لدرجة جعلت الكثيرين يعقدون مقارنة بين نبى جبران ، وزرادشت نيتشه ، بسبب تناول الأثنين لقضايا فلسفية مهمة تتسم بالمسحة الدينية الروحية ، والعمق فى الرؤية والتفسير للأمور المطروحة.
لعل كتاب جبران المحتوى على 24 قصيدة نثرية ظهر على شاشة السينما فى عرضه العالمى الأول العام الماضى بمهرجان تورنتو السينمائى بكندا ، وعرضه العربى الأول الأسبوع الماضى بلبنان يمثل خطوة مهمة نحو إبراز الفكر العربى منذ بدايات القرن الماضى ، وكيف أن المفكر العربى يملك القدرة على الاستقراء لواقعه ، وتمتعه بروح الإنسانية .
وقد ظهرت هذه الروح فى الفيلم بشكل دقيق أكد استيعاب صناعه لفكر جبران ورؤيته ، فظهر الفيلم محافظا عل روح السلاسة والعمق التى كتبت بها القصائد ، وكان اختيار التحريك لصناعة الفيلم ذكاء من القائمين عليه لجذب الأطفال فيكون بمثابة موجه لسلوكهم .. هنا لابد من ذكر تعليق سلمى حايك منتجة الفيلم بأن تعاليم وقيم جبران من خلال هذه العمل تتسرب إلى العقل الباطن .
ما يحسب أيضا لصناع العمل أنهم بجانب إبرازهم للجانب الفلسفى والفكرى كلغة، أنهم تمكنوا من إبرازه بالشكل التشكيلى الذى أرفقه جبران فى كتابه ليكون موضحا لما يريده ، فظهرت اللوحات التى يتضمنها الفيلم مزيجاً بين الفن العربى ، والفارسى ممزوجين بالتعبيرية ، والتجريدية التى تجذب العين ، وكان للموسيقى دور فى جذب الأذن لمزجها بين الآلات الشرقية والغربية بشكل اتسم ايضا بالهدوء والعمق .. من هنا يجد المشاهد نفسه متماهياً مع العمل بعد جذب حاستى السمع ، والنظر ليتمكن صناع العمل من توصيل قصائد جبران بهدوء داخل عقل ونفسية المتلقي، وإضفاء إحساس التسامى لديه.
الفيلم شارك فى إخراجه عشرة مخرجين ، وتسعة منتجين وكلهم أسماء عالمية ، لكن الغريب هو مشاركة قطر عن طريق مؤسسة الدوحة فى الإنتاج عن طريق شركات أمريكية ، لتظهر علامة استفهام كبرى هل هناك سينما قطرية ، وسينمائيون قطريون لهم باع فى مثل هذه الأعمال ليقفوا مع مارجين ساترابى ، كريس لاندريث ، توم مور ، نانى بالى ،الإماراتى محمد حرب ،مايكل سوتشا ، فرانسيسكو تستا ، واخيرا المخرج العالمى روجر البرس مخرج فيلم « الأسد والملك» .. أم انهم يريدون حجز مكان لهم ، خاصة انهم شاركوا من خلال مؤسسات أمريكية تولت الأمر برمته.