وباتت كل محاولات فك الاشتباك والتقليل من حدة المشكلة تذهب هباء، وأصبحنا فى حاجة ماسة لمخرج غير تقليديِّ حتى ولو كان يقتضى تقديم بعض التضحيات التى لابد منها، لتظهر أمام المسئولين بالمحافظة فكرة منع الانتظار تمامًا فى بعض تلك الشوارع كبداية مع التوسع تدريجيا فيها بعد دراسة متأنية للبدائل والعقبات التى قد تظهر أثناء التنفيذ.
حداثة تطبيق الفكرة والرغبة الشديدة فى ترقب نتائجها دفعتنا الى تقصى وجهات نظر الجميع سواء المواطنين أو المحافظة أو الجهة المنوط بها التنفيذ وهى المرور .
تخوف من الاستثناءات
ولنبدأ بالمواطن، حيث يقول (محمود . أ) كنت اعمل كـ (سايس) للسيارات المتوقفة على جانبى الشوارع بتلك المنطقة والآن أصبحت بلا عمل، ونحن أربعة فى هذا الشارع فقط وقس على ذلك المنطقة كلها، ومن ناحيته يقول سيد كمال عامل بأحد المحال الموجودة بالمنطقة إن الزبائن قل عددهم بشكل ملحوظ بعد التطبيق لأن عددا كبيرا منهم فوجئ بحظر الانتظار، وكنت أرجو أن يتم هذا بتدرج وعلى فترة أطول وفي غير أوقات الركود التى نعيشها الآن، وأرجو الله أن يتحسن الوضع بالتدريج مع الوقت.
رغم هذه الرؤية السلبية من البعض فإن آخرين مثل حامد سيد موظف يقول أؤيد هذه الخطوة تماما بل أعتبرها متأخرة لأن وسط البلد كان سوقا عشوائية بمعنى الكلمة تحولت معه شوارع المنطقة ذات الطابع التاريخى الراقى لسويقات وفوضى ومخلفات بائعين ومشترين وألفاظ وتصرفات لاتليق ، بل وأطالب بأن تشمل باقى الشوارع خاصة عبدالخالق ثروت الذى تكثر به السيارات الواقفة على جانبيه وعدم استثناء أحد لا قضاة ولاغيرهم لأن نادى القضاة هو الجهة التى لايستطيع أحد الاقتراب منها كما لو كانوا فوق القانون، والمفروض أن الجميع أمام القانون سواء، فمن غير المعقول أن يلتزم الغلابة ويترك الكبار، وكفانا استفزازا.
توفير البديل
سألنا اللواء محمد أيمن نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية عن القرار فقال إن وسط البلد هو عقدة مواصلات القاهرة الكبرى وتأثيرها مباشر على باقى هذه الجهات، وبالتالى فإن سيولة المرور به ضرورة للتغلب على نزيف الخسائر المنظورة في كل شئ من الوقت إلى الوقود الضائع فى ساعات الانتظار الطويلة والتعطل عن قضاء المصالح ولتحقيقه لابد من منع الوقوف المتكرر الذى سببه شغل حارات مرورية ، وأكد أن القرار لم يكن وليد اللحظة أو محض تصور جزئي، وإنما بعد توفير بدائل مناسبة تمثلت فى جراجات متعددة الطوابق وساحات انتظار، وعلى سبيل المثال جراج العتبة بطاقة 650 سيارة، والأوبرا بطاقة 650سيارة ، والبستان 810 سيارات والترجمان 1000 سيارة ، وساحات عبد المنعم رياض 1 ، 2 والنور ورمسيس سطحى وتحت الأرض والفلكى ودار القضاء وغيرها، بإجمالى 148 ساحة متفاوتة السعات، تضاف لكل ذلك جراجات أسفل العقارات، ونحن لم نكتف بذلك.
فقد استحدثنا خدمة تسيير سيارات مينى باص جديدة لمستخدمى جراج التحرير ـ كبداية ـ ينقل أصحاب السيارات المنتظرة فيه لمناطق وسط البلد والعودة الى الجراج بواقع 3 مسارات مختلفة ، كل مسار منها يوضحه تفصيليا من حيث الاتجاه والمحطات ملصق على جانب سيارة المينى باص وعلى أماكن المحطات ، وفعليا بدأنا تنفيذ منع الانتظار فى البستان وطلعت حرب وقصر النيل وممنوع الانتظار قطعيا بها، وسيمتد منع الانتظار لباقى الشوارع ، لأن الوضع الحالى لايمكن استمراره، وهذا التدريج معناه الإعلان بالوسائل المختلفة وباللوحات الإرشادية والتحذيرية، ثم التطبيق بعد الاستقرار على الموعد، وشدد على أن جزءًا كبيرًا من دوافع القرار هو أصحاب المحال التجارية بوسط المدينة بسبب تعطيل السيارات المنتظرة لنشاطاتهم التجارية وهو أمر إضافى حثنا على الإسراع بالتنفيذ.
وقبل أن ينهى كلامه لفت الى أن القرار له بعد استراتيجى قومى وفوائد كثيرة فى توفير الوقت والمال والأمن والأمان والحفاظ على حرمة الملكية العامة بحرمان البعض من الاستيلاء على أرض الشارع لمصلحته فى ظل ثبات مساحات من الشوارع ومواكبة زيادة السكان التى تبلغ 2.5% سنويا بما يستوجب ضرورة سرعة التزام الجميع بالضوابط دون أى استثناءات.
ونأتى إلى الجهة المنوط بها تنفيذ هذا القرار وهى الإدارة العامة لمرور القاهرة، يقول اللواء حمدى الحديدى إن الوضع فى وسط القاهرة كان لايرضى أحدا لذا أثمن تماما قرار الحكومة بإنشاء جراج التحرير المتعدد الطوابق بسعة 1700 سيارة و23 أتوبيس سياحة لخدمة المتحف ، ويرتفع بعد افتتاحه عدد أماكن الانتظارفى الجراجات والساحات الى أكثر من 7000 مكان، فقبيل أعمال إنشاء هذا الجراج واجهنا عمليا فوضى كبيرة فى الشارع بسبب الباعة الجائلين الذين احتلوا الأرصفة وجزءًا كبيرًا من نهر شوارع وسط البلد باعتبارها منطقة تجارية وباتت حركة السيارات فيها مشكلة تستعصى على الحل حتى بالنسبة الى المشاة ، لتقف مديرية أمن القاهرة بجميع إداراتها وبتوجيهات من وزارة الداخلية أمام تحد كبير يكمن فى التنسيق مع أجهزة المحافظة لتوفير بدائل لهؤلاء الباعة أولا كجانب إنساني، ويصبح الجانب المرورى واضحا، ويجب من باب الإنصاف تأكيد أننى كإدارة مرور تلقيت دعما غير محدود من جميع القيادات السابقين والحاليين خاصة سيادة الوزير اللواء مجدى عبد الغفار والسيد اللواء أسامة بدير مدير الأمن، الأمر الذى يعنى الحفاظ على ما تحقق دون تراجع، وترجم ذلك من خلال البدء فورا فى خطة شملت منع الانتظار فى ميدان التحرير ومحيطه بدائرة نصف قطرها نصف كيلو متر، والتدرج فى حظر الانتظار فى شوارع بعينها على مراحل بداية من أول مارس ، بدأت بـ11 نقطة فى الأسبوع الأول من مارس و7 فى الثانى و4 فى الثالث، ومازالت المراحل تتوالى مع الحفاظ على ما تحقق وبلغت حتى الآن أكثر من 15 شارعا من بينها قصر العينى ومحمد محمود والتحرير وسراى الاسماعيلية وطلعت حرب وقصر النيل، كما ضمت 8 ميادين منها التحرير وسيمون بوليفار.
وحول معدل الاستجابة فى الشارع قال: فى الأسبوع الأول بإجمالى 2676 مخالفة ، وفى الثانى ارتفعت إلى 2977 حالة ، والثالث 4280 حالة.
وشهدت المرحلة الرابعة نقلة إيجابية تمثلت فى استجابة الشارع لإصرارنا بإجمالى 2500 حالة، أى أن المراحل الأربع مجتمعة انخفضت فيها المخالفات إلى أقل من المرحلة الأولى وحدها، وهو هدف أعتبره أفضل جائزة منحنا الله تعالى إياها .
وقبل أن ننهى كلامنا ما أحوجنا الى تحقيق مكتسبات مثل هذه والاستمرار لإضافة المزيد اليها، فالوصول الى القمة صعب، وأصعب منه الحفاظ عليه وهو ما يبشر بالخير إن شاء الله فى مقبل الأيام.