بكل تأكيد الشرق الأوسط قبل الحرب الإسرائيلية - الإيرانية الاخيرة ليس كما بعدها، تطورات متلاحقة كثيرة ومياه ستجرى أسفل النهر، سلبا أم ايجابا، عودة الحرب مجددا فى قادم الأسابيع والأشهر المقبلة وارد وبقوة، إيران لديها تصميم وعزيمة على المضى قدما فى المشروع النووى بالرغم من استهداف المواقع الثلاثة نطنز وأصفهان وفوردو. التضارب بشأن مكان اخفاء قرابة الخمسمائة كيلو جرام من اليورانيوم المخصب من قبل الإيرانيين، مازال يثير ذعر وهلع وغضب وحيرة ترامب ونيتانياهو اللذين هددا بالعودة إلى قصف طهران من جديد. الأول توعد بالعودة بضرب إيران بقوة اذا أقدمت على التمسك بالتخصيب، والسعى إلى تصنيع أول قنبلة نووية، ودخل فى حملة تلاسن مع المرشد الإيرانى على خامنئى وأبلغه بأننى أنقذتك من موت شنيع ومهين على يد الإسرائيليين، ونيتانياهو ووزير دفاعه طالبا جيش الاحتلال بإعداد خطة تنفيذية عاجلة والاستعداد لمعاودة ضرب إيران، وبالتالى الرهان على وقف الحرب نهائيا صعب إن لم يكن مستحيلا وباتت لدى ترامب ونيتانياهو قناعة ان الضربة القادمة لابد ان تنال من شخص المرشد الأكبر، بصريح العبارة الإيرانى لم ولن يتوقف او يتراجع عن انتاج القنبلة النووية - حلمه الأثير - نفسه طويل أتذكر عندما زرت طهران برفقة وزير الخارجية الأسبق أحمد ماهر، وبقيت بها أربعة عشر يوما لعمل حوارات وتقارير صحفية، أن ابلغنى عديد المسئولين الإيرانيين يومها، بأن صراعهم مع تل أبيب صراع وجود وأننا يحكمنا عقلية البازار ويسكن رءوسنا صبر حياكة السجاد، وأشار بعضهم لى هذا هو منهجنا لنكون الاقوى فى الاقليم، وعندئذ ستأتى لحظة الخلاص من الكيان الغاصب فى إشارة إلى إسرائيل.
ولكن فى المقابل هل ينجح ترامب فى إيجاد جبهة عربية أو شرق اوسطية مواتية، لضمان نسف جبهة التأييد النسبى التى اصطفت مع إيران فى حربها الأخيرة، عبر إنهاء العملية العسكرية للاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة الأسبوع المقبل، كما تعهد، وانهاء قضية الاسرى وتحقيق سلام شامل، وتوسيع الاتفاق الإبراهيمى لضم دول عربية مقابل خطة أمريكية لإقامة دولة فلسطينية وتجديد سلطة محمود عباس، وضم سوريا ولبنان للاتفاق الإبراهيمى بمعاهدات سلام مع تل أبيب. الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط لديه شكوك كبيرة فى نجاح ترامب فى إقامة دولة فلسطينية ،عندما تواصلت معه فى الايام الماضية أبشره بامكانية فرص التسوية فى القطاع، وخطة ترامب للدولة الفلسطينية ودخول دول عربية ضمن قائمة الاتفاق الإبراهيمى، الرجل لم يكن متفائلا، ابلغنى بأنه مادام بقى نيتانياهو فى حكم إسرائيل فسيكون من الصعب على ترامب وغيره تمرير حلم إقامة الدولة الفلسطينية، والأخير ليس إسحاق رابين أو مناحم بيجِن ليوقع اتفاقات سلام يتنازل فيها عن الأرض التى احتلها جيش اسرائيل، اللهم إلا اذا كان لدى ترامب خطة غير معلومة للإطاحة بشخص نيتانياهو والخلاص منه عبر تسوية لقضايا الفساد والاحتيال والرشاوى المالية المتهم فيه الاخير، وعاد أبوالغيط ليؤكد مسامعى ان ترامب ربما ينجح فى الخطوة الأولى فى القريب، بوقف الحرب فى غزة وتحريك قضية الاسرى وإنهاء حرب الإبادة فى القطاع، وذلك يمكن ان يحدث باتصال هاتفى واحد من قبله ولكن فرص تسويق انضمام دول عربية للاتفاق الإبراهيمى، صعب فى هذا التوقيت، مادامت لم تتحقق الشروط العربية لإقامة الدولة الفلسطينية كما تتمسك المملكة العربية السعودية.
فى ضوء هذا المشهد الدراماتيكى فى الاقليم ، ونتائج الحرب الاسرائيلية - الإيرانية وخسائرها وفرص معاودتها، ناهيك عن تساؤلات الغالبية فى الشارع العربى، يعن لى سؤال عن شكل واسم الدولة القادمة فى الاقليم التى تستعد للمواجهة القادمة مع إسرائيل، بفعل استفزازات نيتانياهو لحلم الشرق الأوسط الجديد. بكل تأكيد تلك التطورات باتت تدفع بالحراك والبحث عن فرص وسياسات واستحكامات لوقف هذا التدهور المرتقب فى الإقليم، وتشكيل حائط صد عربى فى المقام الأول للحفاظ على الأمن القومى العربى أولا، وبعدها يمكن توسيع دائرة الرؤية والحركة لتشكيل تحالف شرق أوسطى أكبر، وبالتالى أولا إذن فرص حماية الأمن القومى العربى هذا باتت تحتاج الى قوة عسكرية تحميها وتوفر سياجات الحماية له، وهذا لن يتحقق إلا عبر الإسراع بإحياء معاهدة التعاون العسكرى العربى، التى تحتاج الى إعادة إحياء أو تطوير عاجل، خاصة ان المصريين قدموا خطة التطوير هذه عام 2014 وإنشاء قوة عسكرية عربية كدرع جماعية للحماية للامن والاستقرار، ويحتاج الأمر إلى إعادة قراءة وتمرير وإقرار جماعى لتلك الخطة، والإسراع باتخاذ خطوات عملية للتنفيذ والاقرار، والبديل الثانى فى حالة توافر الرغبة لحماية الامن الإقليمى يتوافر عبر الاستفادة من القدرات العسكرية المتوافرة لدى الأطراف العربية والإسلامية، وذلك يتم عبر تشكيل ناتو عربى - إسلامى يضم جميع دوله فى الاقليم، على ان يتولى هذا الناتو وضع خريطة طريق استراتيجية وعسكرية كبرى لنظام أمن إقليمى متماسك، ووأد مشروع نيتانياهو للعبث والتغيير فى الشرق الأوسط وفرض معادلات جديدة فى الإقليم تستطيع ان تجبر اسرائيل ونيتانياهو على الاتفاق على أولويات الأمن والاستقرارالاقليمى لجميع دول الاقليم عبر تسويق ومقابل إقامة دولة فلسطينية لاتهدد إسرائيل وبمعايير يتفق عليها فى أى اتفاق مرتقب فى هذا الشأن، ومن خلال أى من هذين الطرحين تصبح الاستراتيجية الجديدة قائمة وحاضرة فى وجه الطموحات الإسرائيلية التوسعية، وكذلك تتوافر القدرة المقبلة أمام دول الاقليم لتغيير قواعد الاشتباك السياسى أو العسكرى لو احتاج الأمر فى أى لحظة أو مواجهة مفتعلة من قبل إسرائيل.
لمزيد من مقالات أشرف العشرى رابط دائم: