كثير من المشكلات المزمنة يمكن حلها أو التخفيف من حدتها عبر تغيير طرق الإدارة المتحجرة، التى اعتادت على وجود تلك المشاكل منذ زمن طويل، وأصبحت جزءا من نمط حياتنا .. إحدى هذه المشاكل توفير العلاج المناسب لجموع المصريين، وقد كنت ضمن فريق من المتطوعين فى العمل على تطوير أحد المستشفيات الأهلية، الذى يقدم خدمات طبية بمستوى جيد للغاية، وبسعر رمزي، وكان لهذه التجربة الناجحة أثرها الكبير، حيث أنقذت حياة الكثيرين، وأوقفت آلام ومعاناة أعداد أكبر، ولهذا استغرقت فى التفكير فى كيفية التوسع فى المستشفيات الأهلية، وتطوير إدارات المستشفيات والوحدات الصحية الحكومية، لماذا لا ندمج العمل الأهلى التطوعى بالخدمات الحكومية الأساسية، وعلى رأسها تقديم خدمات صحية جيدة؟ أليس من الممكن أن يكون فى كل مستشفى حكومى مجلس أمناء من خيرة أبناء المدينة أو الحى أو القرية مع إدارة المستشفى، وأن يضم ممثلين عن رئاسة المدينة وأعضاء مجلسى النواب والشورى والمحليات، وأن تشارك الأحزاب فى مثل هذا العمل الخدمى الجليل، وتخرج من شرنقة مقراتها لتتفاعل وتحل المشاكل الحياتية للناس؟ إن مثل هذا المجلس التطوعى يمكنه أن يفعل الكثير بعيدا عن التعقيدات البيروقراطية، وأن يحل الكثير من المشاكل اليومية، ويوفر ميزانيات جيدة تكفى لتلبية متطلبات أساسية فى المستشفيات والمراكز الصحية، سواء عن طريق التبرعات والعمل الخيرى بالتعاون مع وزارة الأوقاف والمحليات ورجال الأعمال فى كل منطقة، بالإضافة إلى رفع قيمة العلاج المجانى قليلا، ليوفر على المستفيدين من العلاج مبالغ باهظة لا يتحملها الكثيرون، وأن تضم قسما اقتصاديا للقادرين على دفع مبالغ أكبر قليلا مقابل بعض الميزات الخدمية.
إن الكثير من مستشفياتنا يعانى نقصا كبيرا فى التجهيزات، وكذلك لا يتلقى الأطباء وأطقم التمريض إلا أجورا هزيلة لا تتناسب مع حجم جهودهم، وما يقدمونه من خدمات مهمة للغاية تتعلق بصحتنا وأرواحنا، فلماذا لا نعمل معا على دمج العمل الأهلى والحكومى والخيرى لرفع مستوى الخدمات الصحية، وأن تكون المسئولية أشمل وأوسع، بما يحسن من الخدمات، ويحل أى مشكلة بسرعة ومرونة، فإذا احتاج مستشفى لأكياس من الدم فى حالات الطوارئ والحوادث، فيمكن لمثل هذا الجهاز الإدارى المتطوع أن ينظم حملات سريعة للتبرع بالدم فى المدارس الثانوية والجامعات والمعاهد والمصانع، وأن يكون لدينا بنك للدم فى كل مدينة أو مركز، وكذلك يمكن أن تشترك وزارة الأوقاف فى حملات للتبرع بأجهزة طبية، وأن يتبرع رجال الأعمال باحتياجات أخري، وعند تضافر هذه الجهود الخيرية والأهلية والحكومية سيكون من السهل النهوض بالخدمات الصحية، بل بالكثير من الخدمات، بشرط خروجنا من نمط الإدارة البيروقراطى المتحجر، الذى عجز عن تحسين تلك الخدمات، بل تسبب فى تراجع مستواها.
لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت رابط دائم: