيابة العامة ويدافعون عن هذا التعيين ، والحجة عندهم أن هذا سيكون أفضل فى المكان من ابن الرجل غير المتعلم حتى ولو حصل على امتياز فى تخصصه، ومن هنا ساد هذا العرف المدمر فى المجتمع ، ودمر العدالة الاجتماعية فى الوطن.

وأشار مغيث إلى إن خطورة توريث المهن لا تتوقف عند تدهور المهن وكفاءتها وغيبة القانون وتكافؤ الفرص والإحباط العام وإنما في أنه يحول مصر إلي مجرد عزبة كبيرة لا علاقة لها بالعصر الحديث.

وطالب لحل هذه الآفة بأن نرسخ فكرة الحداثة والديمقراطية ، وأن نبدأ من الجذور وهو الاهتمام بالتعليم ، فهو السبيل للقضاء على ذلك، وأن ينص الدستور على مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وأن يصدر قانون ينظم معايير هذه العدالة، وعودة الشفافية إلى قيم العمل.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 4
    ناهد
    2015/05/11 11:52
    0-
    1+

    لا للتوريث
    اتفق معكم فى انه لا لتوريث الوظيفة ولكن فيه أحوال تحتم عليها ان نتجاوز عن هذا القرار وهو فى حالة وفاة رب الأسرة الذى يعولها وان كان له ابن أو ابنه لم يتم تعينهم فهنا ممكن نتجاوز لصالح الأسرة ليس أكثر
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 3
    الحاج عادل سرج
    2015/05/11 10:04
    2-
    1+

    توريث الوظائف هو نظرية اخوانية فى الأصل
    وانتقلت منهم الى المجتمع كله . وكان معمولا بها فى بعض الأنظمة الشيوعية التى سقطت بعد تفكك الاتحاد السوفييتى وكانت كلها انظمة فاشلة لم تتحقق شيئا ايجابيا لمجتمعاتها . ومازالت هناك أنطمة حكم كثيرة تطبق هذه النظرية البالية .
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 2
    المستشار حسنى السيد المحلل السياسى
    2015/05/11 08:59
    0-
    2+

    سرطان توريث الوظائف العامة يحتاج للبتر
    فتوريث الوظائف مرض من أخطر الأمراض الأجتماعية التى تصيب المجتمع المصرى وهو مرض قديم لم تستطع الدولة القضاء علية على مدى العقود الماضية ومن أهم أعراضة الفساد الأدارى الذى يقضى على العدالة الأجتماعية ومبدأ تكافئ الفرص الذى ينعدم مع الفساد الأدارى الذى يعد من أهم معاول هدم المجتمع وأنهيار الدولة وباعث من أهم البواعث على أرتكاب الجريمة فى المجتمع . وهذا المرض تجدة منتشرآ بصورة عائلية تجمع الاب والام و أفراد الأسرة والأقارب فى وزارة أو هيئة أو مصلحة من المصالح الحكومية فى وظائف مختلفة يتم تعينهم عن طريق المجاملة والوساطة والمحسوبية دون النظر للمؤهل أو التقدير الحاصل علية طالب العمل ودون وضعة فى المكان الذى يتناسب مع مؤهلة الدراسى بأختصار الموضوع شيلنى واشيلك ومحدش حيكلم فالكل صاحب مصلحة و المهم اللى حيتعين قريب مين أو واسطة مين ونرى ذلك فى دور الصحف القومية وأتحاد الأذاعة والتليفزيون ووزارة العدل والخارجية ووزارة النقل وغيرها من الوزارات والمصالح الحكومية فيؤدى ذلك الى فساد الجهاز الادارى وأنهيارة .. ومن جانب آخر يؤدى ذلك الى قتل النبوغ والأبداع لدى أوائل الخريجين من أبناء ال
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 1
    مصرى حر
    2015/05/11 07:56
    0-
    2+

    هل يتوقف توريث الوظائف ؟
    فى الجامعات والقضاء والشرطة والكهرباء والبنوك والبترول والاعلام......حصريا فى الوظائف التى تحقق دخولا ضخمة فضلا عن الحيثية والسلطة والهيبة،،، هؤلاء هم القدوة إن صلحوا صلحت البقية.... موضوع القضية التى حكم فيها بالاسكندرية تعد امرا هينا جدا ولعلها بداية لما هو اكبر واعظم
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق