وقع كتيب فى يد السلطات البريطانية من 70 صفحة يجيب عن هذا السؤال، عبارة عن دليل للعمل الإرهابى، ومع أن التعليمات فى هذا الكتيب موجهة لعناصر إرهابية فى الغرب، فإن ما يتضمنه من تفاصيل يكاد يماثل نفس الطريقة التى يتبعها أعضاء تنظيم الإخوان فى صناعة المتفجرات والقنابل البدائية وعمليات القتل فى مدن وشوارع مصر.
الكتيب يركز على من يطلق عليهم "الذئاب المنفردة"، وكيفية تنفيذ هجماتهم فى الغرب، والمقصود بهم الخلايا النائمة التى تتكون من شخص أو شخصين، ونصائح لهم بإخفاء أسمائهم الحقيقية ومظهرهم الخارجى وثيابهم، ليبدو كل منهم فى شكل أقرب إلى الغربيين.
والذئاب المنفردة، ظاهرة يقوم خلالها أشخاص بتنفيذ عمليات إرهابية بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة مباشرة بتنظيم إرهابى. وتكمن الخطورة فى أن هؤلاء الأشخاص يؤمنون بفكر التنظيمات الإرهابية ويقومون بتنفيذ عملياتهم بعيدا عنها، بدافع عقائدى أو نفسى أو مرضى أو إجتماعى أو طائفى، وتمثل هذه الظاهرة تحديا لأجهزة الأمن وخاصة فى الغرب، وتكمن صعوبة مواجهته فى إحتمال عدم وجود معلومات عن هؤلاء الأشخاص أو موعد قيامهم بعملياتهم الإرهابية أو حتى مكان قيامهم بها. وكان من أهم عمليات الذئاب المنفردة ما قام به مسلحان تونسيان بالهجوم على متحف باردو فى تونس وقتل وإصابة العشرات، وخروج مباركات من بعض التنظيمات الإرهابية ومن المؤيدين والمتعاطفين معهم تؤيد ما قاما به وعلى رأسها داعش. بالإضافة إلى عملية إحتجاز الرهائن فى مدينة سيدنى الإسترالية والتى إستمرت أكثر من 16 ساعة وإنتهت بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أخرين، وتبين من التحقيقات أن منفذى العملية الإرهابية إستقوا أفكارهم من مواقع التواصل الاجتماعى ولا علاقة لها بتنظيم إرهابى معين. وسيكون خطر "الذئاب المنفردة" الأكبر والذى يثير رعب الغرب هو عودة الشباب الأوروبى الذين سافروا للإنضمام إلى صفوف التنظيمات الإرهابية وخاصة داعش وتطبيقهم لما تعلموه داخل بلادهم.
ودليل العمل الإرهابى مكتوب بلغة إنجليزية سليمة، ويدعو من أسماهم "الجهاديين" لجمع التبرعات من خلال الإنترنت، والحصول على الأموال بكل الطرق الممكنة، وتؤكد فقرة من الكتيب أنه، "إذا كانت إراقة دماء غير المسلمين مباحة، فإن ثرواتهم مباحة أيضا".
أكثر الصفحات التى شدت إهتمام وقلق أجهزة الأمن البريطانية، هى التى تتعلق بصناعة الأسلحة والقنابل اليدوية وإستخدام الموبايل فى التفجيرات عن بعد، وتعليمات عن كيفية الاقتراب من أشخاص فى مواقع السلطة والتأثير عليهم وإقامة علاقة وثيقة مع الأشخاص المعارضين لحكوماتهم، وكسب صداقاتهم وتقديم الدعم لهم.
تتعدد التعليمات فى الكتيب حول ضرورة ترويع من يعارضون الأعمال الإرهابية، ودعوة "الذئاب المنفردة" إلى تلقى تدريبات على إطلاق الرصاص المطاطى، من أجل إجادة استخدام البنادق، بالإضافة إلى صناعة المتفجرات، وهناك تفاصيل عن حمل أسلحة بدائية مثل الشماريخ، التى يكون حملها أكثر سهولة من الأسلحة النارية، وكذلك شراء البنادق من مصادر مختلفة مثل تجار المخدرات.
وللترويح لأفكارهم ولتبرير أى عمل إرهابى، تم تخصيص صفحات من الكتيب لتكريم من يقومون بهذه الأعمال وكأنهم نماذج يحتذى بها، ومنهم على سبيل المثال الأخوان "تسارناييف" اللذان قتلا ثلاثة أشخاص وأصابا أكثر من 300 آخرين بالتفجير الذى نفذاه فى مدينة بوسطن خلال ماراثون تم تنظيمه عام 2013.
وتتضمن عشر صفحات من الكتيب تعليمات حول كيفية صناعة القنابل من مواد بدائية، مثل المونة التى تستعمل فى مواد البناء والمسامير، بالإضافة إلى تفخيخ السيارات.
ويقول تشارلى وينتر، الباحث بمؤسسة "كويليم"، مركز أبحاث متخصص فى بمكافحة الإرهاب فى لندن، إن كيفية صناعة المتفجرات والقنابل اليدوية التى إنتشرت بشكل واسع عبر وسائل التواصل الإجتماعى ومواقع الإنترنت، تمثل تطورا مثيرا للقلق، وأن الحل لمواجهة هذه الظواهر الإرهابية، لا يكفيه رد الفعل بعد وقوع العمل الإرهابى، مثل البحث عن من ألقى أو زرع القنبلة والقبض عليه والبحث عن التنظيم الإرهابى الذى يقف خلفه، بل بإستباق العمل الإرهابى وبالمبادرة بردعه ومنعه من التنفيذ، عن طريق الوصول إلى معلومات عن المحرضين عليه والقبض عليهم قبل حدوثه، خاصة بعد أن رصدت شبكة إدارة سكوتلاند يارد لمكافحة الإرهاب على الإنترنت، وجود 55 ألف موقع تنشر رسائل تحريضية للإرهابيين.