حيث اشترك فى بداية حياته كوكيل نيابة فى محاكمة كل خصوم ثورة يوليو، فمالأ السلطة، و احتفظ لنفسه بعلاقات كثيرة فى الداخل والخارج مع أهل السلطة وخصومها معا، وسخرهم جميعا لخدمة أهدافه.. وفى النهاية كافأته السلطة - فى عهد من يسميه المؤلف الرجل الضحوك - بتعيينه مستشارا إعلاميا فى فرنسا.
.. وسنقرأ كيف عاد الرجل الضحوك ذات مرة من رحلة لفرنسا سعيدا، فقرر تعيين الديماجوجى رئيسا لإحدى الهيئات. وكان سيد الديماجوجى يتردد على نادى السيارات للقاء أصدقائه رجال الدولة ليتشاوروا فى أمور الدولة وهم يشربون نخب مصالحهم. وفى نادى السيارات نتعرف على الصحفى الذى راح يروج له على أنه سيختار الملحقين والمستشارين بضمير القاضى، وهو ما لم يفعله الديماجوجى.. فقد رفض اختيار الآنسة نادرة مستشارة إعلامية رغم أنها كانت الأولى فى الامتحان التحريرى، وذلك لأنها سبق ورفضت العمل كسكرتيرة خاصة له، ثم رفضت أن تتزوجه. وذات صباح يحضر ابن الرجل الضحوك لمقابلة الديماجوجى مندوبا عن شركة أجنبية للأدوات الكهربائية فيشترى منه الديماجوجى من كل السلع للهيئة، ويفتح باب الشراء للعاملين بضمان بعضهم البعض.. وهكذا يخرج ابن الرجل الضحوك سعيدا، فلا ينسى الديماجوجى أن يبلغه تحياته (للسيد الرئيس!)
ثم يرشح الديماجوجى نفسه لمجلس الشعب.. و بعد أن ينجح يقود مسيرة إلى قصر عابدين لتجديد البيعة للرئيس الضحوك بفترة رئاسية جديدة .. ثم تبدأ حملة التوريث.. ويتم اختيار الديماجوجى كوزير بالوزارة، وعلى الفور يقوم الديماجوجى بتعريف الابن لشركات المقاولات، فيجعلون له نصيبا مفروضا فى شركات التعمير بكل أنحاء الجمهورية. وينصح طلعت بيه صديقة الديماجوجى (المطّلق) بالزواج بعد أن أصبح وزيرا، وأقنعه بأنه تلزمه زوجة تشرفه فى المجتمعات، فيتزوج من ألفت هانم الغيورة. وفى حفل الزفاف تتعرف ألفت على فريدة مديرة مكتبه وتتحفظ على مسلكها. ثم نرى بعد ذلك كيف أشارت ألفت على زوجها الديماجوجى بضرورة تغيير فريدة نظرا لأنها تسيطر على مجريات زوجها فى العمل، وتشكل حاجزا بينه و بين العاملين هناك؛ خاصة وأن فريدة كانت تسىء معاملة وكلاء الوزارة ورؤساء القطاعات، وتوحى للديماجوجى بالاستمرار فى سياسة العصا والجزرة. وتحذر ألفت هانم زوجها من أن رياح الديمقراطية قد بدأت تهب على المنطقة وعلى البلد.. إلا أنه لا يسمع لها. وسوف يعهد رئيس الوزراء إلى أحد الصحافيين بتسريب أخبار فساد الديماجوجى وابنه فى مجال المقاولات.. وهكذا يذيع صيته السيئ بين الناس، ويتم تقليم أظفاره، ويدرك أن زوجته كانت على حق.. فترك لها قيادته فيما بقى له من أيام بعد أن تقلص نفوذه هو وابنه وعرف أن نهايته تقترب.
وتبين لنا الرواية كيف أن شجرة الفساد أصبحت وارفة ومتشابكة وتحاصرالجميع مما دفع الناس للتذمر والمطالبة بالتغيير.. وتكسب الجماعات المطالبة بالتغيير انصارا جددا كل يوم.. وأصبح هبوب الرياح وشيكا، و قوة الزلازل تزداد كل يوم و تنذر بالبركان.. وإذا هبت الريح فسوف تقتلع كل شىء. وبالفعل فقد زلزلت الأرض زلزالها، وثار بركان لا ينطفىْ.. وستقوم ثورة لا يعلم مداها الا الله.. وساعتها ستنفتح كل قوى الدولة على الشعب بزاوية 180 درجة.. ويتساءل الروائى فى نهاية الرواية: متى تهب الرياح لعلكم تشكرون؟
الكتاب: متى تهب الرياح (رواية)
المؤلف: زهير البيومى
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب 2015