رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الانتخابات البريطانية ..برلمان «لن ينجح أحد» !

رشا عبد الوهاب
«الأغلبية فى مجلس العموم، تجعل الحكومة تفعل أى شىء» باستثناء تحويل رجل إلى امرأة"، هكذا تسخر نكتة إنجليزية قديمة تعود إلى العصر الفيكتورى من قدرة الفائز فى انتخابات البرلمان البريطانى على التحكم فى كل شىء.

وسارت بريطانيا بمنهج أن الفائز فى الانتخابات سواء كان من المحافظين أو العمال يشكل الحكومة على مدى عشرات السنين. لكن هذه المعادلة تغيرت تماما بل لن تكون موجودة خلال الانتخابات البرلمانية المقررة فى 7 مايو المقبل، خصوصا فى ظل عدم قدرة أى من الأحزاب السبعة التى تخوض الانتخابات على تأمين المقاعد الكافية فى البرلمان.

وتشير التوقعات إلى أن الحزبين التقليديين الكبيرين، المحافظين والعمال، لن يتمكنا من تأمين الأصوات الكافية لكل منهما من أجل ضمان تشكيل الحكومة منفردا، بسبب السخط الشعبى والتآكل الكبير فى شعبيتهما.

باختصار، فإن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستحمل عنوان "لم ينجح أحد"، وربما يتم الدعوة لإجراء انتخابات جديدة، وهو ما قد يتسبب فى أن تشهد بريطانيا لأول مرة منذ فترة طويلة حالة من الشلل السياسى، حيث تصبح بلا برلمان ولا حكومة، فى ظل عدم عقد تحالفات لتشكيل الحكومة الجديدة.

وعلى كل حال، فإن الانتخابات البرلمانية الوشيكة فى المملكة المتحدة، ستغير خريطة النظام السياسى البريطانى لفترة طويلة، فى ظل بروز ظاهرة هجر البريطانيين للأحزاب التقليدية الكبيرة سواء "المحافظين” بزعامة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء المستقيل، أو "العمال” بزعامة إد ميليباند، واتجاه الناخبين إلى الأحزاب القومية والشعبوية والمطالبة بتقسيم المملكة المتحدة والخروج من الاتحاد الأوروبى.

ويتعرض حزب العمال لتآكل خطير فى قاعدته الشعبية باتجاه أحزاب الاستقلال الوطنى الاسكتلندى، واستقلال المملكة المتحدة، والخضر، وهو ما يهدده فى مقتل، حيث لا يمكنه تحقيق الفوز المطلوب لتشكيل الحكومة المقبلة، وكذلك الحال بالنسبة للمحافظين.

إذن، فإن الخيارات التى تواجه القادة السياسيين فى بريطانيا عندما يدلى الناخبون بأصواتهم فى 7 مايو المقبل ستكون صعبة لأول مرة منذ عقود، لعدة أسباب منها: انهيار نظام الحزبين، زيادة افتقاد البريطانيين الثقة فى الحكومة، مع سياسات التقشف، وخفض الأجور، وزيادة الأعباء الاقتصادية، وتراجع مستويات المعيشة للمواطن.

ورغم نجاة حكومة كاميرون، المنتهية ولايته من أزمة كبرى بعد نجاح حزبه الهزيل فى انتخابات 2010، وتشكيل ائتلاف مع الأحرار الديمقراطيين وحصولهما معا على 66% فقط من الأصوات، فإن الفضل فى ذلك يرجع إلى تعديل دستورى، وليس إلى سياسات حقيقية.

وعلى العكس من جميع التوقعات، استمر الائتلاف الحكومى طوال السنوات الخمس الماضية بسبب قانون "المدة المحددة للبرلمان"، الذى مرره كاميرون وشريكه فى الائتلاف الحكومى نيك كليج زعيم الديمقراطيين الأحرار، حتى لا يخرج أحدهما على الآخر، ويدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة فى لحظة تفكير لتحقيق مصلحة لحزبه.

وكان كاميرون وكليج يأملان أيضا فى تمرير إصلاح دستورى يقضى بإنهاء نظام الحصول على أكثرية الأصوات لإعلان الفوز، وهو النظام الانتخابى المتبع فى الولايات المتحدة وبريطانيا، بنظام التمثيل المتعدد، بالإضافة إلى استبدال نظام انتخاب مجلس اللوردات، الذى مازال يتم على أساس التعيين والوراثة، بنظام الانتخابات الإقليمى مثل مجلس الشيوخ الأمريكى.

لم يتعلم كاميرون الدرس من 2010، وهو ما أوقعه فى فخ انتخابات 2015 حيث رقعة الشطرنج الرمادية. ومنذ بداية الحملات الانتخابية، لم تتضح حتى هذه اللحظة شكل التحالفات السياسية التى ستحكم بريطانيا لولاية جديدة تمتد 5 أعوام. كما واصلت الأحزاب سياسيات "جلد الآخر"، وتوجيه الانتقادات الحادة لقدرة أى منها على تشكيل حكومة تخدم الناخب البريطانى.

العمال يتهم المحافظين بأنهم "حزب الأغنياء"، وبأنهم يرغبون فى انهيار الاقتصاد البريطانى عبر الدعوة لإجراء استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبى فى 2017، والمحافظون يشككون فى قدرة زعيم العمال على قيادة البلاد، إلى جانب انتقاده بسبب ما يصفونه بإعادة "جباية الضرائب".

دليل آخر على عدم رضا الرأى العام البريطانى الكامل عن أى من الأحزاب السبعة، أن المناظرة التليفزيونية الوحيدة التى أجريت فى 2 من أبريل الحالى، أظهرت تعادل كاميرون وميليباند فى استطلاعات الرأى بنسبة 25%، بينما جاء نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال "يوكيب" فى المركز الثالث بنسبة 23%. ولعل هذه الانتخابات سوف تشهد ظاهرة ضعف نسبة المشاركة فى التصويت بسبب كل ما سبق.

الناخب البريطانى فقد ثقته فى ساسته، الذين يحاولون جميعهم اللعب من أجل مصالحهم الحزبية والسياسية الضيقة عبر مساومات سياسية خائبة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق