رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الرئيس السيسي دعا إلي الاستفادة منه
التراث الإذاعي‏..‏ حلقة مفقودة في تجديد الخطاب الديني

تحقيق‏-‏ خالد المطعني وإبراهيم عمران‏:‏
الشعراوى وشيخ الازهر الراحل مصطفى عبدالرازق في اثناء التسجيل للاذاعة
في حواره المهم مع إذاعة القرآن الكريم أخيرا‏,‏ دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية‏,‏ إلي الاستفادة من الأحاديث الإذاعية في الفترات السابقة لأعلام الدعاة والعلماء والمفكرين الراحلين الذين أثروا الفكر الإسلامي بالمنهج الوسطي السمح المعتدل‏,‏ في تجديد الخطاب الديني لمواجهة ما يحيق بالأمة العربية والإسلامية من ويلات الفكر المتطرف الذي أدي الي التخريب والتدمير والقتل واستحلال الدماء واغتصاب حقوق الغير‏,‏ وارتكاب الجرائم المختلفة باسم الدين وهو منها براء‏.‏

ونحن بدورنا نتساءل: كيف يمكن الاستفادة من التراث الإذاعي في تجديد الخطاب الديني, وما هي آليات ذلك؟, وهل يعتبر ذلك التراث بمثابة الحلقة المفقودة في تجديد الخطاب ومواجهة الفكر المتطرف؟, وهل نجد في أحاديث أعلام الدعاة والعلماء والمفكرين السابقين علاجا لمشكلات وقضايا العصر الذي نعيشه؟!.
يقول محمد عويضة رئيس شبكة إذاعة القرآن الكريم, إنه يتم حاليا الاستماع إلي أحاديث التراث الإذاعي للأعلام الراحلين من العلماء والمفكرين والدعاة بهدف تنقيتها لمعرفة الجيد وما يصلح منها, حتي تتم إعادة بثها مرة أخري, خاصة ان تلك الأحاديث بها موضوعات قديمة جديدة عالجت بشكل مباشر كل ما يثار من شبهات ولغط حول الدين الإسلامي.
توضيح المفاهيم
وأوضح: أن إذاعة القرآن الكريم تسعي جاهدة لتوضيح معني مفهوم تجديد الخطاب الديني, لأن البعض يري التجديد علي أنه هدم للتراث الديني كلية, والبعض الآخر يري أن كتب التراث مقدسة لا يجوز الاقتراب منها, في حين ان المفهوم الصحيح للتجديد لا يعني الاقتراب من ثوابت الدين, وإنما يعني قراءة عصرية وفهما متأنيا للفكر الإسلامي, كما يعتبر التجديد قراءة واعية لكتب التراث واستبعاد الدخيل والموضوع في هذه الكتب, والتركيز علي فقه المقاصد, وذلك لأن الفكر نتاج بشري يؤخذ منه ويرد عليه, وكما يقال ان الفتوي تتغير بتغير الزمان والمكان, لذا ينبغي ان يفتح باب الاجتهاد الجمعي وليس الفردي, حتي ننتج فهما وفكرا متصلا بالأصل ومرتبطا بالعصر في الوقت نفسه.
وأضاف: وضعنا خطة لتنفيذ ذلك من خلال برامج تهتم وتركز علي فقه المعاملات والسلوكيات الي جانب فقه العبادات, حتي نعالج الفجوة الواضحة والانفصام الكبير بين العبادات كشعائر وطقوس وبين الممارسات اليومية الحياتية, كما بدأنا أيضا في إعداد مشروع إقامة ندوات للشباب في كل أماكن تجمعهم, وذلك بالاستعانة بعلماء متخصصين لتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة التي ألصقت بالإسلام وهو منها براء, مثل الإرهاب والتطرف والتكفير واستحلال الدماء, مع إلقاء الضوء علي المفهوم الصحيح للجهاد والبراء والولاء, وهذا من حيث المضمون, أما من ناحية الشكل فسنقوم بعمل درامي يقدم مواقف حياتية في مجتمعنا مع ربطها بمبادئ الدين السمحة كما جاءت في القرآن الكريم والسنة المطهرة.
طريقة الاستفادة
وفي سياق متصل, يقول علي مسعود السهيت مدير عام التخطيط الديني بالإذاعة: ندرس حاليا كيفية الاستفادة من التراث الإذاعي للعلماء السابقين من خلال أحاديثهم في البرامج الدينية بالإذاعة عموما أو إذاعة القرآن الكريم علي وجه الخصوص, وسيكون ذلك من خلال طريقتين, الطريقة الأولي تتمثل في إعادة بث بعض الأحاديث للعلماء وأعلام الدعاة الراحلين الذين اتسموا بالوسطية والاعتدال في منهجهم الدعوي, مثل الشيخ شلتوت والدكتور عبد الحليم محمود والدكتور جاد الحق علي جاد الحق وغيرهم ممن لا يتسع المقام لذكر أسمائهم, خاصة الموضوعات التي تمس جانب المعاملات بين المسلم وأخيه المسلم أو مع غيره من أصحاب الديانات الأخري الذين هم أشقاء في الوطن, وسيتم بث هذه الأحاديث في أوقات مميزة تناسب غالبية المستمعين, حتي تتم الاستفادة منها بأكبر قدر ممكن وتؤتي ثمارها.
وأوضح: ان هؤلاء وغيرهم من العلماء الراحلين الذين أثروا الإذاعة المصرية بتراث ديني هائل وتركوا منهجا راسخا في الدعوة الي الله تعالي, مما كتب لهم القبول عند الناس. اما الطريقة الثانية في كيفية الاستفادة من التراث الديني في الإذاعة, فتتمثل في الجانب العملي من خلال الاستعانة بشباب الدعاة والعلماء المؤهلين إعلاميا ودعويا ويجيدون حسن مخاطبة الناس, ويعتمدون في منهجهم علي الوسطية والاعتدال, في تقديم برامج دينية جديدة علي شبكات الإذاعة المختلفة, وذلك بعد استماعهم الي أحاديث الراحلين والسابقين من العلماء في الإذاعة, ويتعلمون كيفية تناولهم لشرح الآيات والأحاديث النبوية الشريفة وعرض الأحكام الشرعية, وكيفية التصدي للقضايا ذات الجوانب الاجتماعية التي تهم رجل الشارع وكل ما يستجد من موضوعات, وفي الوقت نفسه بيان القدوة الحسنة للرسول صلي الله عليه وسلم التي ظهرت جليا في جوانب سيرته الشريفة. وأوضح: انه بعد اكتساب هؤلاء الشباب من الدعاة والعلماء كيفية الاستفادة من أحاديث العلماء السابقين من حيث المنهج والأداء, سيتم تكليفهم ببرامج دينية حديثة في الإذاعة تهتم بفتاوي المستمعين والرد علي تساؤلاتهم وكل ما يدور في أذهانهم من قضايا فكرية ذات صلة بالواقع المعيش, خاصة قضايا الإرهاب والمشكلات الاجتماعية والأسرية, كما يتم التركيز علي طرح الموضوعات التي تتعلق بتضامن ووحدة الأمتين العربية والإسلامية لمواجهة الفكر المتطرف المنتشر حاليا خاصة بين الشباب, وأيضا نشر ثقافة العمل الجاد في كل مؤسسات الدولة, ودعم المشروعات القومية التي تنفذها الدولة حاليا.
تراث يحتاج الي صيانة
ومن جانبه, يؤكد السيد صالح كبير مذيعي شبكة القرآن الكريم, ان غالبية تراث العلماء في الإذاعة مهمل, ولم يتم نقله علي أجهزة تكنولوجية حديثة, ولا يزال حبيس الأشرطة القديمة, التي تأثرت بعوامل مختلفة أدت الي تلف بعضها, كما انه لا يوجد تبويب لهذه الأحاديث بحيث يسهل الرجوع والاستعانة بها بطريقة ميسرة, وذلك علي الرغم من وجود أجهزة الكمبيوتر في الإذاعة منذ أكثر من عشرين سنة, موضحا أن هذه الأشرطة القديمة معرضة للتلف تحت اي ظرف بسبب سوء التخزين في مكتبة الإذاعة المعرضة لعوامل مختلفة مثل الماء وأجهزة التكييف, مطالبا بضرورة سرعة نقل هذه الأشرطة علي وسائل التكنولوجيا الحديثة حتي تتم المحافظة علي هذا التراث, ونستطيع أن نستفيد به في السنوات المقبلة.
وأضاف: أن الهدف من إعادة بث التراث الديني لأعلام الدعاة والعلماء والمفكرين في الإذاعة هو تعريف الأجيال الحديثة بأعلام الأمة ومفكريها, وفي الوقت نفسه الاستفادة من علمهم وفكرهم في كيفية مواجهة المشكلات الحالية, خاصة ان هؤلاء المفكرين كانت لديهم رؤي ثاقبة للأمور سابقة لعصرهم, وأحاديثهم متجددة وصالحة لكل عصر, فمثلا دعوة الشيخ محمود شلتوت-رحمه الله- في الخمسينيات للتقريب بين السنة والشيعة, كما أن أحاديث الدكتور عبد المنعم النمر والدكتور عبدالصبور مرزوق عن الإرهاب والتطرف, شاهدة علي ما نقول.
تصريحات وردية
ومن جانبه, أكد الدكتور احمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, أن دعوة الرئيس للاستعانة بكنوز التراث في تجديد وإصلاح الخطاب الديني جاءت في الوقت المناسب, معللا ذلك أن الرئيس هو المهموم الأكبر بهذه القضية التي ضعيت وميعت منذ أمد بعيد مما أدي إلي تفاقم الحركات الإرهابية وانتشار الفكر التكفيري. وطالب بضرورة تفعيل التصريحات الوردية التي تطلقها المؤسسات الدينية لتنفيذ رؤية الرئيس والبعد عن الثرثرة من المسئولين الذين ضج بهم الإعلام بسبب هذه التصريحات الجوفاء لأننا بحاجة إلي نوعية قال الله عنها في كتابه الكريم: الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفي بالله حسيبا.
وطالب الرئيس بضرورة التدخل لدي المؤسسات الدينية لإعادة المستبعدين من الإصلاحيين وأهل الخبرة للرد علي الحركات المراد بها تشويه الإسلام والمسلمين لان هؤلاء يستخدمون الردود الفقهية المبنية علي أسس دينية صحيحة للرد علي المشككين كما فعل القدامي وذلك لاقتحام معاقل الداء ووصف الدواء.
وتساءل الدكتور كريمة: ما هي الكتب التي ظهرت في الفترة الأخيرة من المسئولين لإصلاح الكتاب الديني؟!, فالشيخ جاد الحق رحمه الله- كان له كتاب في غاية الأهمية للرد علي الحركات التكفيرية وهو كتاب نقض الفريضة الغائبة مع الشيخ عطية صقر, فأين الأزهر الآن من ذلك؟, وهل يعقل أن يغفل الأزهر القدامي في الرد علي المشككين ويستعين بمن سماهم الشباب في الإعلام والقنوات الفضائية والإذاعة؟, أليس من الأولي ان يستعين بالقدامي, حتي يستفيد منهم الشباب؟!, وأين الأزهر من خطاب الرئيس والاستعانة بالإصلاحيين والقدامي في تصحيح الخطاب الديني؟!.
وفي السياق نفسه, أكد الدكتور عادل المراغي إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية, أن المجتمع المصري الآن في أمس الحاجة لنهضة مماثلة لتلك التي قام بها الخليفة عمر بن عبدالعزيز والمجددون أمثال محمد عبده والشيخ عبد الحليم محمود وغيرهم من العلماء, لتنقية الكتب التراثية, وذلك بالاستفادة من خبرات المجددين القدامي ونقلها إلي الخريجين الجدد لتدريبهم علي الخطبة المنبرية والوعظ وعلوم الفقه والحديث, وأن نعلمهم ونوجههم ولا نكتفي بمن تخرج في الأزهر وحصل علي الشهادة, وذلك لإحداث ثورة في تجديد الخطاب الديني.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق