استأت كثيرًا من التجمهر الموجود حول قصر الرئاسة، وكثرة الحشود من أصحاب المطالب الفئوية الذين انهالوا من كل حدب، ولم يعجبني قطعهم للطريق كوسيلة ضغط على الرئاسة للاستجابة الفورية لمطالبهم، والسماح بوفد منهم لعرض تلك المطالب..

بعد معركة انتخابية ديمقراطية فاز الدكتور مرسي كأول رئيس مدني منتخب بعد ثورة يناير، والتي أدلى فيها ما يقرب من ٢6 مليون مصري بصوتهم، تلك الانتخابات التي عبرت عن شيء واحد ألا وهو التغيير.

يترقب المصريون الآن قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية للإعلان عن اسم الرئيس الفائز بعد طول انتظار، وقد شهدنا خلال الأيام الماضية ارتباكًا في المشهد السياسي وحالة من الفوضى التي اجتاحت جوانب الحياة المصرية كافة.. وأحسسنا أن مصر منقسمة إلى نصفين..

روى بدمائه الزكية تراب الوطن المجيد.. بموته كُتبت شهادات ميلاد كثيرين من جديد.. دبت طاقة أمل جديدة لم تغرب شمسها إلى حين.. حرّك المياه الراكدة... فجرت قضيته ينابيع الثورة التي تناثر ماؤها على كل الربوع وعلى النفوس.

شهد المصريون عرسًا تاريخيا لم يعهدوه منذ عقود طويلة، فقد ذهبوا لأول مرة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى صناديق الاقتراع لاختيار ديمقراطي حر نزيه لرئيس جديد يعبر عن آمالهم بإراداتهم الحرة دون ضغوط ودون إملاء من أحد...

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وفي ظل المنافسة المحتدمة على هذا السباق، تتصاعد حملات التشويه وحرب الاغتيالات النفسية بين غالبية المرشحين، للعب على أوتار وعقول الناخبين والتأثير في قناعاتهم وتوجهاتهم.

نعيش الآن أجواء تجربة ديمقراطية حقيقية جديدة لأول مرة؛ فقد بدأ المصريون المقيمون في الخارج بالتصويت لانتخاب رئيس مصري جديد يعبر عن طموحاتهم وأحلامهم التي تبخرت طوال 30 عامًا مضت..

تواجه مصر الآن موجة عاتية من المحن والابتلاءات التي لم تعهدها منذ سنين طويلة... الوضع الداخلي يغلي فوق صفيح ساخن.. ومصر أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق نحو حافة الهاوية.. إذا لم يتدخل العقلاء سريعًا لاحتواء الأمور.. فالأزمات تتفاقم يومًا بعد يوم... ولا يزال مسلسل اشتعال مصر مستمرًا.. سواء كان حرائق أو أوضاعًا داخلية..

منح الله عز وجل مصر موقعًا فريدًا دون غيرها يربطها بقارتي آسيا وأوروبا، ومناخًا معتدلاً وحدودًا طبيعية آمنة، ومصدرًا ثابتًا للمياه هو نهر النيل، وأرضًا منبسطة إلى حد كبير سهلت الاتصال بين المصريين والشعوب المجاورة..