مرورًا بالحروب على قطاع غزة وثورات الربيع العربى وظهور الجماعات المسلحة وسيطرتها على مناطق واسعة من العراق وسوريا، فإن القرن العشرين تميز بصراعات أكبر ومذابح مروعة فى مناطق عديدة من العالم, ومع إحياء العالم ذكرى مرور 100 عام على مذبحة الأرمن والتى صنفها البابا فرنسيس بأنها تمثل "أول إبادة جماعية فى القرن العشرين" لا يجب أن نغفل المذابح الأخرى التى لا تقل بشاعة عن مذبحة الأرمن الشهيرة والتى حملت فى طياتها فظائع لن ينساها التاريخ.
صبرا وشاتيلا
لو أن الزمن قفز عن تلك الأيام الثلاثة من 16 سبتمبر إلى 19 سبتمبر عام 1982، لكان التاريخ قد تغير، ولكان ثلاثة آلاف فلسطينى ما زالوا أحياء، أو ربما قد توفوا نتيجة للمرض أو الشيخوخة، ولم يضطروا لمواجهة موتهم البشع بأيدى مجرمين فقدوا الحس الانساني، وأضحوا ماكينات قتل لا قلب لها.
مئات من الفلسطينيين العزل من نساء وأطفال وشيوخ ذبحوا بأيدى مجرمين، فغرس فيهم سكاكينه فى وضح النهار، تاركا الفلسطينى يسطر ملحمة بطولية فى دفتر الذاكرة الانسانية.
قامت المجموعات الانعزالية اللبنانية متمثلة فى حزب الكتائب اللبنانى وجيش لبنان الجنوبى والجيش الإسرائيلى بارتكاب المذبحة التى راح ضحيتها فلسطينيون ولبنانيون. فى ذلك الوقت كانت إسرائيل قد قامت باجتياح لبنان وارتكبت العديد من المجازر فى حق الفلسطينيين بمساعدة بعض المجموعات اللبنانية المسلحة الرافضة للوجود الفلسطينى على الأراضى اللبنانية.
دخل للمخيم ثلاث فرق مسلحة إسرائيلية ولبنانية بحجة وجود فلسطينيين مسلحين ليقوموا بقتل المدنيين بلا هوادة. الشهادات التى جاءت من المخيمين أشارت لوجود قتلى من الأطفال فى سن الرابعة والثالثة ونساء حوامل تم بقر بطونهن ونساء تم اغتصابهن ثم قتلهن.
البوسنة والهرسك
فى وسط الصراع الرهيب بين القوات الصربية وسكان البوسنة والهرسك, كان الصرب يقومون بشكل مستمر بعمليات إبادة جماعية للمسلمين فى البوسنة والهرسك, أبرز تلك المذابح كانت التى تمت فى عام 1995عندما قامت القوات الصربية بمذبحة مروعة فى مدينة "سربرنيتسا" راح ضحيتها حوالى 8 آلاف قتيل ونزح عشرات الآلاف من المسلمين من المدينة والمناطق المحيطة بها.
البعض يعتبر هذه المجزرة هى أسوأ مجزرة فى تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية, ففى ذلك الوقت كانت القوات الصربية تقوم بعمليات تطهير عرقى ممنهجة ضد المسلمين البوسنيين تحت أنظار قوات حفظ السلام الهولندية التى لم تحرك ساكنًا تجاه ما كان يحدث أمامها من فظائع.
تفاصيل المجزرة تمثلت فى قيام القوات الصربية بدخول المدينة ذات الغالبية المسلمة، ثم عزل الذكور بين سن 14 و50 عامًا عن باقى السكان ليتم تصفيه هؤلاء ودفنهم فى مقابر جماعية, ناهيك عن عمليات الإغتصاب الممنهجة ضد المسلمات البوسنيات.
هيروشيما ونجازاكي
فى شهر أغسطس عام 1945 ومع قرب نهاية الحرب العالمية الثانية، قذفت الولايات المتحدة الأمريكية مدينتى هيروشيما ونجازاكى اليابانيتين بالقنابل النووية.
هذه العملية جاءت نتيجة لرفض رئيس الوزراء اليابانى تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام الذى يشير إلى إعلان اليابان استسلامها بشكل كامل دون أى شروط.
تسببت القنبلتان فى مقتل 140 ألف شخص فى مدينة هيروشيما و80 ألف شخص فى مدينة نجازاكي، نصف هؤلاء ماتوا نتيجة لحظة الانفجار، فيما مات 20% منهم نتيجة تأثرهم بالجروح والحروق والصدمات المختلفة. أما الباقى فمات نتيجة التسمم الإشعاعى وظهور السرطانات المختلفة.
وبالفعل أعلنت اليابان استسلامها بشكل تام بعد القنبلة الثانية على نجازاكى لتنتهى الحرب العالمية فى منطقة المحيط الهادى بشكل رسمي.
العديد من المنتقدين رأوا أن اليابان كانت ستستسلم عاجلًا أو أجلا دون الحاجة لإطلاق القنبلتين النوويتين وقتل مئات الآلاف من المدنيين، حيث يرى هؤلاء أن هذا الأمر يرقى إلى جريمة حرب غير أخلاقية ويعتبر أحد أشكال الإرهاب الدولي
الهوتو والتوتسي
كلمتان عاديتان، الكثير ربما يجهل ماذا تعنى بالضبط، وظلتا بعيدتان عن الشهرة والاهتمام فى ميدان السياسة والاعلام، لكن وفجأة احتلت صدارة الاحداث، واستقطبت اهتمام شعوب العالم أجمع، بداية الأحداث كانت فى إبريل عام 1994 عندما تم ضرب الطائرة التى كانت تقل رئيسى دولتى رواندا وبوروندى ليودى الهجوم بحياتهما ولتقم القيامة بين قبائل الهوتو ذات الأكثرية والتوتسى ذات الأقلية, مجازر دموية متبادلة إستمرت مائة يوم نفذت خلالها عمليات قتل ممنهجة, مجازر أودت بحياة مليون شخص ومئات الالاف من النازحين إلى الدول المجاورة توفى معظمهم بسبب المياه الملوثة، وارتكبت حوالى 150 ألف جريمة إغتصاب, كل ذلك
أمام أنظار الأمم المتحدة والدول الكبرى وبوجود قوات حفظ السلام، وبدلا من تعزيز دورها فى حماية المدنيين وتقديم المساعدات الانسانية، سارعت إلى سحب القوات الأممية وكان أول المنسحبين الجنود البلجيكيين، وهذا ما أدى إلى مزيد من القتل ما بين المدنيين.
وأخذت الأحداث تتسارع لدرجة أن الهوتو بدءوا فى قتل كل من تقع عليه أعينهم دون تفريق بين إمرأة أو شيخ أو طفل، وتحولت رواندا إلى مقبرة للتوتسي. تزامن ذلك مع ارتفاع نسبة الإصابة بمرض نقص المناعة ( الإيدز) عشرات المرات، وتعرض النساء للاغتصاب. وأصبح ميثاق حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومعاهدة جنيف مرة أخرى مجرد أوراق لا قيمة لها. وما فعله أعضاء مجلس الأمن هو أنهم قد اجتهدوا لإطلاق مسمى حرب أهلية على ما يحدث فى رواندا تجنبا لإستخدام كلمة "إبادة عرقية".
كمبوديا والخمير الحمر
هل هذه مزحة؟ حكومة تبيد ثلث شعبها؟ شعارها الوحيد "بقاؤك حيا لا يحقق أى فائدة, موتك لا يعنى أى خسارة! ليست قصة من قصص الرعب الخيالية, وإنما هم "الخمير الحمر" ذلك التحالف الماركسى الشيوعى الذى إستولى على العاصمة الكمبودية عام 1975 ولتبدأ بعدها المذابح المروعة, خلال خمسة سنوات أنشئت مزارع وحقول للقتل والموت حيث لا تزرع سوى الأجساد البائسة و لا تحصد إلا الجماجم و عظام الموتى.
تحت رقابة مشددة انطلقت حملة تصفيات رهيبة ضد كل من إعتبره النظام الشيوعى أعداء محتملين حيث تم تحويل المدارس إلى معتقلات, ويقدر عدد الذين قتلوا خلال فترة حكم الخمير الحمر بنحو 3 ملايين شخص.
فى عام 1979 اجتاحت القوات الفيتنامية كمبوديا وأسقطت حكومة الخمير الحمر وقد فر أغلب قادتها وعلى رأسهم "بول بوت" إلى الأدغال قرب الحدود التايلندية حيث اختبأ هناك حتى موته عام 1998.