وقد ذكر أن المرشحة الديمقراطية "هيلارى كلينتون"(وهى فى غنى عن التعريف) تريد وتسعى أن تبدأ حملتها الانتخابية بهذه الطريقة المتواضعة لكى تظهر اختلافها عن المرشحين الجمهوريين الذين بدأوا حملاتهم الانتخابية ب"شو اعلامى ـ دعائى". كما أن "هيلارى" حريصة على التأكيد بأن حملتها الانتخابية ليست "تتويجا لها" بل "ترويج سياسى لأفكارها ومواقفها".
بالتأكيد تعتبر هيلارى شخصية سياسية متميزة لها دراية كبيرة بتفاصيل التفاصيل الخاصة بكل الملفات الداخلية والخارجية. وهى ليست بجديدة فى واشنطن خاصة أنها خلال العقدين الماضيين كزوجة الرئيس الأمريكى "بيل كلينتون" ثم عضو فى مجلس الشيوخ( عن ولاية نيويورك) ثم كوزيرة للخارجية فى ولاية أوباما الأولى عملت مع صناعة القرار الأمريكى، كما أنها تعاملت مع صناع القرار بالعاصمة الأمريكية وأيضا مع زعماء وكبار مسئولى دول العالم. الا أن طريقها الى البيت الأبيض لن يكون سهلا وأيضا غير مضمون. خاصة أنها ستتعرض لحملة شرسة مكثفة فى الفترة المقبلة من جانب المرشحين الجموريين وأنصارهم و"وسائل دعاياتهم" من أجل "إسقاط هيلارى". وبما أن "هيلارى" فى الفترة الماضية كانت "الغائبة الحاضرة" فى المشهد السياسى الأمريكى والانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٦ فقد أشار بعض المعلقين أن الحملة ضد هيلارى وسبل إظهار عواقب اختيارها ستلعب الدور الرئيسى فى تحديد مسار المواجهات السياسية التى ستشهدها البلاد ومعها اختيار الرئيس أو الرئيسة رقم ٤٥ لأمريكا.
و"هيلارى" لها "صورة نمطية" فى عقل وقلب الناخب الأمريكى. وبما أن هذه "الصورة النمطية" غالبا ليست فى مصلحتها فإن فريق "ترويج" هيلارى يأخذ فى الحسبان أن "هيلارى" وهى تظهر فى صورة "المرأة القوية" يجب أن تبين أيضا ما لديها من جوانب أخرى قد يتعاطف معها الناخبون ـ مثل أنها أم لابنة (اسمها تشيلسى) وأيضا جدة (لحفيدة اسمها شارلوت) لذلك من المتوقع أن تأتى هيلارى بسيرة تشيلسى وشارلوت وأجيالهما وهى تتحدث عن المستقبل المنتظر للأجيال الجديدة وكيف أنها مع مجيئها للرئاسة ستتعامل مع القضايا الحيوية للأمريكى والأمريكية فى القرن الحادى والعشرين. وهذا التوجه (بيان الوجه الإنسانى لهيلارى) ظهر جليا فى خاتمة جديدة كتبتها هيلارى فى الطبعة الشعبية لكتاب مذكراتها "الخيارات الصعبة" الذى صدر الصيف الماضى. وهذه الخاتمة نشرها موقع "هافنجتون بوست" الإصدار الالكترونى الشهير صباح يوم الجمعة مع إعلان هيلارى نيتها دخولها رسميا المعترك الانتخابى.
"هيلارى كلينتون" (والتى تبلغ من عمر ٦٧ عاما) لها تاريخ وشهرة وخبرة ـ وإن كانت هذه العوامل تعد فى بعض الأحيان عائقا لها فى خوض المعركة الجديدة. الإعلامى السياسى الشهير كريس ماثيوز قال:"دعونا نأمل أن هيلارى طموحة بشكل كاف لكى تخوض المعركة وتكسبها". كما قيل عنها إن "هيلارى تريد وأيضا تستطيع أو أن هيلارى تستطيع وأيضا تريد". إنها امراة قوية حاسمة فى قرارها وحازمة فى إدارتها للأمور. إلا أنها أيضا تفضل الدائرة الصغيرة المنغلقة على نفسها من حولها.ولها موقف متحفظ تجاه الإعلام والصحافة. خاصة أن تجربتها معهم لم تكن "بالتجربة الحسنة" بل كانت مليئة بالمصادمات وحملات التشويه والانتقادات. كما أن "هيلارى" كما وصفها بعض من عملوا معها "فى أحيان كثيرة ترى أو تتصور أنها فوق المحاسبة وبالتالى تماطل فى الرد على الأسئلة أو الانتقادات الموجهة اليها مثلما حدث مع قضية حادث بنغازى وأيضا مع "ايميلاتها" وحسابها الالكترونى الخاص بها. ويرى المراقبون أن هيلارى بعد تجربة فشلها أمام أوباما للفوز كمرشح الحزب الديمقراطى تعلمت الدرس بأنها يجب أن تتواصل مباشرة مع الناخبين والناخبات وذلك فى لقاءات صغيرة العدد وحميمة لكى تظهر أكثر "وجهها الإنسانى" وليس "قناعها السياسى" (كما قال البعض). وقد ذكر أخيرا أيضا أن الرئيس السابق وزوجها "بيل كلينتون" سيلعب دورا فعالا ومؤثرا فى حملة هيلارى الانتخابية. أو بتعبير أدق سوف يسمح له بالمشاركة والإسهام فى الحملة خلافا لما تم فى انتخابات عام ٢٠٠٨ خاصة أن بيل كلينتون صاحب الكاريزما السياسية والقدرة الخارقة فى الحديث والتواصل مع الجماهير من الخطأ أو اللا حكمة عدم الاستعانة به. وقد استعان به الرئيس أوباما فى خوض معركة إعادة انتخابه عام ٢٠١٢.
ولا شك أن خلال المعركة الانتخابية ستتم محاسبة هيلارى وسجلها السياسى الذى يشمل تأييدها لقرار غزو العراق وأيضا عملها فى ادارة أوباما كوزيرة للخارجية ومعها مدى مسئوليتها عما آلت إليه منطقة الشرق الأوسط بسبب مواقف الادارة تجاه الثورات العربية وما سمى "الربيع العربى". وأيضا عما حدث من هجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى مما تسبب فى مقتل السفير الأمريكى "كريستوفر ستيفنز" وثلاثة من الأمريكيين العاملين بالسفارة.كما أن ما أثير أخيرا حول استعمال "هيلارى كلينتون" لحسابها الشخصى فى المراسلات الالكترونية فى أثناء عملها كوزيرة للخارجية ثم تخلصها من رسائل عديدة بعدما طلب منها تقديمها للخارجية والكونجرس ـ سوف يطرح نقاشا وجدلا فى المعركة الانتخابية. خاصة أن ردود هيلارى أثارت علامات استفهام وتعجب حول مدى التزامها بالقواعد الرسمية أو مدى استعدادها فى التعامل بشفافية تجاه مهامها الرسمية.