رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الزحام والتلوث و العقارات مشكلات تؤرق بكين!

بكين ـ سـامى القمحـاوى
شغلت الأرقام حيزا كبيرا فى الحضارة الصينية القديمة، واستطاعت الصين الحديثة تحويل عبء عدد مواطنيها الضخم إلى ميزة وقوة إنتاجية، لكن الطفرة فى الاقتصاد.

 التى حققتها الصين خلال السنوات الأخيرة، كان لها بعض الآثار السلبية على التفاصيل الحياتية لمواطنيها، خصوصا سكان المدن الكبرى، ومنها العاصمة بكين التى تعانى من ثلاث مشكلات أساسية ترتبط كل منها بالأخرى، وهى الزحام والتلوث وأزمة العقارات.هذه المشكلات دفعت السلطات المحلية للعاصمة الصينية إلى اتخاذ إجراءات غير اعتيادية لمواجهتها، وهو ما يثير الجدل حول مدى تأثير مثل هذه الإجراءات على حقوق المواطنين وحريتهم فى التمتع بحياة الرفاهية، التى من المفترض أن يوفرها الارتفاع المتواصل فى معدل دخل الأفراد. ففى بكين لا يمكنك تملك سيارة بمجرد رغبتك فى ذلك وتوافر الأموال اللازمة لشرائها، لكن عليك أن تكون محظوظا وتربح فى سحب “اليانصيب” الذى يجرى كل شهرين لاختيار سعداء الحظ الذين سيحصلون على تصريح بترخيص سيارة جديدة.مثل هذه الإجراءات دفعت إلى رفع مشروع تعديل قانون للمجلس التشريعي الصيني يحظر على الوزارات والحكومات المحلية إصدار لوائح وسياسات تقلل الحقوق الممنوحة للمواطنين أو تزيد من التزاماتهم دون أساس قانوني، ويعتبر تعديل القانون محاولة من المجلس لمنع الفرع التنفيذي من إصدار لوائح أو سياسات غير ملائمة، حيث سنت الحكومات المحلية خلال السنوات الأخيرة لوائح وسياسات من أجل التنمية أثارت مخاوف من إساءة استغلال الصلاحيات الإدارية.

السيارات تزيح الدراجات

سحب “اليانصيب” الذى تتبعه بكين منذ عام 2011 تقوم به 8 مدن صينية أخرى، ويبرره المسئولون الصينيون بالارتفاع الكبير فى عدد السيارات الجديدة التى يتم ترخيصها كل عام، حيث أشارت الإحصاءات التى أعلنتها وزارة الأمن العام أخيرا إلى أن عدد مالكى السيارات فى الصين وصل إلى 154 مليون شخص فى عام 2014، بزيادة 17 مليون سيارة عن العام السابق، حيث ساعد الطلب القوى على السيارات فى إحلالها محل الدراجات النارية كوسيلة أساسية للنقل، وأصبحت السيارات تشكل 58.6% من إجمالى المركبات، وهو ما يمثل زيادة كبيرة حيث كانت النسبة قبل خمسة أعوام هى 43.9%.

ومن الملاحظ فى بكين أن هناك زيادة كبيرة فى أعداد السيارات الفارهة، والسيارات الجديدة بكل الماركات الأوروبية والأمريكية والكورية واليابانية، حيث يتم تصنيع معظمها، أو تركيبها فى مصانع صينية للسوق المحلية، وتحمل علاماتها التجارية الأصلية، مع غياب ماركات السيارات الصينية تقريبا. فمن النادر أن تجد فى شوارع بكين سيارة من الماركات الصينية المنتشرة بمصر.

وأشارت وزارة الأمن العام الصينية فى إحصاءاتها إلى أنه لدى بكين أعلى نسبة انتشار للسيارات الخاصة بين المدن الصينية، حيث إن هناك 63 سيارة خاصة لكل مائة أسرة، فى الوقت الذى يبلغ فيه المتوسط العام 25 سيارة خاصة لكل مائة أسرة.


هذه الأرقام الكبيرة تتم ترجمتها إلى زحام شديد فى شوارع بكين، خصوصا فى أوقات ذهاب الموظفين إلى أعمالهم أو خروجهم منها، لدرجة تجعل الشوارع الكبيرة الممتدة فى قلب المدينة ما يشبه مواقف السيارات العامة، فليس غريبا فى بكين أن يصل طول طابور السيارات المنتظرة لعبور إشارة ما إلى أكثر من كيلو متر، مع وجود أنواع غريبة وكثيرة من مركبات صغيرة محلية الصنع أشبه بـ”التوك توك”، والتى تساعد فى زيادة الزحام.


الطاقة الجديدة


الزحام المرورى وكثرة عدد السيارات اساهما بشكل مبا شر فى المشكلة الكبيرة الثانية التى تعانى منها العاصمة الصينية بكين، وهى مشكلة التلوث، التى أعلنت الحكومة الصينية فى برنامج عملها لعام 2015، الذى ألقاه رئيس مجلس الدولة (مجلس الوزراء) لى كه تشيانج، أمام الدورة الثالثة للمجلس الوطنى لنواب الشعب الصيني، أنها ستعمل على التخفيف من حدتها، من خلال خفض انبعاثات الغازات الضارة، والوقاية من التلوث بتعميم السيارات العاملة بالطاقة الجديدة، وتصفية المركبات غير المتطابقة مع المعايير الوطنية لانبعاثات العوادم.


وفى محاولة لتخفيف حدة تلوث الهواء فى بكين أعلن مكتب مناظر الطبيعة والغابات في المدينة أنه منع تماما التخلص من أوراق النبات والأعشاب ومخلفات النباتات الأخرى الموجودة في الحدائق والجبال عن طريق حرقها، وذكر المكتب أن بكين تخرج ثلاثة ملايين طن من مخلفات النباتات كل عام، وتضم الطرق الصديقة للبيئة للتخلص وإعادة التدوير، وإعادة المخلفات إلى سماد طبيعي أو وقود حيوي.


وقد اعتبر ليو شين خوا، المتحدث باسم الدورة الماضية للمجلس الاستشارى الصيني أن تقدم بكين وتشانغجياكو بطلب استضافة أولمبياد 2022 سيساعد فى تعزيز جهود مكافحة تلوث الهواء، وهو ما تطلق عليه الصين خطة “الهواء النظيف”، سعيا للوصول إلى هدف “السماء الزرقاء والسحب البيضاء”، الذى تخطط الصين أن يتم تحقيقه عام 2030.


ومن جانبها أعلنت وزارة المواصلات الصينية منتصف مارس 2015 أن عدد سيارات الطاقة الجديدة التي ستسير على الطرق الصينية عام 2020 سيصل إلى 300 ألف سيارة، مشيرة إلى أن الصين ستخلق بيئة ملائمة لتعزيز النمو السريع في قطاع سيارات الطاقة الجديدة من خلال التطوير المكثف الذي تقوده الحكومة، ووضعت الخطة هدف امتلاك 200 ألف حافلة تعمل بالطاقة الجديدة و100 ألف سيارة أجرة وسيارات نقل الإمدادات فى المدن عام 2020.


شقة بـ2 مليون


الزحام الذى تعانى منه العاصمة الصينية بكين لا يقتصر على المرور فقط، فهناك تضخم كبير فى عدد سكان المدينة، نتج عنه أيضا مشكلة أخرى فى القطاع العقارى، الذى يعانى من الزيادة المتواصلة فى عدد سكان بكين، لدرجة جعلت الحصول على شقة في المدينة حلما صعب المنال بالنسبة لكثير من الشباب، لارتفاع أسعار الشقق، سواء التملك أو الإيجار، الذى قد يستهلك كامل الراتب.


هذه المشكلة بالإضافة إلى مشكلات أخرى مثل نقص المياه دفعت بكين إلى الإعلان أنها تحاول كبح عدد سكانها، وإبقاءهم عند 23 مليونا بحلول عام 2020، حيث تزايد عدد سكان المدينة سريعا في السنوات القليلة الماضية، في ظل توافد للمهاجرين من أجزاء أخرى من البلاد للبحث عن عمل، ليصل عدد سكان بكين العام الماضى إلى 2١.5 مليون نسمة، لتتجاوز المدينة حد الـ18 مليونا الذي وضعته فى 2005، وكانت تستهدفه في 2020.


أزمة العقارات فى بكين يعانى منها كثير من الشباب، حسب صديق صيني يعمل فى إحدى القنوات الفضائية، سبق له زيارة مصر، وخلال حوارنا قال لى: أنتم محظوظون فى القاهرة بأسعار العقارات المنخفضة، ففى بكين لا يمكنك تملك شقة صغيرة، خصوصا فى وسط المدينة بأقل من مليونى يوان (اليوان يساوى حوالى 1.20 جنيه مصرى)، وهو ما يضطر عدد كبير من الشباب للإقامة مع أسرهم بعد الزواج.


وأوضح لى الصديق الصيني الشاب أن بكين تتكون من عدة دوائر حول بعضها، وتختلف الأسعار حسب بُعد الدائرة عن المركز ووسط المدينة، لكن تكلفة السكن فى كل بكين مرتفعة مقارنة مع المدن الأخرى، لدرجة تدفع الكثير من الأسر الشابة إلى تأخير الإنجاب، حيث يحتاج الزوج والزوجة إلى راتبيهما للوفاء بتكاليف المعيشة والسكن، وأن سياسة الطفل الواحد فى الصين كانت مقبولة من معظم الشباب، بل إن بعضهم لا يفكر بسهولة فى الإنجاب.


قلق حكومى


الأرقام فى الصين تعكس كل شيء، والحكومة تعتمد عليها لتقدير حجم المشكلات وطرق حلها، ومن هنا كانت إشارة رئيس مجلس الدولة إلى ضرورة أن تلبي الحكومة الصينية حاجات السكن الأساسية للأشخاص منخفضى الدخل، وتأكيده أن الحكومة ستتخذ مزيدا من الخطوات لتخفيف حدة هذه المشكلة، تتمثل في إعادة بناء مساكن المناطق الحضرية المتهالكة والمساكن الريفية البالية، من خلال بناء مليون وحدة سكنية لكل منهما.


ورغم أن رئيس مجلس الدولة ذكر أن سوق العقارات تخضع لحكم قانونها الخاص، وأن الصين باعتبارها بلدا كبيرا يوجد فيها مدن كبرى ومتوسطة وصغيرة الحجم، فضلا عن البلدات الصغيرة، فإنه أكد أن السكن ليس قضية اقتصادية فقط، وإنما أمر يتعلق بمعيشة الشعب أيضا، وقال إن الصين ما زالت دولة نامية كبيرة، موضحا أنه مازال هناك 200 مليون صيني يعيشون تحت خط الفقر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق