تتراكم الأدلة القوية على أن ترامب لا يُولى قراراته الخطيرة الاهتمام الواجب، على الأقل باستشارة العلماء وذوى الخبرة، الذين تزخر أمريكا بهم على أعلى المستويات فى تخصصات الأسواق والسياسات الداخلية والخارجية، بالجامعات ومراكز الأبحاث وبكل الأنشطة! أما ترامب فقرر أن يسير فى اتجاه عكسى طوال الأشهر الـ10 من حكمه، فكل من اختارهم ليكونوا الأقرب إليه من نوعية الموافقين على كل ما يقوله ويفعله الرئيس! أما آخر مشاكله التى تسبب فيها بنفسه نتيجة قراراته المتضاربة فى التعريفات الجمركية، ولم يكترث بما أحدثه من ارتباك عالمى، ولم يدرك أنها ممكن ان ترتد عليه وعلى أمريكا، كما لم يكن أحد من القريبين منه يدرك التبعات، أو ربما يدركها ولا يجرؤ على إبداء الاختلاف معه أو توجيه النصح له! وغاب عنهم أكثر التوقعات بداهة: أن العالم، وبخاصة الأقوياء الذين يتعمد معاقبتهم، ليسوا جثثاً لا ترد أفعالاً، وإنما لهم إرادات قوية فى الدفاع عن مصالحهم، وأنهم يمكنهم أن يردوا عليه بطريقة أكثر إيلاماً له مما يتعرضون له من تصرفاته!
وهذا ما حدث من الصين، التى يُوَجِّه لها ضرباته الجمركية لمحاربة ما قال إنه غزو لبلاده بالصناعات الصينية، فرفع الجمارك على وارداتها إلى أمريكا بنسب لم تحدث فى تاريخ التجارة العالمية، وانتظر أن ترضخ له وتستسلم، إلا أن الصين صدمته بقراراتها المضادة! وفيما كان لا يزال عاجزاً عن الاستيعاب وإيجاد مخرج لقرارها بمنع تصديرها له المعادن النادرة، التى هى أهم عناصر الصناعات الحديثة المدنية والعسكرية، باغتته بتوقيفها لاستيراد فول الصويا الأمريكى بعد أن كانت تشترى نصف الانتاج الأمريكى، وكانت الأوضاع مستقرة على هذا طوال 7 سنوات، حتى بادر ترامب بالمعركة، فتلاحقت الردود الصينية، وكان آخرها بمنع استيراد فول الصويا من أمريكا، وتراجعت الأرقام بشكل خطير حتى وصلت إلى (صفر) فى سبتمبر الماضى! ولجأت الصين لبدائل أخرى لتلبية احتياجاتها من البرازيل والأرجنتين. أما فى أمريكا فقد أُصيِب الفلاحون بضربة قاصمة تكدس فيها انتاجهم بمليارات الدولارات، وصار مُعَرَّضاً للتلف، وانضموا إلى المعارضة المتنامية الداخلية ضد ترامب!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: