والكتاب هو رسالة الدكتوراه الثانوية التى قدمها حسن عون باللغة العربية إلى جامعة السوربون فى باريس تحت إشراف المستشرق الفرنسى ليفى بروفنسال، وأجيزت فى عام 1948. وترجع أهمية هذه الدراسة إلى أنها كانت الوحيدة التى وضعت باللغة العربية عن هذا الشاعر اللاتينى.. حيث لم يكن لتيبول- قبل أن يجمع عون أشعاره المتناثرة- ديوان كامل يتيح للدارسين التعرف عليه، وإن كانت قصائده قد ترجمت إلى مختلف اللغات الأوروبية.
وكتاب «تيبول حياته وشعره» يتألف من فصلين، يتناول الأول منهما حياة الشاعر والوسط التاريخى الذى نشأ فيه، والثانى قصائد الشاعر ومعها مقدمة قصيرة لكل قصيدة؛ تلخص موضوعها ومضمونها.
وتيبول ولد عام 48 قبل الميلاد وتوفى عام 19 قبل الميلاد( أى أنه عاش 29 سنة فقط).. ومعروف بأنه شاعر الحب والسلام، وأنه من أهم فطاحل شعراء الغزل اليونانيين، وعاصر ثلاثة من أكبر شعراء التراث الإنسانى؛ هم فرجيل، وهوراس، وأوفيد. وككل الأسر التى عاشت فى تلك الفترة تعرضت أسرته- وهو صغير- لمصادرة ممتلكاتها بأوامر من الامبراطور الذى سعى لبسط سيادة روما على حوض البحر المتوسط.. وهكذا عاش شاعرنا عيشة الطبقة المتوسطة، غير أن ذلك لم يؤثر أبدا على ملكته الشعرية.
وفى شعره ، قدّم تيبول تصويرا فنيا مبدعا للطبيعة والحقول والمزارع فى الضيعة التى عاش فيها، كما تحدث عن حبه لسيدة متزوجة تدعى ديليا.. وكانت تخون زوجها ومع ذلك أحبها تيبول حبا عفيفا، إلا أن ديليا استغلت هذا الحب لتلتقى برجل آخر طاعن فى السن أغراها بالمال، فضلته على تيبول الشاب الملهم، الذى صار طوع بنانها.
وطبعا فإن اسم» ديليا» هو اسم منتحل اصطنعه الشاعر كى لا يفتضح أمر صاحبته فتلوك سيرتها الألسنة. ورغم ثورة تيبول عليها، وتنديده بسلوكها المشين المخالف لقيمه الروحية إلا أنه لم يفقد حبه لها، وظل سلطانها عليه كما هو؛ أقوى من الحياة والموت.. حتى أنها عندما مرضت راح يدعو أرباب الرومان لها حتى تشفى!
ويفهم من أشعار تيبول- فى كتاب حسن عون- أن خيبة أمله فى حبيبته ديليا دفعت به إلى الانغماس فى الرذيلة لعلها تنسيه حبيبته وغدرها، أو تفقده الأمل فى استعادة ما كان بينهما من حب.. إلا أن المحاولة باءت بالفشل.. وبقى على حبه لها إلى أن رحل وهو فى عمر الثلاثين، تاركا لنا أشعاره الخالدة التى تؤكد أن الحب الحقيقى أثمن من كل الكنوز.
.. ويبقى أن نشير إلى أن حسن عون، عندما عاد من بعثته بباريس، أراد الانتقال إلى قسم الدراسات القديمة بكلية الآداب إلا أن الجامعة رفضت لأن لائحتها تنص على أن المبتعث للدراسة بالخارج يجب أن يعود إلى القسم الذى ابتعثه، ومن ثم فقد اتجهت جهود عون بعد عودته إلى اللغويات العربية وبعض الترجمات عن الفرنسية.
الكتاب: تيبول.. حياته وشعره
المؤلف: د. حسن عون
الناشر: دار الكاتب العربى للطباعة والنشر 1968