. تقدم الرواية والسينما العربية الرجل الغربي بصورة سلبية للغاية، تعمد فيها الى كثير من التعميم. هذا ما يناقشه الكاتب الصحفي والروائي محمد رفعت، في كتابه الصادر مؤخراً عن دار المعارف بعنوان «الآخر بين الرواية والشاشة»، لافتاً إلى أن معظم الأفلام المصرية التي تعرضت لصورة « الآخر» أو «الخواجة»، قدمته باعتباره إما جاسوساً أو عميلاً أو طابورا خامسا لإسرائيل وأذنابها، أو متآمرا على العرب، أما المرأة الأجنبية «الخواجاية»، فهي إما جاسوسة هي الأخرى أو ساقطة ومنحرفة.
ولم يخرج من تلك الدائرة سوى بعض الأفلام القليلة التي أنصفت المرأة الغربية، ومعظمها مأخوذ عن روايات أدبية لأدباء عظام تعلموا في أوروبا وتزوجوا أجنبيات؛ مثل طه حسين في رائعته «الأيام»، أو توفيق الحكيم في عصفور من الشرق، أو يحي حقي في «قنديل ام هاشم».
ويقول «رفعت» - في مقدمة كتابه - إن هذا الشعور المتبادل بالترصد والتربص من هنا وهناك، يختلط ويتقاطع أحيانا مع شعور آخر بالانبهار بالحضارة الغربية ومحاولة التمسح فيها والانضمام إليها، وهو بالتأكيد إحساس متناقض يؤدى إلى مزيد من اللبس والارتباك داخل العقلية العربية فى نظرتها للغرب، ويقابله من الناحية الأخرى جهل شديد بحقيقة ما وصلت إليه المجتمعات العربية من تقدم ونضوج فكرى وثقافى لا يقارن على الإطلاق بالصورة الظالمة التى يتصورنا عليها معظم الغربيين الذين يظنون أننا مازلنا بدواً نعيش فى الصحراء ونمتطى الجمال، وهى النظرة التى تكملها نظرة أخرى رسمية حكومية سائدة منذ انهيار الاستعمار التقليدى، ويتعامل فيها الغرب مع العرب بدرجة عالية من التعالى والسلطوية وازدواج المعايير والانحياز التام لإسرائيل، سواء بدافع المصلحة، أو بدافع الاعتقاد بأنها واحة الديمقراطية الوحيدة وسط شرق أوسط متخلف ومستبد.
وبرغم أن الأدبيات العربية حفلت بمناقشات ودراسات حول رؤية الآخر لنا، أو بمعني أصح صورة الشرق في أدبيات الغرب، سواء من خلال الدراسات الاستشراقية، أو كتابات الرحالة، أو الأعمال الأدبية التي كان الشرق مسرحا لأحداثها، فإن رؤية الشرقي للغرب وعلاقته به والمتغيرات التي طرأت علي هذه الرؤي لم تحظ بنفس القدر من الدراسة والاهتمام سواء علي المستوي الثقافي أو الاعلامي.
والكاتب الصحافي محمد رفعت، يشغل موقع نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر، وصدر له من قبل روايتا «رقصة اللبلاب» و«امرأة غير قابلة للكسر»، وديوان شعر بعنوان «جرِّب أن تفقد ذاكرتك»، وكتابا «محاورات المصريين» و«من قتل إبراهيم الفقي»، وله تحت الطبع كتاب بعنوان «المصريون في الخليج.. الحياة داخل الكرتونة».
الكتاب: الآخر بين الرواية والشاشة
المؤلف: محمد رفعت
الناشر: دار المعارف 2015