أكثر من انتصار كبير حققته القضية الفلسطينية خلال الأيام القليلة الماضية، أهمها الاعتراف بدولة فلسطينية من جانب دول أوروبية كبيرة ومعروفة بأنها دعمت إسرائيل منذ نشأتها، وظلت تؤيد أغلب ما تفعله، أو على الأقل تصمت عنه. لكننا وجدناها أخيرا تتحدث عن إسرائيل كدولة مارقة، وأنها تشن حرب إبادة جماعية، وأن الوقت قد حان لوقف تلك الجرائم. ورأينا كيف تحولت قرارات الاعتراف إلى فعل عندما رفرفت الأعلام الفلسطينية فوق مقرات سفارات جرى افتتاحها سريعا، لتحقق القضية الفلسطينية فى أيام ما لم تحققه فى عقود.
الانتصار الآخر رأيته وسمعته فى كلمات قادة دول العالم، إذ كانت القضية الفلسطينية محور أحاديث هؤلاء القادة، وكأن اجتماع الأمم المتحدة فى عيد تأسيسها الثمانين كان مخصصا للقضية الفلسطينية. لم تجد إسرائيل من يدافع عنها أو يحاول تبرير جرائمها، أو حتى يستمع إلى كلمة رئيس وزرائها، فالجميع تقريبا غادروا القاعة فى مشهد لم أرَ له مثيلا من قبل، فكانت صفعة مدوية أصابت نيتانياهو بالدهشة وأجبرته على أن يعرف حقيقة أنه أصبح معزولا ويتجنبه الجميع، بمن فيهم أقرب داعميه، فالدماء الفلسطينية تغطيه وتحاصره.
لم يكن القادة العرب وحدهم من ركز على القضية الفلسطينية، فقد كانت كل كلمات الوفود تنطق باسم فلسطين وتدوى فى أسماع نيتانياهو والوفد المرافق له. ومن الممكن أن نتشكك فى أن يكون الاعتراف الواسع بدولة فلسطين كافيا، فالكلام والاعتراف شيء والواقع شيء آخر، والسوابق كثيرة فى وعود لم تُنفذ وانتهت إلى لا شيء، وتبددت أحلام فى تحقيق سلام شامل وعادل. وقد يكون قادة أوروبا اضطروا إلى تعديل موقفهم تحت ضغط الغضب الشعبى فى بلادهم، أو لأنهم يرون أن نيتانياهو يسير فى اتجاه خاطئ من شأنه أن يضر إسرائيل نفسها ويضرهم أيضا، وأن عليه تعديل مساره. كما أن التفاصيل قد تكون مليئة بالشياطين، وأن الدولة الفلسطينية المرجوة ستكون بلا سيادة أو ناقصة السيادة.
كل هذا ممكن لو توقفنا عند حد الفرحة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. لهذا، فإن على القادة العرب وكل المؤيدين لحقوق الشعب الفلسطينى مواصلة الضغوط على إسرائيل بكل أدوات الضغط، واستغلال ظرف تاريخى مهيأ لتحقيق مكتسبات كبيرة للقضية الفلسطينية. وعلى العرب أن يتجاوزوا أى خلافات وأن يسعوا إلى مواقف موحدة، وكذلك على القوى الفلسطينية. وعند ذلك سنجد أن القضية الفلسطينية حققت الكثير على أرض الواقع.
الانتصار الآخر كان فى لقاء وفد الدول العربية والإسلامية الرئيس الأمريكى ترامب، وما تسرب عنه من مواقف جديدة، ليس من بينها التهجير أو القضاء على حماس أو الاستيلاء على غزة. وهنا علينا البناء على تلك المواقف، ودفعها إلى الأمام.
لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت رابط دائم: