رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

مصر وأوروبا.. التعاون والاحترام المتبادل

فى مارس 2024، توافقت مصر والاتحاد الأوروبى على ترفيع العلاقات بينهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، فى وقت يواجه الطرفان جملة تحديات تستدعى تكاتفهما لمواجهة تلك التحديات والعبور إلى شاطئ الأمان فى عالم يفيض بالاضطرابات والصراعات ولا يخلو من الفرص الواعدة فى الوقت نفسه.

وتضم الشراكة الاستراتيجية المصرية - الأوروبية عدة محاور تعاون فى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، وتصب هذه الشراكة فى مصلحة الجانبين، إذ يسعى الرئيس عبدالفتاح السيسى حثيثا لتأمين المصالح المصرية، فى مختلف الدوائر والتوازن فى العلاقات مع القوى الدولية، فى إطار سياسة خارجية عنوانها الندية والاحترام وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وتبادل المنافع، فى حين ينظر الاتحاد الأوروبى إلى مصر بوصفها الدولة المحورية جنوب المتوسط، والفاعل الأساسى فى قضايا الشرق الأوسط وإفريقيا، ما يعد ركيزة أساسية لأمن واستقرار القارة الأوروبية برمتها.

إن تاريخ العلاقات بين مصر ومعظم الدول الأوروبية، له طابع خاص، ويؤكد الحاضر والمستقبل أن الرئيس السيسى نجح فى أن يوطد هذه العلاقات من أرضية قوية، وأن يفتح مجالات جديدة للتعاون فى الاستثمار والطاقة والربط الكهربائى، والزراعة والإنتاج الغذائى والتكنولوجيا المتطورة والثقافة والتعليم والأمن والدفاع؛ إلخ، كما أن أوروبا أكبر جهة تقدم مساعدات إلى مصر، وهناك إمكانية لمبادلة الديون بمشروعات استثمارية وتقديم حزمة مساعدات لمصر، تصل إجمالا إلى 7.4 مليار يورو.

ومن ثم تنبع أهمية القمة المصرية ــ الأوروبية اليوم فى بروكسل، بمشاركة الرئيس السيسى والزعماء الأوروبيين كخطوة جوهرية على درب تعزيز الشراكة الاستراتيجية التى يحتاجها الجانبان، ودفعها لمزيد من التقدم، وفتح آفاق أوسع للتعاون ومشاركة الخطط والطموحات والأفكار المستقبلية. كثيرة هى القضايا والملفات على طاولة القمة من بينها قضية اللاجئين والهجرة غير المشروعة، إذ تستضيف مصر نحو 10 ملايين لاجئ ومهاجر، وتلعب دورا مهما فى مكافحة الهجرة غير المشروعة، وفقا لرؤية مصرية تقوم على ضرورة مكافحة الأسباب الجذرية للهجرة ودعم التنمية؛ ما يعنى فى الوقت نفسه تجنيب أوروبا مشكلات هائلة وتحديات جمة. إن دور مصر لا يغيب على المستوى الدولى، خاصة ما يتعلق بمكافحة الهجرة غير المشروعة والتصدى للإرهاب والجريمة المنظمة.

ويعد السلام فى الشرق الأوسط أحد الملفات المهمة بين الجانبين، من منظور رغبتهما فى استقرار الشرق الأوسط، وبالتبعية القارة العجوز نفسها فى الجوار، تراهن القاهرة على مواقف الأوروبيين للحصول على دعم دولهم للمَطالب العربية العادلة، خاصة دعم القضية الفلسطينية، ورفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم وتلافى آثار الكارثة الإنسانية فى غزة، والحفاظ على وقف النار، وإدخال المساعدات الإنسانية وبحث سبل إعادة إعمار القطاع، وفتح مسارات للسلام على أساس حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو بوصفها الضمانة الوحيدة لاستقرار الشرق الأوسط وبالتالى أوروبا والعالم أيضا.

ولعل حضور كبار زعماء أوروبا قمة السلام فى شرم الشيخ، الأسبوع الماضى، برعاية مصرية- أمريكية، يظهر تقديرهم للدور الكبير الذى تلعبه القاهرة وثقلها السياسى، حيث أكدوا أن مصر شريك أساسى للاتحاد الأوروبى فى غالبية القضايا المهمة إقليميا ودوليا، فى دلالة كاشفة على أن أمن واستقرار مصر يمثل أهمية كبرى للاتحاد الأوروبى، بسبب الدور الحيوى الذى تلعبه فى العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، والدور الكبير الذى يقوم به الرئيس السيسى فى تحقيق الاستقرار الإقليمى، لأن مصر ركيزة استقرار وأمن المنطقة، كما أن دورها شديد الأهمية والفاعلية فى التعامل مع أزمات متعددة، تمس بشكل مباشر مصالح وأمن أوروبا والعالم.

على سبيل المثال، تهتم مصر وأوروبا بإطفاء التوترات فى البحر الأحمر، وتقليل تأثيرها فى حركة التجارة العالمية، وضمان أمن الملاحة فى هذا الشريان الملاحى المهم للتجارة الدولية، بالإضافة إلى إطفاء الحرائق المشتعلة فى السودان وليبيا والقرن الإفريقى. كما تلعب مصر دورا محوريا فى الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط، وهذا الدور ليس منحة أو عطية، إنما تتويج لسنوات طويلة من الجهد والسعى والمشقة، والعمل السياسى المكثف، برؤية وبصيرة واحترام وندية.

تشكل المصالح المتبادلة بين مصر وأوروبا الركيزة الأساسية، لقمة اليوم فى بروكسل، وسوف يحقق الجانبان مكاسب كبيرة من وراء هذه القمة التى تعقد للمرة الأولى، على هذا النحو، وسيظهر مردودها سريعا فى دفع العلاقات الأمنية والثقافية والتعليمية وتعزيز الاقتصاد الوطنى والاستثمارات وخلق المزيد من فرص العمل، وتوطين الصناعة، ونقل التكنولوجيا والطاقة والتدريب.. إن مصر دولة محورية إقليميا والاتحاد الأوروبى قطب عالمى مؤثر، والعلاقة بينهما ضمانة أساسية لعلاقات مثمرة لشعوب الشرق الأوسط وإفريقيا والقارة الأوروبية والعالم.

تلعب مصر دورا محوريا فى الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط، وهذا الدور ليس منحة أو عطية، إنما تتويج لسنوات متطاولة من الجهد والسعى والمشقة، والعمل السياسى المكثف، برؤية وبصيرة واحترام وندية.

[email protected]
لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب من بروكسل

رابط دائم: