ان مصر بطبيعة شعبها تعطى نموذجا واحدا للتلاحم لم ولن تشهد مثله شعوب العالم المختلفة، تضحيات وبطولات عديدة للاقباط المصريين نسرد نموذجا مهما منها على ارض سيناء .
مترى .. أول الشهداء
اللواء شفيق مترى سدراك كان أول من استشهد فى حرب اكتوبر ويرجع مسقط رأسه إلى قرية المطيعى بمحافظة اسيوط عام 1931 ، وكان والده يعمل مدرسا بالمدارس الثانوية ، وبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بكلية التجارة جامعة القاهرة ، ثم تركها بعد عامين من الدراسة والتحق بالكلية الحربية ، وتخرج فيها عام 1948 ثم التحق بسلاح المشاة وخدم كمقاتل فى السودان، وحصل على شهادة أركان حرب وهو برتبة رائد، كما عمل مدرساً لمادة التكتيك بالكلية الحربية، ثم كبيراً للمعلمين بها، وشارك سدراك فى صد العدوان الثلاثى الذى قامت به بريطانيا وفرنسا واسرائيل ضد مصر عام 1956 ، كما اشترك فى حرب 1967 حيث كان قائدا لكتيبة مشاة حاربت فى منطقة ابو عجيلة وكبد القوات الاسرائيلية خسائر كبيرة ، وحصل على ترقية استثنائية تقديرا لقيادته الناجحة .
ومنذ عام 1967 وهو واحد من الصامدين فوق ضفة القنال، وتجاوز البطل الواقع المؤلم، وقاتل مع جنوده فوق أرض سيناء فى معارك متميزة خلال حرب الاستنزاف فى الأعوام 68 ، 69 ، 1970 وكان لمعاركها فى قلب مواقع العدو نتائج عسكرية قتالية على درجة كبيرة من الأهمية فى مناطق بورسعيد والدفرسوار شرق وجنوب البلاح والفردان.
وفى 6 أكتوبر 1973 عبر المقاتل مترى سدراك إلى سيناء، وكان يعلم أنه ذاهب ليتمركز فوق الأرض الأسيرة بعد تحريرها، لكنه استشهد وهو يقاتل داخل عمق بلغ مداه ما يقرب من 14 كيلومترا فى سيناء- وكان يتقدم قواته بمسافة واحد كيلومترتقريبا وهى مسافة متميزة فى لغة الميدان والحروب، ولكنها خاصية القائد المصرى التى أظهرتها العسكرية المصرية فى معركة العبور.
وكان البطل المقاتل الشهيد اللواء أركان حرب شفيق مترى سدراك هو أول بطل كرم اسمه الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى الجلسة التاريخية الوطنية بمجلس الشعب صباح يوم 19 فبراير 1974 تقديرا لسيرته العسكرية وكفاءته القتالية واستشهاده فداء للنصر، حيث اعلن الرئيس محمد انور السادات ان اللواء البطل شفيق مترى سدراك هو أول الضباط الذين حصلوا على وسام نجمة سيناء لانه أول الضباط المصريين الشهداء .
حارس الجسور
أما البطل العميد نعيم فؤاد وهبة فقد تخرج فى الكلية الحربية عام1959 ثم تخصص فى سلاح المدفعية المضادة للطائرات التى تحولت فيما بعد إلى قوات الدفاع الجوى عقب حرب1967، حيث حصل على أول دورة تدريبية لقوات صواريخ الدفاع الجوى عام1962 على أيدى خبراء الاتحاد السوفيتى والتحق بالكتيبة341م/ط اللواء الأول مشاة الفرقة الثانية، ثم التحق بالكتيبة 426 صواريخ أرض/جو بعيون موسى بسيناء، ثم بالكتيبة421 صواريخ أرض/جو بالقنطرة غرب خلال حرب يونيو 1967، وقد أسقطت هذه الكتيبة إحدى طائرات الميراج الإسرائيلية بواسطة وسائل المدفعية المضادة للطائرات.
ونظرا لأهمية السد العالى بأسوان، وتهديدات العدو المستمرة بنسفه لإغراق مصر، توجه اللواء نعيم فؤاد إلى كتيبته فى اسوان للدفاع عن السد العالى ضد الطائرات المغيرة .
وفى يوم 6 من أكتوبر1973 كان نعيم فى غرفة عمليات القوات الجوية مع اللواء طيار أركان حرب محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية آنذاك واللواء طيار محمد المناوى رئيس شعبة عمليات القوات الجوية وكان وقتها برتبة مقدم وينحصر عمله فى تسجيل أوضاع وحدات الدفاع الجوى فى اللوحة التى يجلس أمامها اللواء طيار حسنى مبارك ، وحصل نعيم على العديد من الأوسمة والنياشين التى تمنح لضباط الجيش العامل ومع كل ترقية وكان آخرها ميدالية 6 أكتوبر بمناسبة الاحتفال باليوبيل الفضى لنصر أكتوبر العظيم ومرور25 سنة على هذا النصر عام1998 وعندما أحيل للتقاعد كان عمره لا يتعدي43 عاما لذا التحق بكلية الحقوق وتخرج فيها عام1988 ثم عمل فى المحاماة.
قاهر الموانع المائية
أما اللواء صليب منير بشارة فهو أحد المخططين للحرب، وكان رئيسًا لهيئة البحوث العسكرية فى عام 1971، ومنذ ذلك التاريخ حتى عام 1973 قامت الهيئة بنشر العديد من البحوث العسكرية التى كانت مرجعًا مهمًا للذين خططوا لعبور 6 أكتوبر، اشتملت تللك النشرات على جميع التفصيلات للعملية الهجومية لاقتحام قناة السويس، وعلى قمة تلك النشرات تأتى النشرة رقم (41) عن عبور واقتحام الموانع المائية التى صاغتها لجنة شكلتها هيئة البحوث العسكرية بقيادة اللواء أركان حرب صليب مع خيرة الضباط.
وفى أواخر عام 1973 وبناء على توجيهات وزير الحربية تم إدراج موضوع الخبرة المكتسبة من حرب القوات كموضوع رئيسى خلال خطة هيئة البحوث العسكرية لعام 1974، وخلال الشهور الأولى من عام 1974 عقد اللواء صليب وضباط الهيئة العديد من المؤتمرات بتجميع الخبرات المكتسبة من الجيوش الميدانية والقوات الحربية والبحرية والمدفعية والمركبات والدفاع الجوى والاستطلاع وغيرها. وتم تقسيم الدروس المستفادة حسب التقسيم الذى اقترحه اللواء صليب لدراسة الحرب، حيث رأى أن الحرب مرت بست مراحل:
من 30 سبتمبرإلى 6 أكتوبر رفع درجة الاستعداد والتحضير، ومن 6 أكتوبرإلى 9 أكتوبرالاستيلاء على رءوس الكبارى والتمسك بها، ومن 9 أكتوبرإلى 13 أكتوبر وقفة تعبرية، و 14 أكتوبرمعارك الدبابات فى مرحلة التطوير، ومن 15 أكتوبرإلى 22 أكتوبرمعارك الثغرة، ومن 23 أكتوبرإلى 25 أكتوبر تطوير معارك الثغرة.
وبناء على هذا التقسيم أصدرت الهيئة نشراتها عن المعارك الرئيسية التالية:معركة الاستيلاء على رءوس الكبارى والتمسك بها ومعارك الدبابات أثناء مرحلة التطوير ومعارك فتح العدو للثغرة غرب قناة السويس (منطقة الدفرسوار).
وخلال مشواره بالقوات المسلحة من عام 1938 إلى عام 1974 تم تقدير اللواء أركان حرب صليب بشارة بالعديد من الميداليات والأنواط العسكرية، أهمها، ميدالية فلسطين بالأمر العسكرى 270 / 1949م وميدالية ذكرى محمد على بالأمر العسكرى 425 / 1949م وميدالية التحرير بالأمر العسكرى 194 / 1952م وميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة من الطبقة الأولى 1962 ونوط الجلاء بالأمر العسكرى 14 / 1955 ونوط الاستقلال بالأمر العسكرى 215 / 1956 ونوط النصر بالأمر العسكرى 400 / 1957م ونوط التدريب من الطبقة الأولى 1971 ونوط الجمهورية العسكرية من الطبقة الأولى بعد خروجه من الخدمة عام 1979وفى 30 مارس 1974 صدر القرار الجمهورى بتعيين اللواء صليب عضوا بمجلس الشعب وتوفى فى 15 اكتوبر1983 .
مهمة إقلاديوس
ولد اللواء ثابت إقلاديوس فى مدينة نجع حمادى فى 17 سبتمبر 1930 وتخرج فى كلية العلوم جامعة القاهرة عام 1953 ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا فى التربية العامة من جامعة عين شمس عام 1954، وبعدها تخرج فى الكلية الحربية عام 1955.
وفى عام 1969 شن العدو هجوما بالمدفعية أدى إلى استشهاد الفريق رئيس الأركان عبد المنعم رياض فصعد إقلاديوس على شاطئ القنال ورصد موقع الدبابات المعتدية وكان موقعه خلف المكان الذى استشهد فيه عبد المنعم رياض، فطلب من قائده ضرب هذه الدبابات ردا على مقتل الشهيد عبد المنعم رياض وكان وقتها برتبة مقدم فأمر بإخراج المدافع من الدشم وإخراج كتيبة كاملة قوتها 12 مدفعا 122 ملى وفى ثانية كانت 48 طلقة مدفعية فوق الهدف فأصابت جميع المدرعات والدبابات وشلت حركتها ما عدا دبابة واحدة استطاعت الفرار، وتم تقديره بجواب شكر من القيادة كما حصل قائد اللواء على وسام نوط الواجب العسكرى.
كما شارك فى تأمين تقدم قواتنا المسلحة فى عمق سيناء حتى وقف إطلاق النار، وأثناء عملية التأمين قام العميد محمد عبد الحليم أبو غزالة قائد مدفعية الجيش الثانى الميدانى وقتئذ بمتابعة مدى تقدم قواتنا وطلب منه أن ينقل له الموقف الحالى على الخريطة الخاصة به، فدخل دبابة القيادة لإمكانية عمل ذلك مع المقدم فتحى حيث كانت عواصف ترابية شديدة وقتها، وطلب إقلاديوس عدم غلق البرج عليهما حتى إذا ما حدث شىء يجدان من يخرجهما ولم يمر على عبارته سوى خمس دقائق ونتيجة لتأثير نيراننا الشديدة على العدو تم ضرب مركز هذه النيران، ونتج عنها استشهاد المقدم فتحى وإصابة آخرين، كما أصيب إقلاديوس بصاروخ مدفعية بالدبابة التى كان بداخلها ونتج عنها اصابته بكسر فى بالجمجمة وفقد عظام الجزء الأيمن منها بالإضافة إلى العديد من الشظايا فى أنحاء متفرقة من جسمه وكان ذلك يوم 16 اكتوبر .
الساتر الترابى
اللواء باقى زكى يوسف رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميدانى اثناء حرب أكتوبر، وصاحب فكرة استخدام ضغط المياه لاحداث ثغرات فى الساتر الترابى المعروف بخط بارليف فى سبتمبر عام 1969 والتى تم تنفيذها فى حرب أكتوبر عام 1973، كما تم تسجيل الفكرة باسمه لحفظ حقوقه المعنوية.
انتُدب للعمل فى مشروع السد العالى فى شهر مايو عام 1964، ثم عين رئيساً لفرع المركبات برتبة مقدم فى الفرقة 19 مشاة الميكانيكية، وفى هذه الفترة شاهد عن قرب عملية تجريف عدة جبال من الأتربة والرمال فى داخل مشروع السد العالى بمحافظة أسوان والتى كانت هذه هى بذرة فكرة أحداث ثغرات فى الساتر الترابى المواجه لخط بارليف، كما عمل أيضاً ضابطاً مهندساً فى القوات المسلحة خلال الفترة من عام 1954 حتى 1 يوليو 1984، قضى منها خمس سنوات برتبة لواء. وحصل على نوط الجمهورية العسكرى من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات فى فبراير عام 1974.