ترى هل يوجد تفسير علمى أو نفسى لظاهرة الوحم؟ لماذا تحتاج الزوجة من زوجها فى هذه الفترة مزيداً من الدلال والحنان؟ وهل لارتفاع بعض الهرمونات وحدوث بعض التغييرات فى الهضم علاقة بظاهرة الوحم؟ وما علاقة جمود العاطفة لدى بعض الأزواج بزيادة الوحم لدى زوجاتهم؟ نحاول الإجابة فى هذا الموضوع.
ففى بداية الحمل تحدث تغيرات hنفعالية تظهر لدى معظم السيدات، فيشعرن باشمئزاز ونفور شديدين تجاه بعض أنواع الطعام فى حين يشتهين بعض أنواع الطعام الأخرى التى كانت فى السابق غريبة عليهن ولايشتهينها، وبعض النساء من النساء يلجأن إلى أكل مواد غير غذائية .. فيشتهين مثلاً تناول الطباشير أو الفحم أو لعق الصابون أو أكل الطين.. ويطلق على هذه الظاهرة "الوحم"،فمن المؤكد أنه لم يسلم بيت زوجية جديد إلا وعاش هذه الظاهرة عن قرب بكل سلبياتها وإيجابياتها.. ولكن من المؤكد أيضاً أن خروج الجنين إلى حيز الوجود ينسى الوالدين كل المتاعب السابقة.
الهروب من الأمومة
يحدثنا الدكتور عادل مدنى أستاذ الطب النفسى والأعصاب بكلية الطب جامعة الأزهرعن الوحم فيقول: يرتبط الوحم بحالة الحامل من الناحية النفسية، وأهم مظاهره تتجلى فى كرهها لروائح أو أطعمة أو أشياء معينة كانت تحبها من قبل، كما أنها قد تشتهى أشياء أخرى كانت تكرهها، وبذلك قد تحدث تغييرات على حاسة الشم أو النظر أو التذوق لديها.. وتصبح لدى بعض السيدات الرغبة الملحة والقصرية خاصة فى الشهور الأولى من الحمل بتناول مواد غريبة ليس لها قيمة غذائية، بل على العكس قد تنعدم فائدتها وتعود بالضرر على الأم والجنين معاً، وقد يكون الدافع لذلك هو تدمير الذات.. أو الانتقام من الذات أو ممن حولها، وقد يكون الدافع صورة من صور الإكتئاب النفسى أو الرغبة فى لفت نظر الزوج المشغول عنها بعمله للالتفات إليها، أو قد يرجع إلى الإحساس بالرغبة فى الهروب من الأمومة بكل تبعاتها، ويعزى ذلك ــ كما يؤكد أستاذ الطب النفسى ــ إلى التربية والنشأة المتزمتة غير الواعية حينما -ترتبط المعاشرة الزوجية- بالإثم والمعصية لدى بعض السيدات، فيظل هذا الإحساس كامناً فى عقلها الباطن، وعند ظهور أعراض الحمل تشعر المرأة بالاكتئاب الشديد وتندفع لا شعورياً بالتهام هذه المواد الغريبة والضارة، وقد يصاحب ذلك شعور داخلى بكره الزوج.. لذا يجب أن تتم متابعة حمل مثل هؤلاء السيدات برعاية الطبيب النفسى وطبيب الولادة معاً لاستمرار الحمل طبيعياً وتتم الولادة بسلام، ويفسر د. عادل مدنى سبب اختلاف الوحم من امرأة لأخرى ومن حمل لآخر، فالغالبية فى مجتمعنا تعتبر الحمل دليلاً على الأنوثة والقدرة على العطاء وتشعرالحامل بالفخر والزهو، وفى نفس الوقت يشعر الزوج أن عليه ضرورة تلبية وحم زوجته لمشاركتها المسئولية فى تلبية احتياج الجنين، والحقيقة أن الزوجة التى تبالغ فى ظاهرة الوحم تحتاج لعطف وتدليل وإعطاءها الإحساس بأنها الأهم لدى زوجها، علماً بأ ن الجنين لا يتأثر بنوع الوحم ولا بوجوده من عدمه، بعكس الأم التى تهتم بوحمها كثيراً نتيجة صراع داخلى أو حاجة عاطفية ملحة تحتاج الإشباع.. وأخيراً يؤكد أستاذ الطب النفسى أن وراء كل وحم مبالغ فيه رجل جامد العاطفة وعليه أن يزيد حبه وحنانه واهتمامه بزوجته.
"الإستروجين".. هو السبب
ويقول د. أحمد التاجى أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة الأزهر عن ظاهرة القيء والوحم المصاحبة للحمل: إنها من الأعراض الشائعة لدى معظم الحوامل .. إلا أن هذا القيء عادة ما يكون قليلاً فى الصباح ويصاحبه انخفاض مخزون الجسم من السكريات، وغالباً ما تتحسن الحالة أو تزول بعد تناول بعض المأكولات الخفيفة.. والأسباب العضوية للوحم هى أسباب غير متفق عليها، ولكن يعتقد أنها قد تكون نتيجة ارتفاع هرمون التناسلى المشيمى و"هرمون الإستروجين"فى الدم فى أثناء الحمل، إذ نلحظ أن النساء اللاتى يعانين من أعراض الوحم الشديدة لديهن نسبة أعلى من غيرهن فى هرمون الإستروجين، إضافة إلى ذلك فإن حدوث التغيرات فى الجهاز الهضمى بسبب الحمل قد يزيد من إمكان القيء ومن ثم الوحم بشكل عام.
وأهم ما يمكن أن تتبعه الأم للتقليل من مشكلة الوحم كما يقول أستاذ أمراض النساء هو تناول وجبة خفيفة صباحاً مثل قطعة خبز بالعسل، وتناول الماء والإقلال من السوائل الأخرى، حيث تشكو الحامل من تكرار التبول وهذا بسبب ضغط الرحم على المثانة.. وعلى الأم الحامل ألا تقلق إذا قل أكلها، وإن كانت قلة الأكل مشكلة تعانى الحامل من تبعاتها وقد يتأثر بها الجنين، إلا أن من قدرة الله سبحانه وتعالى أن جعل امتصاص العناصر الغذائية يحدث فى أمعاء المرأة الحامل بمعدل أكبر وأعلى بكثير من المرأة فى حالتها العادية والتى لاتحمل جنينا فى رحمها.