رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

اجتهادات
اختبار جديد

يدخل النظام السياسى العراقى فى اختبار جديد مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التى ستُجرى بعد أيام. يختلف هذا النظام عن غيره فى المنطقة العربية، باستثناء لبنان، من حيث إنه يقوم على أساس توافقى اتُفق عليه عقب الغزو الأمريكى وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003. صمد هذا النظام أكثر من عشرين عامًا رغم التحديات التى واجهته والصعوبات التى مر بها. نجح فى كثير من الاختبارات التى دخلها رغم أن التوافق كان مهددًا بالانهيار فى بعضها. توافقُ هش لكنه صامد حتى الآن على نحو يدعم الأطروحة الخاصة بالعلاقة بين حالة المجتمع وطبيعة النظام السياسى. فمن الصعب، حسب هذه الأطروحة، بناء نظام ديمقراطى فى المجتمعات المنقسمة اجتماعيًا وثقافيًا دون التوصل إلى توافق بين الفئات المختلفة. والمجتمع العراقى من أكثر مجتمعات العالم انقسامًا على أسس دينية ومذهبية وعرقية. ولذا كان منطقيًا السعى إلى بناء نظام توافقى يتيح إشراك مختلف الفئات الاجتماعية فيه. ويجمع هذا النظام بين الفيدرالية والاستقلال الذاتى وصيغة معينة للحصص المخصصة لكل فئة اجتماعية لضمان تمثيلها وللحيلولة دون هيمنة إحداها بشكل كامل واستبعاد أو تهميش بعضها. ولم يكن بناء هذا النظام سهلاً فى ظروف عصيبة ترتبت على الغزو الأمريكى. ولذا وُلد مُعيبًا من اللحظة الأولى بسبب تسييس الانقسام الاجتماعى-الثقافى، وإقامة أحزاب وحركات سياسية على خطوط هذا الانقسام، الأمر الذى أنتج ثقافة تقوم على الانغلاق والتخندق أكثر من الانفتاح والتواصل. لكن كثرة الأحزاب السياسية التى أُنشئت قللت هذا العيب لأنه أدى إلى وجود عدة أحزاب شيعية وليس حزبًا واحدًا. وكذلك الحال فى الجانبين السُنى والكردى حيث تعددت الأحزاب أيضًا فى أوساط كل منهما. كما أن ضمان تمثيل مختلف الطوائف فى البرلمان، ومن ثم فى مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها أسهم فى تقليل مثالب إقامة الأحزاب على خطوط الانقسام الاجتماعى-الثقافى. والمهم الآن أن تجربة التوافق الهش فى العراق تقترب من اختبارٍ جديد نرجو لها أن تجتازه بنجاح.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: