رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

ألمانيا وبريطانيا.. أين حمرة الخجل؟!

مواقف بعض الدول وفى القلب الدول الأوروبية، منذ اندلاع حرب غزة وتزايد سعار حرب الإبادة الإسرائيلية البالغة السوء، والكاشفة عن النفاق الغربى، بل إن البعض ذرف الدمع وسارع لزيارة تل أبيب لمباركة تلك المقتلة، ومع تزايد الممارسات العدوانية الإسرائيلية بدأت غالبية دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة، تطالب بوقف حرب الإبادة والتجويع ومصائد الموت خلال توزيع المساعدات، وأمام بشاعة الجرم وفظاعة وهول المصير لأكثر من مليونى فلسطينى، بدأ البعض فى المعسكر الغربى يعيد النظر فى هذا الانحياز والنفاق، وقرر فى لحظة نادرة إعمال الحكمة عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكان من بينهم دول وشخصيات تحدت ضغوط الولايات المتحدة واللوبى الصهيونى، بل وجاهرت بكشف بربرية ونازية جيش الاحتلال الإسرائيلى، مثل اسبانيا والنرويج وأيرلندا وهولندا وغيرها، الا ان هناك مواقف مازالت شائنة لبعض الدول الغربية، المنسحقة أمام إسرائيل، تسير فى الفلك الأمريكى بالحق والباطل، وفى مقدمة هؤلاء ألمانيا وبريطانيا، حيث مازال موقف الأولى مخزيا وغير مبرر، ولم تستطع حتى الآن أن ترفع الصوت باتجاه إمكان الوعد فقط، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، مثلما فعلت فرنسا منافستها اللدود فى قيادة الاتحاد الأوروبى، حيث الخنوع الألمانى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لليهود مازال ساريا. ومن أسف إن ألمانيا مازالت الدولة الثانية، بعد الولايات المتحدة، التى تقدم نحو 30% من إجمالى الأسلحة والمعدات العسكرية الغربية لجيش الاحتلال الإسرائيلى، ناهيك عن مليارات الدولارات مساعدات، للتكفير عن أكاذيب الهولوكوست، ربما كان هناك موقف ضمنى ضئيل للمستشار الألمانى الجديد عبر عنه مؤخرا، وهو وقف تقديم بعض أنواع الأسلحة لتل أبيب، وربما هذا عائد إلى حرج برلين المحشورة فى دائرة الانتقاد داخل المجتمع الأوروبى قبل الدولى الذى يلاحق مواقفها البائسة وتأييدها الأعمى للحرب الملعونة فى غزة، وهناك الكثيرون وأنا منهم يَرَوْن ان تلك المواقف الرجراجة لألمانيا لاتكفى، ولابد من تغيير تلك المواءمات الباهتة لأجل الحفاظ على ثقة حلفائها الأوروبيين والغرب عموما بها، ناهيك عن حفظ الحد الأدنى من مصداقيتها فى الشرق الأوسط، وعلاقاتها التى تريد لها التميز والمكاسب الاقتصادية مع العالم العربى، وبالتالى هذا الأمر يحتاج إلى خطوة واحدة وهى التخلى الألمانى عن حالة الإذعان لإسرائيل، وإعلان مواقف جريئة والاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم ، وليس الانتظار للإذن الأمريكى - الإسرائيلى، ناهيك عن إعلان إدانة ألمانية صريحة بوجه القتل والإبادة الجماعية والتجويع الإسرائيلى لسكان القطاع، هذا هو الحد الأدنى المقبول عربيا من ألمانيا.

أما الموقف البريطانى فعليه علامات استفهام وتعجب كثيرة، صحيح أن حكومة ستارمر أعلنت مؤخرا تحت ضغط الشارع البريطانى، ومطالبات 220 عضوا فى البرلمان البريطانى انها ستعترف بالدولة الفلسطينية، دون تحديد اطار زمنى ملزم، ناهيك عن وضعها شروطا إذا لم تنفذها حكومة نيتانياهو، فإنها ستضطر مرغمة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبالتالى هذا الموقف غير الواضح مردود عليه، بان بريطانيا التى مازالت سببا فى خراب الشرق الأوسط وفلسطين عموما، بسبب وعد بلفور المشئوم، ووقوفها وراء إنشاء دولة الكيان الصهيونى على الأراضى الفلسطينية، كان لزاما عليها، ان تكون من أوائل الدول السباقة فى نفض غبار العار، الذى يكبل رقاب البريطانيين لأكثر من مائة عام، وان تكون منذ اليوم الأول مناهضة ومحذرة لإسرائيل من عنصرية الحرب المجنونة على القطاع ، وكان أفضل رد عملى يمحو هذا العار البريطانى، ويكفر عن هذا الذنب، هو الاعتراف فى الحال بالدولة الفلسطينية، ولكن من أسف بريطانيا مثل ألمانيا، تسير تحت الوصاية الأمريكية، وترتضى بدور التبعية لواشنطن، دون ان يكون لها استقلالية القرار بشان قضايا الشرق الأوسط، حتى لاحظ الجميع، ان رئيس الوزراء البريطانى صار دوره نيل رضا ترامب، مهما كانت التكلفة.

لامبالغة فى القول إن الموقفين الألمانى والبريطانى، لايختلفان عن الموقف الأمريكى، الذى صار فى عهد السيد ترامب أكثر فظاعة واهتراء بشأن قضايا الشرق الأوسط، وأكثر فجاجة بشأن حرب الإبادة والجوع فى غزة، والحقوق الفلسطينية، حيث الانحياز لحكومة القتل على يد نيتانياهو بات أكثر مطابقة، والإسراع بتوفير الغطاء السياسى، والحاضنة المالية والعسكرية لتل أبيب باتت أكثر انكشافا، فى مقابل وعود من الخداع والمراوغة من ترامب ومساعديه روبيو وبيتكوف، حيث يجاهر الرجل بالباطل والكذب طيلة الوقت، ويخرج بتصريحات متناقضة ومملة بشكل يومى، ويلجأ الى حيلة الادعاءات الكاذبة بأن هناك اتفاقا على صفقة خلال أيام، ثم خلال ساعات، وفى المحصلة لاشىء على ارض الواقع، اللهم إعطاء الوقت والغطاء لنيتانياهو وجيش الاحتلال لمواصلة المقتلة، وتصدير فنون الكذب وحيل الاستعراض والإثارة التى أدمنها ترامب، بانه لو كان فى البيت الأبيض لما حدث هذا العدوان فى غزة، فى حين أن منطق الأمور يقول إنه كان قادرًا خلال الأشهر الثمانية التى قضاها حتى الآن فى البيت الأبيض، ان يأمر باتصال هاتفى واحد مع نيتانياهو بوقف تلك الحرب نهائيا والى الأبد، ولكن للأسف بات واضحا انه لايوجد حمرة الخجل، لدى فريق من الغرب المنافق فى أمريكا وألمانيا وبريطانيا، الذى مول وأسهم فى أبشع حروب القرن الحادى والعشرين فى غزة، على يد النازيين الجدد فى تل أبيب، برعاية وغطاء دولى مخز وفاضح لهم.


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: