رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

من المكتبة الإسلامية
الخطاب الدينى .. وتأثيره فى العقل والسلوك الجمعى

في كتابه «مدخل إلى إصلاح الخطاب الديني المعاصر»، الصادر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، يحدد الدكتور أحمد كمال أبو المجد، الخطاب الديني، بأنه خطاب الدعاة والوعاظ والخطباء والمفتين والباحثين، حين يقدم إلى جمهور الناس على أنه الوصف السليم والفهم الصحيح للإسلام في عقيدته ونظامه الأخلاقي وآدابه وشريعته.


ويرى الدكتور أبو المجد أن لهذا الخطاب الديني دورا أساسيا في تكوين العقل والوجدان، ومنه يتلقى عامة الناس تصورهم للإسلام، وللعالم في ظله.. وتزداد أهمية ترشيد هذا الخطاب في ظل أمرين تكاد تشترك فيهما جميع البلاد الإسلامية.. أولهما انتشار الأمية بمعناها العام، والأمية الدينية بوجه خاص، وهو ما يحول دون الاتصال بمصادر المعرفة الدينية الصحيحة، من المراجع المعتمدة في التفسير وفى علوم الحديث والسيرة والفقه. وما يجعل الخطاب الديني بمعناه الذى بينه المصدر الأساسي إن لم يكن الوحيد للمعرفة الدينية، والمسئول الأول عن تحديد معالم «التدين» ورسم صورة «المتدينين» لدى الأفراد ولدى الجماعة، ولدى الغير. ثانيهما: تعاظم موجة التدين احتجاجا على المادية التي آل إليها أمر الحضارات المعاصرة، وما صاحبها من تراجع في العلاقات الإنسانية السائدة، وفسادٍ لذات البين داخل الجماعة الواحدة، وداخل المجتمع الدولي كله، والتراجع هو المسئول عن انتشار ظواهر الأنانية والانحصار على الذات، وظواهر العنف الفردي والجماعي، الذي يتخذ أشكالاً متعددة باختلاف ميادينه، بدءًا بالعنف الفردي والحكومي، وانتهاء بالإرهاب الداخلي والدولي، ووصولاً إلى الحروب الأهلية والإقليمية والدولية، فالصورة الغالبة للخطاب الديني المعاصر تحتاج إلى النقد، وإلى المراجعة الهادئة في غير مبالغة أو تهويل.

وحدد أبو المجد سبعة عناصر لمظاهر انحراف الخطاب الديني عن توجيهات الإطار المرجعي الثابت للدين وهى: الترهيب والتخويف، وإغفال الدعوة إلي الإسلام عن طريق الترغيب والتبشير، والميل إلى التشديد على الناس، والغفلة عن مقاصد الشريعة والوقوف عند ظاهر النصوص وحروفها، وكذلك الغفلة عن ترتيب الأولويات ومراتب الواجبات الدينية. ومن أعقد المشاكل التي تواجه حركات التغيير الفكري والاجتماعي تحديد نقطة البداية في هذا التغيير وترتيب الأولويات في برامج الإصلاح وتتخذ هذه المشكلة طابعًا أشد تعقيدًا في خصوص الخطاب الديني، وفى إطار العمل الإسلامي حيث تتنازع هذا الترتيب اعتبارات مختلفة ومعايير عديدة، فهو ليس قائمًا على تقدير الأهم والمهم من حيث المصلحة الاجتماعية فحسب، وإنما يتداخل في تحديده عنصران إضافيان من عناصر انحراف الخطاب الديني، وهما الغفلة عن دور العقل وأهمية العلم في بناء التصور الإسلامي، حيث يرى أبو المجد أن آفتنا نحن المسلمين أننا عطلنا العقول وركنت عامتنا وخاصتنا إلى المنقول، فتوقف كثيرون عن إعمال العقول، وتوقف بعضهم عن السعي وإحسان العمل، واختلط التوكل بالتواكل، وامتزجت القناعة بالخمول، كما اختلطت العفة بالعجز، فتقدم الناس وتأخرنا، وتحركت الدنيا وتجمدنا، ولا خير اليوم في خطاب ديني لا يتصدى لهذه الثغرة، ولا يعالج هذا الخلل.

ومن بين هذه العناصر أيضا - كما يقول أبو المجد في كتابه - مداومة الحديث عن الماضي، والذهول عن الحاضر، والخوف من المستقبل.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق