رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد ثلاث هزائم متتالية
بخارى.. الجنرال العائد لمواجهة «بوكو حرام»

دينا عمارة
جاء للسلطة بإنقلاب وذهب بأخر, وحينما إتجهت الدولة فى نهاية التسعينات إلى النظم المدنية والديمقراطية, لجأ إلى صناديق الإقتراع التى كانت دائما تقف ضده.

 ثلاث مرات متتالية يترشح فيها محاولا خطب ود شعبه لكن فى كل مرة يعود بخيبة أمل وإصرار أكثر على المحاولة, حتي جاءت اللحظة التى قرر فيها الشعب إعطاؤه فرصة, ليس لشيء سوي أنه ضاق ذرعا بالإرهاب والفساد.. عاد محمد بخاري بعد 30 عاما ليصبح من جديد أول رئيس مسلم لنيجيريا, وهي عودة فسرها البعض بالأقرب للإنتقام, ولكن إنتقام ممن؟ من الوطن الغارق في الفساد السياسي والاقتصادي الذي يكاد يشل موارده الضخمة؟ أم من المواطن الذي أصبح يرزح تحت وطأة الفقر والحاجة؟ أم من إرهاب "بوكو حرام" التي قضت على الأخضر واليابس فى أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان؟

يبدو أن بخاري عائد بإصرار ليصحح المسار للأداء الباهت للرئيس المنتهية ولايته جودلاك جوناثان, وربما هذا ما دفعه إلى إختيار "المكنسة " شعارا لحملته الإنتخابية لإثبات نيته الجادة فى التخلص من الفساد, غير أن "الجنرال" المتقاعد ( 72 عاما) لم يترك هو الأخر صورة جميلة لدى النيجيريين خلال فترة حكمه من 1983 إلى 1985, فقد حكم بخاري نيجيريا بالحديد والنار, تعامل مع المواطنين بالقوة والعنف وزج بالعديد من المعارضين السياسيين والعسكريين في السجون, قام بإعدام ثلاثة نيجيريين مدانين بتهمة تهريب المخدرات في الساحة العامة في وسط لاجوس العاصمة الاقتصادية, وهو الأمر الذي أثار غضبا دوليا وقتها, إفتعل خلافا كبيرا مع القوة الإستعمارية العظمي السابقة بريطانيا بعد محاولته لتهريب المستشار السابق لعمر كيكو من لندن إلى لاجوس.

لكن الحادث الأليم الذي اشتهر به محمد بخاري هو عندما طرد مئات الآلاف من مواطني النيجر الذين جاءوا إلى نيجيريا هربا من المجاعة التي عرفتها بلادهم ودول أخرى من غرب أفريقيا بين 1983 و1985, حتي أطلقوا عليها إسم " مجاعة بخاري".

ولكن يبدو أن المواطن النيجيري يدرك أولوياته جيدا, فهو يريد الأمن ولا شيء سواه, لذلك إختار الجنرال الذي يتمتع بشعبية كبيرة فى الشمال ذو الغالبية المسلمة وبشعبية أقل فى الجنوب المسيحي الذي يساوره الخوف جراء صرامته العسكرية وإنتماؤه الديني, غير أن الكثير من الخبراء والمحللين السياسيين أكدوا أن النجاح الذي حققته المعارضة بوصول رئيس حزب المؤتمر التقدمي إلى سدة السلطة يعكس حجم التحولات الجديدة والخطيرة في الفضاء الأفريقي والذي كان على رأسه الصعود الراديكالي والجهادي في القارة السمراء، بالتزامن مع بروز حركة "بوكو حرام" المتشددة في الداخل النيجيري وتابعيتها لتنظيم داعش, الأمر الذي ألقى بظلاله على الناخب الذي وضع ثقته وصوته في رجل مسلم ذو خلفية عسكرية للوقوف أمام هذه التحديات خاصة مواجهة جماعة بوكو حرام المتشددة من جهة، والقضاء على الفساد المستشري في البلاد من جهة أخرى، لما عرف عن بخاري من نزاهة مالية وتجنبه شبكات الفساد بالبلاد.

فبالنسبة لـ "بوكو حرام" يعد بخاري العدو رقم واحد, ولذلك أعدت له محاولة اغتيال استهدفت موكبه في يوليو من العام الماضي، مما دفعه خلال حملته الانتخابية إلى التعهد بمواجهة أشد الجماعات النيجيرية تطرفا وملاحقتها والقضاء عليها.

أما بالنسبة للفساد فقد ورث بخاري من سابقه إرث ثقيل يتمثل فى شمال يعاني من نسبة بطالة كبيرة وعدم عدالة فى توزيع الثروة النفطية على النيجيريين، فنيجيريا هي أكبر بلد منتجة للبترول في إفريقيا وصاحبة أكبر اقتصاد، لكن الكثيرين لم يشعروا بفوائد ذلك, حيث يعيش قرابة نصف عدد السكان تحت خط الفقر, وجنوب يعيش فى إنعدام أمن تام بفضل "بوكو حرام".

وأخيرا وبسبب رفع منسوب الطائفية في الفترة التي سبقت الانتخابات، فقد رأت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية أن الخوف من إندلاع أعمال عنف وشغب بعد إعلان نتائج الإنتخابات أمر حتمي أيا كان الفائز, حيث أن فوز "بخاري" الشمالي المسلم قد يتسبب في الفترة المقبلة في إعادة اشتعال عمليات التمرد في "دلتا النيجر" أغنى مناطق نيجيرية إنتاجا للنفط, ولو كان أعيد انتخاب "جودلاك" الجنوبي المسيحي لأجج هذا أيضا العنف في الشمال الأكثر فقرا حيث قتلت جماعة "بوكو حرام" أكثر من 20 ألف شخص وأجبرت 3 ملايين أخرين على النزوح من منازلهم.

لهذا, تنتظر الرئيس والحكومة المقبلة عدة تحديات، على رأسها: البنية التحتية المتهلهلة، قيمة العملة النيجيرية "النايرا" التي انخفضت مؤخرا بانخفاض سعر النفط الذي يعتمد عليه النمو الاقتصادي في البلاد، فضلا عن إثبات أنه قادر على الإصلاح السياسي والاقتصادي والأمني الذي فشل فيه الرئيس الخاسر، والأهم إعادة نيجيريا - التي ينص دستورها على العلمانية- إلى الإستقرار الطائفى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق