«الأهرام» استطلعت ردود افعال عدد من الكتاب والمثقفين ازاء الواقعة، فجاء موقف الروائية سلوى بكر متسما باللامبالاة وعدم الاهتمام او الاندهاش، مفسرة ذلك بأن منظومة التعليم فى مصر «فاشلة» من الالف الى الياء واضافت: التعليم فى بلدنا اصابه انحطاط شديد، وبرامجه متخلفة وماضوية وتحتاج الى تغيير جذرى حقيقي، اما المدرس ففى اسوأ حالاته وغير جدير بتربية النشء ، واذا افترضنا انهم قاموا بحرق كتب يرونها تكرس لافكار سلبية او مضرة، فالمدرسون سيقومون بنشر الافكار ذاتها، وبدلا من ان يستقيها الطلاب من الكتب، يستقونها من المدرس وسيكون تأثيره اكبر، اذا ما اخذنا فى الاعتبار ان احدا لا يقرأ اصلا فى مكتبات المدارس، وبالتالى اذا اردنا ان نواجه الامر، فعلينا ان نفتح ملف التعليم بكل عناصره ،لا ان نقف امام واقعة لا تثير سوى ضجة اعلامية ما بين مؤيد ومعارض، وسرعان ما ستهدأ وتظل اوضاع المؤسسة التعليمية كما هى دون اى اصلاح، رغم انها اخطر مؤسسة فى اى امة.
من جانبه يرى الكاتب والمؤرخ حلمى النمنم ان الواقعة نالت اهتماما اكبر من حجمها، وقال: صحيح انى لست سعيدا بحرق الكتب ، كما انى اتفهم وجهة نظر من قاموا بذلك، الا ان هناك حقائق كثيرة تم ذكرها لا يجب ان تمر دون تحقيق، من بينها ما قالته وكيلة الوزارة بشأن وجود كتب ذات اغلفة مغايرة لمحتواها، فهذا نوع من التزوير ينبغى معرفة المسئول عنه، كما يجب ان نعرف فى اى عهد دخلت تلك الكتب للمدرسة، هل فى عهد مبارك ام الاخوان، فالمدارس الاخوانية موجودة منذ عهد مبارك. الامر الثالث هو ان اتخاذ قرار التخلص من الكتب تم بشكل فردى دون وجود لجنة تدرس الامر وتتخذ القرار المناسب، وهو باى حال لن يكون الحرق، وانما قد يكون باستبعادها من المدرسة لعدم ملاءمتها للمرحلة العمرية الخاصة بها، او يمكن التعامل معها بالفرم اذا كانت تضم افكارا مرفوضة، وهى الطريقة التى يتم التعامل بها مع مرتجعات الكتب بشكل عام.
ويتابع النمنم: رغم حسن نوايا القائمين على الواقعة فإن وقوفهم اثناء التصوير حاملين اعلام مصر، يصبغ الامر بشكل من اشكال الاستعراض الاعلامى ،لكن علينا فى المقابل ان نضع الامر فى اطاره دون مبالغة او تشبيه بوقائع حرق الكتب فى التاريخ كحرق كتب ابن رشد مثلا لانها كانت تعبيرا عن موقف سياسى وعقائدى واضح، او حرق المغول لمكتبات بغداد و اثناء الاحتلال الامريكى ، فكل ذلك كان فى اطار غزو خارجي، وبالتالى لا يمكن مساواة الوقائع.
اتفقت مع النمنم الكاتبة سهير المصادفة التى رفضت تماما فكرة حرق الكتب ايا كان محتواها، وتابعت: حرق الكتب سلوك وليس موقفا، وبإقراره يمكن ان ننتظر احراق كتب طه حسين مثلا، ولذلك فالمبدأ مرفوض تماما وكان من المفترض مناقشة ما فى الكتب، وما يتم الاجماع على عدم ملاءمته يتم استبعاده، ام ان يتم التعامل بهذا الشكل الارهابى فهو مرفوض رغم نبل النوايا.
الكاتب والمفكر صلاح عيسى اعتبر التصرف «أحمق» و«شكليا» ولا يستهدف اى هدف فى حد ذاته، وقال: من الملاحظ ان هناك مشكلة فى تزويد مكتبات المدارس بالكتب، ففى السابق كان ذلك يتم من خلال ادارة مركزية تكون تلك هى مهمتها، ام الان فالامر خاضع وفق رؤية كل ادارة تعليمية بشكل منفصل، دون وجود لجنة تربوية متخصصة تقيم الكتب وقيمتها وملاءمتها لطلاب كل مرحلة عمرية، كما ان الامر فى الغالب يتم لاسباب تتعلق بمجاملات للناشر او المؤلف او حتى فى اطار الاهداءات، دون اى اعتبارات لمناسبة تلك الكتب للطلبة، واتمنى ان تكون تلك الضجة المثارة فرصة لاعادة النظر فى معايير وقواعد تزويد مكتبات المدارس بالكتب، وكذلك المساجد، وتلك قضية اخرى لا تقل اهمية».