ولكن ليس بغريب او ببعيد ان يحدث اهمال للمبدع ونسيانه .. فقد حدث ذلك على مر العصور .. ولا يمكن ان ننكر ان تلك آفة المجتمعات المريضة انسانياً والتى تجعلنا بجورِها وانكارها وجحودها نتساءل اسفاً .. هل سينال مبدع مثل عبد العال - امد الله لنا فى عمره - بعضا من الاهتمام الذى يستحقه كما حدث مع د. جمال حمدان مثلا او مع كثيرين من الفنانين والمبدعين الذين طالتهم يد الاهمال المتعدية ففارقوا دنيانا او تواروا فى الظل البعيد .. وكان من الممكن انقاذهم وتكريمهم بعلاج او تقدير معنوى على اقل تقدير ؟!! ..
اعزائى من منا يمكنه ان يقتنع ان موهوبا او مبدعا قد يزهد ويدعى إنه لا يحتاج إلى تقدير لأعماله وإنجازاته من المحيطين به ؟! .. بالتأكيد لا احد يمكنه ان يقتنع حتى وان كان طفلاً صغيراً ناقص الفهم والاهلية .. ولكن ما يحدث فعلا ان الفنان قد يعف - من العفاف - عن التذكير بنفسه خجلاً وحياءً طالما لم يلتفت له مسئول كان اجدر به ان يبحث عنه .. فالفنان عزيز على نفسه ان يتجاهله الناس .. وفى حالة الفنان المبدع عبد العال آثر ان يقنع بالاقربين يودونه ويجد فيهم السلوان ..
فكان عبد العال من هؤلاء العفيفين بجدارة .. فلم يعرف الناس باخبار مرضه بشكل واسع ..
وتبدأ الحكاية .. عندما تعرض الفنان الكبير لمحنة مرضية كُبري وأزمة صحية فقد معها السمع والبصر .. اى ان الفنان الذى كان بصره هو عالمه يرى ويرسم من خلاله تلاشى .. صار ظلاما اسودا بلا بارقة امل تضيء ولو عفويا !
ولاننى القريبة جدا اجده يلتمس عندى الفضفضات ببعض عذاباته السرية المعلنة .. فلا هو يعلنها على الملأ ولا روحه قادرة على كبتها وكبح جماحها .. ولكن من منا لا يمكنه ان يتوقعها؟! .. فقبلما حديثه وفضفضته المؤلمة التى تمنى فيها انقضاء الحياة طالما لا يقدر على اتيان فرشاته ولوحته .. كنت اغمض عيناى عامدة لاتمثله ولكننى كنت ومازلت لااطيق الاستمرار لمجرد اقل حتى من خمس دقائق فى ذاك الظلام المريب !
فقد عبد العال عالمه الملون المزركش المهووس بانثاواته الفاتنات ..
فقد ازرقه واحمره فى فرشاته التى دجنها صديقة حميمة تشى ما بنفسه فتنة وجمالا ..
فقد عبد العال اوراقه ولوحاته التى كان يقتسم معها روءاه الفائضة بالحق والخير والجمال ..
فقد جولاته المحمومة بحثا عن وجوه يرسمها بهجة للناظرين .. وامكنة يسرى بها عن ارواحنا المتعبة زحاماً وأرقاً ..
وأبدع عبد العال واصفاً شوارعه وظلال مراكبه المستلقيات بدعة على المرافيء والشطآن ..
فقد عبد العال اصوات نسوته البائعات فى الاسواق ينادين على بضائعهن لسد رمق الاطفال الجياع .. تلك النسوة الجالسات يفترشن الارض بطير وفاكهة .. يبعن ليجمعن مالا زهيداً وهن اللواتى عبر عنهن بقوة ضربات فرشاواته وانابيب الوانه الزيتية والمائية واقلام الباستيل واصابعها المعجونة بانامله الذكية الزكية ..
ولكن مع كل ذلك الكم العتيد من الفقد مازال عبد العال فارس البهجة .. ولازال بلوحاته الباقيات المبدعات قادراً على ادهاشنا واكساب وجوهنا الحبور من جديد .. ومازال الامل فى قلبه وعبر روحه الوثابة نحو غد مشرق تمنحنا املاً جديداً ببنات البلد الجميلات والمصريات المثابرات القويات .. ووجوه القمر الخيالات والظلال والمشرقة بنور الصباح رغم الليل الذى يكابده لينجلى ..
ورغم كل الفقد .. فالحمد لله اننا لم نفقد عبد العال بعد ..
فعبد العال لا يزال كائنا محبا بيننا .. ولن نتركه يتألم جورا ونكرانا ..
وباحتضان له يمنحه ما قد لا يراه بل يحسه ويشعر به وفاء منا نعلن ان لوحاته رسول زينة وبهجة مازالت تزرع الحياة بساتين وورود ربيعه .. فصله الحبيب الى قلبه والذى كان يود دوما ان يقدم معارضه فيه ..
وفى جاليرى قرطبة بعد الغد .. الاربعاء 15 ابريل يتم افتتاح معرض نعيد فيه للربيع الوانه الباستيل وتشرق وريدات الشمس وبنات قمر عبد العال علينا ..
واعيدها ..
الحمد لله اننا لم نفقد طاقة وكوة نور يمنحنا اياها عبد العال رغم الواقع المظلم الذى يحياه .
---------------------------------------------------------
نداء الى المهندس ابراهيم محلب
تدهورت حالة الفنان عبد العال الذى طالما امتعنا بابداعاته فى المعارض والمتاحف المصرية وعلى صفحات الجرائد والمجلات المصرية والعربية بأعماله المتفردة والتى حكت عنها رفيقة دربه الزميلة دينا توفيق فى الموضوع المصاحب لهذا النداء وقد تدهورت حالة الفنان وفقد بصره ويوشك أن يفقد سمعه لذا نوجه النداء للمهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء بالاسراع فى اتخاذ الاجراءات الخاصة لعلاج الفنان عبد العال على نفقة الدولة ايمانا بدوره الابداعى فى مسيرة الفن التشكيلى والرسوم الصحفية.
المشرف على الصفحة