تتعاظم المكاسب العاجلة والآجلة للمصريين من المتحف الكبير بأكثر من مكاسب استمتاع السياح الأجانب مهما كانت كبيرة ومتعددة. لذلك ينبغي، لتحصيل مكاسب المصريين، ألا يتوقف الإنجاز الضخم على الارتقاء بسُمعة المتحف المصرى بأنه صار أكثر تطوراً بعرض الآثار بمراعاة الكُتَل مع الحيز والفراغ، وإنما ينبغى أيضاً أن تُتاح للمتحف إمكانية أن تتحقق أهم مُمْكِناته فى أن يكتشف عموم المصريين جذورَهم التاريخية فى أبهى صورها، وبما يؤكد لفئات المتعلمين، بالمعلومات الموثقة بالفنون الخالدة، حقيقة الجوهر العظيم لمصر، الذى كانت عليه قبل أن تمر بعد ذلك بمراحل تاريخية أخري، كان ينبغى الحرص على أن إضافاتها لمصر، مهما كان تأييدهم للإضافات، لا يمكنها أن تُزِيل أو تُدارِى هذه العظمة التى فاقت ما لدى كل الأمم الأخري!
لذلك، فمن الممكن أن يساعد المتحف على تطوير الحوار الوطنى الدائر، والذى تَوَسَّع على المنابر الشعبية منذ ثورة يناير، حول أن مصر المستقلة القوية، التى رسَخَّت حقَها الوطنى فى أن تنفرد وحدها بتقرير حاضرها واختيار مستقبلها، ينبغى عليها أن تدير نقاشاً عاماً لا ينقطع عن ماضيها، لتصويب تقديرات رائجة عن فترات من تاريخها، ولإعادة الاعتبار لفترات أخري، مع إفساح المجال لحسم الاقتراح المطروح بأن يكون الاسم الرسمى (جمهورية مصر)، ليتسق مع المعانى التى يؤكدها المتحف الجديد بأن مصر كانت موجودة بهذا الرقى قبل أى شئ آخر بآلاف السنين.
وحتى لا يُحْرَم أحدٌ من متعة مشاهَدة المتحف، ينبغى أن يُلَبِّى موقعُه على الإنترنت حاجة ملايين المصريين مِمن يصعب عليهم زيارته، وأن يُقَدِّم مادته بلغات أخرى ليجذب السياح، وليوفر المعلومات لراغبيها، لنشر المعرفة عن حضارة مصر التى تثير فضول العالم أجمع. وقد أحسنت الحكومة أنها، فى تخطيطها الشامل للمشروع، اهتمت بمد خط المترو لإقامة محطة أمام المتحف، لتسهيل الوصول لجميع الفئات. وفى نفس السياق، يمكن التفكير فى ألا يكون هناك عائق مالى فى دخول المتحف، بتخصيص يوم، أسبوعى أو شهري، برسوم رمزية.
وليت أثرياء مصر يشتركون فى تأسيس صندوق يَخْتَصّ بإتاحة الفرصة لأطفال مصر من المحافظات البعيدة لزيارة المتحف.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: