رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تاريخ أوروبا.. عندما لا ينفصل السياسى عن الاقتصادى

د.مصطفى عبد الغنى
لايمكن فهم حركة التاريخ في المجتمع الغربى، وانعكاسه على دول الشرقين الأدنى والأوسط، دون أن نعود إلى حركة التاريخ في الغرب (اوروبا القرن التاسع عشر)..

هذا ما سعى إليه المؤرخ محمد محمد السروجى في أحدث أعماله(تاريخ أوروبا في القرن التاسع عشر)، الذى صدر أخيرا من مكتبة الآداب ، وهو الجهد الذى التزم بخطين رئيسيين : الأفقى والرأسى ؛ فعلى المستوى الأفقى تمهل المؤرخ زمنيا في القرن التاسع عشرعند الثورة الفرنسية، ووصول نابليون إلى الحكم، والحركات القومية في أوروبا، والمسألة الشرقية ، فضلا عن مؤثرات التاريخ الاقتصادى في العديد من الدول الأوروبية، وذلك لفهم التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وعلى المستوى الرأسى، رصد المؤلف تأثير هذا التاريخ على دول العالم العربى ، فالمعروف انه لايمكن فهم حركة التاريخ في المنطقة العربية ، دون رصد هذه الحركة منذ قيام الثورة الفرنسية وما ادت اليه طيلة هذا القرن .. وهذا الرصد يتمهل عبر البعدين السياسى والاقتصادى، كما يعبر من الخط الافقى الى الخط الرأسى في حركة التاريخ.

وعلى هذا النحو، نلاحظ أن المستوى الأفقى تجاوز حالة أوروبا السياسية والاجتماعية في القرن التاسع عشر- مرورا بالثورة الفرنسية ووصول نابليون إلى الحكم والحركات والثورات الأوروبية وحرب القرم وحركتى الوحدة الايطالية والألمانية- إلى العبور الاقتصادى في الغرب- ليتمهل أكثر عند الجانب الاقتصادى. ونلاحظ هنا وعى المؤرخ، الذى يعبر من الخط السياسى إلى الاقتصادى ، فلا يمكن تفهم أحداث القرن التاسع عشر إذا ما اقتصرنا على العامل السياسى دون العامل الاقتصادى؛ فكلاهما متصل بالآخر ومرتبط به تمام الارتباط .. وهو ماانعكس في عرض تطور أوروبا الاقتصادى في القرن التاسع عشر؛ في الزراعة والصناعة والتجارة، متخذا الدول الكبرى الثلاث- انجلترا وفرنسا وألمانيا- نموذجا له ..

وأكثر مايلاحظ هنا عرض التطور الاقتصادى لكل دولة من الدول الثلاث على حدة، ليربط بين السياسى والاقتصادى لكل دولة، وأثر كل منهما في الآخر، خاصة حين تعرض المؤلف للحصار القارى الذى فرضه نابليون على دول أوروبا كسلاح للضغط على انجلتر ا اقتصاديا ، وهوما كان يعكس تأثير هذا العمل على اقتصاديات كل من فرنسا وانجلترا وألمانيا في الزراعة والتجارة.. فضلا عن التعرض لقضايا رأسية أخرى، كموضوع قوانين القمح، وبالتبعية سيطرة كبار رجال الأعمال على مقاعد البرلمان.. وهوماسهّل وصول هذه القوى إلى النور لتنتهى القوانين التى كانت تمثل الغالبية العظمة من الشعب الإنجليزى ..

وعلى هذا النحو، فإن المؤرخ عبر من حالة أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر الى الثورة الفرنسية والحركات القومية في أوروبا إلى المسألة الشرقية في الجانب السياسى إلى التطور الاقتصادى والتجارى في انجلترا، الى هذا التطور فى فرنسا وألمانيا، ليعبر بنا بالتالى من نهاية القرن الثامن عشر إلى القرن التاسع عشر حيث عرض للتطور الاقتصادى في القرن التاسع عشر؛ مركّزا على مبدأى حرية التجارة وحماية التجارة اللذين سادا في هذه الفترة. وقد أسهب المؤلف في شرح الظروف السياسية والاقتصادية التى دفعت كل دولة من الدول الكبرى (انجلترا وفرنسا والمانيا) إلى اتباع- أو الانصراف إلى- هذا العامل أو ذاك، بمايضمن تحقيق أهدافها في السياق الأخير ..

ومن المهم هنا أن نشدد على وعى المؤرخ في التعامل مع الخط الأفقى للمجتمع الأوروبى - إلى الخط الرأسى القرن التاسع عشر على حركة التطور السياسى والاقتصادى الغربى، وكيف انعكست هذه التطورات بصورة أو بأخرى على دول الشرق الأوسط خاصة، وعلى العالم العربى بشكل أخص..

وهومايفسر لنا تطور تاريخ المنطقة العربية التى شهدت بزوغ هذا التطورالحضارى في مصر على سبيل المثال في هذه الفترة التى شهدت حركة التطور في المنطقة العربية خاصة وزمن محمد على على وجه أخص، فحركة التاريخ في أوروبا في ذلك الوقت تعكس حركة التاريخ في العالم كله ..

 

الكتاب : تاريخ أوروبا السياسى والاقتصادى

المؤلف: محمد محمود السروجى

الناشر : مكتبة الآداب

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق