فكانت حتشبسوت وكليوباترا اسطورتين لاتنسيان فى التاريخ الفرعونى، كما أكدت البرديات القديمة أن هناك أسماء سيدات كن يعملن فى القضاء ووزيرات للعدل، وتشير برديات يرجع تاريخها إلى 7 آلاف عام إلى أن أول وزيرة عدل، وأول قاضية فى التاريخ، كانت "نبت" حماة الملك "تيتى" أشهر ملكتين لمصر الفرعونية.
وترجع الحركة العمالية المصرية إلى عهود سحيقة فى التاريخ، ومنذ قامت حضارة وادى النيل على تقديس العمل وتكريم العمال كان للمرأة العاملة دور كبير فيها .. وما كان للمصريين القدماء أن يتوصلوا الى الإنجازات العظيمة التى حققوها فى مجالات العمارة والهندسة والزراعة والصناعة والتعدين والرسم والنحت بمشاركة وبوحى من المرأة ، وما لم تكن حركة العمال الجماعية قائمة على تنظيم محكم ودقيق، وهناك مبادئ عادلة تحكم العلاقات بين مختلف القوى الاجتماعية التى تتيح لهم أن يعبرواعن طاقاتهم الخلاقة الكامنة مثال العمال بناة الأهرامات و المعابد.
وفى صدر الإسلام عملت المرأة بالتمريض كما شاركت فى أثناء الحروب والغزوات بها، وأول نائبة برلمانية كانت امرأة من الأنصار، و تحدثت نيابة عن النساء مع النبى، وفى العصر الحديث بدأت رحلتها مع عصر التنوير فى مصر، وكان رفاعة الطهطاوى هو الذى نادى فى كتبه بضرورة تعليم البنات أسوة بالبنين، وأعقب ذلك إنشاء أول مدرسة لتعليم البنات عام 1872 وهى مدرسة السيوفية، وفى سنة 1889 أنشئت أعرق مدرسة للبنات فى مصر ( مدرسة السنية)، ووقف رجال عظام أمثال جمال الدين الأفغانى والإمام محمد عبده مع قضية المرأة ثم قاسم أمين بكتابيه " تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" الذى طلب فيهما بخروج المرأة للحياة العامة وممارستها حقها فى التعليم والعمل، ووجدت هذه الدعوة صدى واسعا فى عهد الزعيم مصطفى كامل عندما قامت ثورة 1919 وعبرت المرأة عن موقفها الوطنى، وقامت أول مظاهرة نسائية ضد الاحتلال البريطانى فى 16 مارس 1919 وسقطت أول شهدتين ، وفى 1920 تحول العمل السياسى للمرأة إلى طابع مؤسسى وأعلن عن تأليف ( لجنة الوفد المركزية للسيدات) للمطالبة باستقلال مصر استقلالا تاما، وشهد عام 1923 إنشاء الاتحاد النسائى المصرى على يد هدى شعراوى. ويذكر التاريخ أن الحكومة المصرية أرسلت أول دفعة للطالبات المصريات للخارج للحصول على التعليم العالى عام 1952، أما عام 1928 فقد شهد دخول أول دفعة من الطالبات جامعة القاهرة.
«قلنا هانبني وادي احنا بنينا..»
وقد شاركت المرأه العاملة فى النهضة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وكانت شريكا فعليا فى التطور الصناعى فى عهد الزعيم عبد الناصر الذى اتجه إلى تطوير القطاع الصناعى – بعد تنظيمه للقطاع الزراعى- فعمل على إنشاء المشروعات الصناعية الكبرى وذات الأهمية، بالاعتماد على التمويل الذاتى دون الحصول على قروض أجنبية أومعونات، كما تم إنشاء شركة الأسمدة والكيماويات ومصانع الإطارات والسيارات الكاوتشوك، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف، ومصانع الكبلات الكهربائية ومجمع الالومونيوم بنجع حمادى ، ومصانع السيارات -128- مصانع الإنتاج الحربى وغيرها.
وقد أعلن البنك الدولى فى تقريره أن مصر استطاعت تحقيق نسبة نمو من عام 1957-1967 بلغت ما يقرب من 7% سنويا، و هذا يعنى أن فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر استطاعت أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى السنوات الأربعين الماضية .
عبد الناصر..
ارتدى بدل غزل المحلة
وفى ذلك الزمان الذى كان يحكم مصر رجل – غير كل الرجال فى زمانه- كانت المحال المصرية تعرض و تبيع منتجات كلها مصرية 100% من ملابس ومأكولات وأثاث وأجهزة كهربائية، وكان وقتها ممنوع الاستيراد، والمحال الذى تضبط لديها بضاعة أو ملابس مستوردة يتم غلقها على الفور، وكانت الصناعة المصرية محل فخر صانعيها ومستخدميها، خاصة صناعة الملابس الجاهزة التى كانت فى غاية الدقة والذوق والإبداع، حتى إن الرئيس جمال عبد الناصر يفخر دائما بأنه يرتدى بدل وقمصان غزل المحلة وجميع المصريين كانوا يقتدون به ويستخدمون جميع المنسوجات المصرية المصنوعة من القطن المصرى الذى لم يكن له مثيل فى العالم، ويستخدمون الأجهزة الكهربائية المصرية لشركة إيديال التى لم يكن ليستغنى عنها أى بيت مصرى، وتوفى الرئيس عبد الناصر ولدى مصر اقتصاد أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية، و لديها فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين و الخمسين مليون دولار - بشهاده البنك الدولى.
وذلك ما تضمنه دستور 1956 حين منح المرأة المصرية لأول مرة حقوقها السياسية الكاملة ، وقد رأى أن حرمانها من هذه الحقوق يتنافى مع قواعد الديمقراطية، فكان حصول المرأة المصرية على حقوقها السياسية بداية لتمتعها بمزيد من الحقوق الأخرى، كالحق فى تقلد الوظائف، وفى اقتحام مجالات للعمل كانت محرومة منها، وفى الاعتراف بها كقوة إنتاجية على قدم المساواة مع الرجل، وقد توج هذا الاعتراف بتعيين أول وزيرة للشئون الاجتماعية فى مصر (د. حكمت أبو زيد) فى أكتوبر 1962.
ومع الانفتاح الاقتصادى حدثت فجوة ومطبات فى يد صانع القرار وتم الإجهاز على صناعات وطنية عريقة تحت شعار الإصلاح لصالح أباطرة الاستيراد واصحاب المصالح، مما أدى إلى انهيار الصناعة الوطنية، وتعطلها وأصبح العمال المصريون قوى معطلة بلاعمل وحدثت البطالة وضياع فرص عمل الشباب.
وبعد قيام ثورتى 25 يناير ثم30 يونيو، أصبح هناك دعم كامل من القيادة السياسية لإقامة المشروعات الكبرى وجاء مشروع تنمية قناة السويس فى عهد الرئيس السيسى وبالجهود الذاتية وبتمويل مصرى خالص، ليذكرنا بموقف المصريين من بناء السد العالى فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
وقد أكد السيسى للسيدات العاملات تشجيعه للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وهناك توجه لدعم سياسة اقتحامهن لصناعة المنسوجات وخياطة الملابس، لرفع وتحسين مستوى معيشة الأسرة المصرية ولتحقيق التنمية والعودة إلى الاهتمام بالصناعة المحلية وحماية الصناعات الوطنية، ففى هذا الوقت العصيب الذى تمر به البلاد نحتاج إلى مزيد من الاستثمارات، وهو ما أوضحه المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ مؤخرا.