وقد مررت بظروف قاسية، حيث تزوجت مهندسا يكبرني بسبع سنوات، ومنذ اللحظة الأولي عرفت أنه مريض، ولم تكن بيننا علاقة زوجية، واستمررت ثمانية شهور في التردد معه علي الأطباء، ولكن بلا نتيجة، ولم أفرح مثل كل البنات، وما ضايقني أنه كان علي علم بحالته الصحية، ومع ذلك تقدم لي وتزوجني، ولما عرف أهلي بأمره أشاروا عليّ بطلب الطلاق لكني رفضت، وجعلت شغلي الشاغل أن أصحبه إلي الأطباء عسي أن تتحسن حالته، ولكن هيهات أن يحدث أي تطور إيجابي من ناحية، فلقد كان يتلقي العلاج رغما عنه، واكتشفت أنه انطوائي إلي حد المرض، ويحب الوحدة، ولا يتحدث إلي الآخرين، بل أنني كلما اقتربت منه يبتعد عني.
ولما يأس الطبيب المعالج منه، قال له في آخر مرة زرناه فيها »وفر فلوسك ـ مفيش أمل«.. وهنا تغيرت معاملته لي تماما، ووصل الأمر إلي حد الضرب، وتلقيت منه »علقة موت«، ولم يخلصني منه إلا الجيران، وأخيرا انفصلت عنه، وحسبها الناس عليّ زيجة وأصبحت مطلقة، وعدت إلي منزل أهلي، وكان والدي وقتها يخضع لعملية زرع قرنية، لكنها فشلت، وعم الحزن أرجاء المنزل، فوالدي أصبح فاقدا للبصر، وأنا مطلقة، لقد أدارت الدنيا لها ظهرها، ولكننا نحمد الله. وله سبحانه وتعالي الأمر كله.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
ليس في الدنيا شقاء دائم، ولا سعادة أبدية، وكما يقول الحق تبارك وتعالي »فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا« وهذا التكرار يفيد التأكيد من الله علي أن العسر يقابله يسران، بمعن أن تأمل في فرج الله، وبأنه سبحانه وتعالي يضعنا دائما في اختبارات الحياة، وأن علينا دائما أن نسعي، وليس علينا ادراك النجاح، فإذا آمنت وسلمت بذلك فسوف ييسر الله لك أمرك، ويرزقك بمن يستحقك، وتكونين أهلا له.. وتسعدين به. فلا تحزني، ولا يحزن أباك، ومن يدري فلعل هناك من الأطباء من يجري له جراحة جديدة يعود بصره بها، فعلينا ألا نفقد الأمل وأن نأخذ بالأسباب، فانتظري عطاء من لا يغفل ولا ينام.