رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الإهمال يبتلع البراءة

كتبت - منى يحيى :
نسائم الامان كانت تهفو لوجدانه وهو يسير في الشارع ليلا ممسكا بيد خاله بينما كان بصره يزوغ علي محلات الحلوي لاختيار كل ماتشتهيه طفولته البريئة وراح يسرد لخاله حكاياته مع رفاقه في الحضانة ومداعبات مدرسيه له.

ثم انتقل للحديث عن عشقه لامه التي يحبها اكثر من الدنيا كلها وعن ابيه الذي يلبي له كل طلباته ولم يتوقف الصغير عن الكلام وكانه كان يودع الحياه والخال يقبض علي يده الصغيرة لمداعبته حتي جاءت اللحظه التي لالحظة بعدها وظهر شبح الاهمال واللامبالاه فجأه حيث ظهرت بالوعه مفتوحه وسط ظلام الليل الدامس وانزلفت قدم الطفل بداخلها ولم يتمكن خاله من انقاذه والتهم الاهمال البريء ولم يتبق منه سوي ذكري آليمه تفوح منها رائحه حزن كريهة.

"يوسف "الطفل الوحيد لوالديه كان يمتلك وجها ملائكيا يخطف كل من تقع بصره عليه وكان خفيف الظل ورغم انه كان في الرابعه من العمر الا انه كان يتسم بالهدوء والوداعه فقد كان ابن موت كما قالت جدته لامه كان مثل بقيه من هم في مثل عمره يلعب ويلهو ويتمني ان يكون ضابطا وجلب له والده كل انواع اللعب من المسدسات ليلهو بها وكأن الصغير كان يبعث رساله بريئه من عقله الغض بأن تلك المسدسات لابد ان تشهر في وجه المهملين واصحاب النفوس الضعيفه الذين سيزهقون روحه وبعدها سيتسببون في موت المئات اذا لم يجتثهم المجتمع من جذورهم ويلقي بهم والمسئولين عنهم في مزبله التاريخ ليكونوا عبره لكل مهمل او فاسد

كانت عقازب الساعه تشير الي الواحدة صباحا ويوسف يرتمي بين احضان ست الحبايب بينما كان والده يشاهد التليفزيون وتعالت اصوات ضحكات يوسف ووالدته تداعبه وتقبله فى كل ذرة في جسده وكأنها كانت تعلم انها المره الاخيرة التي تستدفيء فيها بانفاس ابنها الطاهرة وان اياد رثة سوف تسلبه روحه ويخلو البيت من أصوات ضحكاته وانها لحظات وسوف ينطفأ قنديل المنزل لتسكنه العتمة الممزوجة بالشجن والهموم وراحت الأم الشابه تنظر في عين طفلها وهو يقبلها ويطلب منها الخروج للتنزه في صباح اليوم التالي بشرط اصطحاب جديه واخواله واعمامه وابناءهم وردت الام في غرابة شديدة "ايه يايوسف هو فرح كل العائله عاوزها تخرج معاك فرد عليها قائلا والله ياماما هايروحوا معايا بكره" وهاتشوفي ولم تلتفت الأم لكلام الأبن البريء وكانه كان يري ملك الموت وهو يحوم حوله ورأي كل افراد عائلته وهم يحملون نعشه علي الاكتاف ليتواري جسده البريء خلف الثري .

سمع خال يوسف الذي كان يقيم مع والديه في شقة مجاورة لشقة شقيقته ام يوسف اصوات ضجكات ابن شقيقته الذي كان يعشقه اكثر من نفسه وطرق الباب وطلب من يوسف ان ينزل معه لشراء بعض الطلبات واشترط الصغير علي خاله ان يجلب له كل انواع الحلوي التي يعشقها وان يعزمه علي العشاء لدي احد المطاعم الشهيرة بحلوان ووافق خاله علي كل طلباته وفي لمح البصر ارتدي الصغير ملابسه وهرول الي القدر المشئوم الذي ينتظره.

كان الليل قد اسدل استاره واغلقت معظم المحال التجارية أبوابها وخيمت العتمة علي كل الدروب التي خلت من معظم المارة لتفسح الطريق للكلاب الضالة تعيث في مقالب القمامة وخشي الصغير من الظلام ونباح الكلاب وقبض علي يد خاله وسارا الاثنان الي طريق الهلاك حيث ظهرت بالوعه مفتوحة فجأه وانزلقت بداخله قدم الطفل وسقط فى لمح البصر بينما تعالت اصوات صراخ خاله لايقاظ النائمين لمساعدته في استخراج ابن شقيقته من مياه الصرف الصحي وتجمع العشرات وبدم بارد واحساس ميت وقلب ضلت الانسانية إليه شق تزاحم المواطنين رجلان اكدا انهما من الهيئة العامة للصرف الصحي بحلوان واعتقد الاهالي انهما حضرا بعد سماعهم بالواقعة وكانت الطامه الكبري انهما قاما بفتح غطاء البالوعه التي التهمت الصغير وتركاها وذهبا لاحتساء الشاي علي احد المقاهي دون ان يكلفا نفسيهما الضعيفه بوضع اي اشاره بأن البالوعه مفتوحة حتي يأخذ الماره حذرهم والاغرب من ذلك ان الموظفين لم يتلقيا ايه بلاغات من سكان المنطقه تفيد وجود اعطال في تلك البالوعة وانهما حررا بلاغا وهميا بوجود عطل حتي يتوجها الي ذلك المكان للحصول علي اجر اضافي .

وقع الخبر علي ام يوسف كالصاعقة فهو ابنها الوحيد وكيف تتمدد بدونه ومن الذي سيمسح دموعها اذا بكت ويحتضنها ليحميها من بروده الشتاء القارس وكادت ان تفقد عقلها كلما تراءي لها مشهد جثة ابنها تغرق وتسبح في مياه المجاري وجلت الام الثكلي بجوار بالوعة تصرخ وتنادي علي ابنها الوحيدلعل السماء ترق لها وتعيد اليها الحبيب الغالي حيا ومكثت الأم الثكلي ٢٤ ساعة حتي تم استخراج جثه الصغير وقد غابت ملامحها من بالوعة تبعد عن بالوعة الموت بحوالي ثلاثه كيلو مترات وحمل الأهل جثة البريء علي الاكتاف ليتواري خلف الثري بينما تمكنت المباحث من ضبط المتهمين واحيلا الي شريف مختار رئيس نيابه حلوان وأمر المستشار طارق أبوزيد المحامي العام الأول لنيابات جنوب القاهرة بحبسهما على ذمة التحقيقات.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 1
    محمود خلف
    2015/05/09 09:41
    0-
    0+

    لو كان
    لو كان الحكم بيدى لقمت بإلقاء هذين المجرمين الذين تسببا فى هذه المصيبه فى نفس البالوعه ووضعت فوقهم الغطاء حتى لا يعودا إلى سطح الآرض مرة أخرى حتى و هم أموات.
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق